واشنطن تشدد رقابة الاستثمارات المرتبطة بقدرات الصين العسكرية

واشنطن تشدد رقابة الاستثمارات المرتبطة بقدرات الصين العسكرية

أقرّ مجلس النواب الأميركي، الأربعاء، مشروع قانون يهدف إلى تدقيق الاستثمارات الأميركية في الصين، والتي قد تُسهم في تطوير تقنيات تعزز القدرات العسكرية لبكين. كما يحظر المشروع استخدام الأموال الحكومية لشراء معدات أو خدمات من شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية المدرجة على القائمة السوداء، وفقاً لوكالة “أسوشيتد برس”.

ويتضمن مشروع القانون، المؤلف من نحو 3 آلاف صفحة، والذي سيحال إلى مجلس الشيوخ لمراجعته، دعماً أميركياً لجزيرة تايوان ذاتية الحكم، التي تعتبرها بكين جزءاً من أراضيها، وتؤكد أنها ستعمل على “إعادتها بالقوة إذا لزم الأمر”.

وصدر مشروع قانون التسوية الذي يُجيز تخصيص 900 مليار دولار للبرامج العسكرية، بعد يومين من كشف البيت الأبيض عن استراتيجيته للأمن القومي، إذ تخلت إدارة الرئيس دونالد ترمب عن عبارات كانت تُصوّر الصين كتهديد استراتيجي، في عهد سلفه الرئيس جو بايدن.

وتأتي هذه التطورات في ظل تصريحات متضاربة من ترمب، الذي يبدو حريصاً على عدم إثارة غضب بكين وسط سعيه إلى عقد اتفاقيات تجارية مع الرئيس الصيني شي جين بينج الذي حثّ نظيره الأميركي على التعامل مع قضية تايوان “بحكمة”، باعتبارها مسألة تمس “المصالح الجوهرية” للصين.

ما أبرز بنود مشروع القانون الجديد؟

ويدعو مشروع القانون إلى زيادة التمويل المخصص للتعاون الأمني ​​المتعلق بتايوان إلى مليار دولار، بدلاً من 300 مليون دولار هذا العام، كما يوجه البنتاجون إلى إنشاء برنامج مشترك للطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع الجوي. ويدعم بند آخر مسعى تايوان للانضمام إلى صندوق النقد الدولي، ما يوفر للجزيرة ذاتية الحكم حماية مالية من الصين.

وجاء في استراتيجية الأمن القومي إن الولايات المتحدة “ستعيد التوازن في علاقاتها الاقتصادية مع الصين”، ما يُشير إلى أن ترمب يُولي اهتماماً أكبر لعلاقة اقتصادية مُتبادلة المنفعة مع بكين من اهتمامه بالمنافسة طويلة الأمد.

كما ذكرت الاستراتيجية الجديدة، أن واشنطن لا تؤيد أي تغيير أحادي الجانب للوضع الراهن في مضيق تايوان، وتشدد على ضرورة سعي الولايات المتحدة لردع ومنع أي صراع عسكري واسع النطاق. إضافة إلى أن الجيش الأميركي لا يستطيع، ولا ينبغي له، القيام بذلك بمفرده، داعياً اليابان وكوريا الجنوبية إلى زيادة الإنفاق الدفاعي.

وفشل الكونجرس العام الماضي في إقرار قانون الأمن البيولوجي (BIOSECURE Act)، الذي استند إلى الأمن القومي لمنع وصول الأموال الفيدرالية إلى عدد من شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية. 

وانتقد معارضون استهداف القانون حينها شركات بعينها، محذرين من أن هذا الإجراء “سيؤخر التجارب السريرية، ويعيق تطوير أدوية جديدة، ويرفع تكاليف الأدوية، ويضر بالابتكار”.

ولم يعد البند الوارد في قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) يحدد أسماء الشركات، بل يترك لمكتب الإدارة والميزانية مهمة إعداد قائمة بـ”شركات التكنولوجيا الحيوية المثيرة للقلق”، كما ينص مشروع القانون على توسيع استثمارات البنتاجون في مجال التكنولوجيا الحيوية.

نهج الكونجرس المتشدد  

وربما خففت إدارة ترمب من لهجتها تجاه الصين حفاظاً على هدنة هشة في حربهما التجارية، لكن الكونجرس يمضي قدماً في فرض المزيد من القيود.

وفي السياق، قال النائب راجا كريشنامورثي، كبير الديمقراطيين في اللجنة المختارة بمجلس النواب المعنية بالحزب الشيوعي الصيني: “تعكس هذه الإجراءات نهجاً جاداً واستراتيجياً لمواجهة الحزب الشيوعي الصيني”، مضيفاً أن هذا النهج “يتناقض تماماً مع الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البيت الأبيض”.

كما سمح البيت الأبيض هذا الأسبوع لشركة “إنفيديا” ببيع نوع متطور من رقائق الكمبيوتر إلى الصين، الأمر الذي أثار مخاوف لدى المتشددين تجاه بكين من أن يُساهم ذلك في تعزيز الذكاء الاصطناعي في البلاد.

وقال كريج سينجلتون، المدير الأول لبرنامج الصين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مركز أبحاث مقره واشنطن، إن “البنود المتعلقة بالصين في مشروع قانون الدفاع، الذي يحظى تقليدياً بتأييد الحزبين، تُوضح أنه بغض النظر عن لهجة البيت الأبيض، فإن الكونجرس يُرسّخ منافسة حادة وطويلة الأمد مع بكين”.

وأضاف: “إذا أُقرّت هذه الأحكام، فإنها سترسخ قاعدة متينة لسياسة التنافسية الأميركية في مجالات رأس المال والتكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا الحيوية يصعب على الرؤساء المستقبليين التراجع عنها بهدوء”.

إدانة صينية

في المقابل، أدانت السفارة الصينية في واشنطن، الأربعاء، مشروع القانون. وقال ليو بينجيو، المتحدث باسم السفارة: “يُواصل مشروع القانون تضخيم خطاب التهديد الصيني، والترويج للدعم العسكري لتايوان، واستغلال سلطة الدولة لمهاجمة التنمية الاقتصادية الصينية، والحدّ من التبادل التجاري والاقتصادي والشعبي بين الصين والولايات المتحدة، وتقويض سيادة الصين وأمنها ومصالحها التنموية، وعرقلة جهود الجانبين في استقرار العلاقات الثنائية”.

ويعمل صناع السياسات والمشرعون الأميركيون منذ سنوات على سنّ تشريع بتوافق الحزبين للحدّ من الاستثمارات في الصين في مجالات التقنيات المتطورة، مثل الحوسبة الكمومية، والفضاء، وأشباه الموصلات، والذكاء الاصطناعي. 

وباءت هذه الجهود بالفشل العام الماضي، عندما عارض إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، مشروع قانون الإنفاق، إذ يمتلك ماسك مصالح تجارية واسعة في الصين، بما في ذلك مصنع تسلا الضخم في مدينة شنغهاي الشرقية.

وأُدرج هذا البند في مشروع قانون سياسة الدفاع الذي لا بدّ من إقراره، والذي رحّب به النائب الجمهوري جون مولينار، ورئيس اللجنة المختارة في مجلس النواب المعنية بالحزب الشيوعي الصيني.

وقال: “لطالما استُخدمت أموال المتقاعدين والمستثمرين الأميركيين، التي جمعت بشق الأنفس، في بناء الجيش والاقتصاد الصيني. وسيساعد هذا التشريع في وضع حدٍ لذلك”.

المصدر : الشرق