تتسارع التحركات الإيرانية نحو هدف رئيس وحيد هو التفاوض مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مباشرة. ولا تهدف التحركات إلى التوصل لاتفاق نووي فحسب، بل تستعد كذلك لإعادة تعريف العلاقات بينها والولايات المتحدة.

وإلى جانب الخطوات التي اتخذتها إيران في شأن اتفاق الشمول المالي (فاتف)، ورسائل وزير خارجيتها عباس عراقجي إلى إدارة ترمب الجديدة بضرورة التخلي عن “سياسة الضغوط القصوى” واتباع نهج أكثر تقارباً مع إيران، فضلاً عن تواصل المسؤولين الإيرانيين مع بعض المسؤولين في إدارة ترمب الجديدة، جاء لقاء الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مع المذيع ليستر هولت على قناة “أن بي سي” الأميركية ليتضمن رسائل واضحة ومباشرة إلى ترمب.

لم يكُن رد الفعل على اللقاء التلفزيوني جيداً من قبل المتشددين داخل إيران، فعملت كل وسائل الإعلام التابعة لهم على انتقاد الحوار، والأهم هو اتهامهم بزشكيان بتجاهله خطاً أحمر رئيساً في العلاقة بين طهران وواشنطن، هو الثأر لمقتل قاسم سليماني خلال إدارة ترمب، إذ أكد بزشكيان استعداد إيران للتفاوض المباشر مع الإدارة الأميركية المقبلة وتجنب الحرب.

ومنذ فوز ترمب بالانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2024، حرصت وسائل الإعلام المتشددة داخل إيران على تصوير المفاوضات مع إدارته على أنها خط أحمر.

ومع ذلك بدا من التطورات خلال الأشهر الأخيرة وتحركات حكومة بزشكيان ثم مقابلته التلفزيونية أن هذا الخط الأحمر لم يعُد موجوداً منذ فترة طويلة، ولا تستبعد إيران التفاوض مع الإدارة الأميركية المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على الجانب الآخر، أكد عراقجي أنه تم إجراء مفاوضات نووية مع الأوروبيين، وبخلاف ذلك، لم تكُن لديهم أية محادثات أخرى في الوقت الراهن، فقد عقد الدبلوماسيون الإيرانيون حتى الآن ثلاث جولات من المفاوضات مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا في شأن استئناف المحادثات النووية، فعقدت جولة واحدة من بينها في نيويورك والجولتان الأخريان في جنيف. وقال نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية إنه في الجولة الأخيرة من المفاوضات، أجريت مشاورات مع الدول الأوروبية حول “أفكار في مجالات رفع العقوبات والقضايا النووية”.

من المؤكد أن إيران تعطي الأولوية لمطلبين رئيسين في أي اتفاق محتمل مع الولايات المتحدة، أولاً، رفع العقوبات لتحقيق استقرار الوضع الاقتصادي، وثانياً، الحفاظ على برنامج تخصيب اليورانيوم. ونظراً إلى السياق الإقليمي الحالي ووضع إيران داخله الذي ضعف تأثيره بفعل الضربات الإسرائيلية واستهداف وكلائها في المنطقة، فإن طهران تنتظر الآن رسائل ترمب إليها ولن تتعنت مثلما حدث خلال إدارته السابقة في ظل وساطات اليابان بينهما، والتي تعنت فيها المرشد وقال مراراً “ليست لديه أية رسائل إلى ترمب”.

الآن وسط ما تعانيه إيران من ضعف وتراجع إقليمي ومع مجيء ترمب واستمرار الوضع الاقتصادي المتأزم داخل البلاد، لم يعُد لديها سوى التفاوض مباشرة مع ترمب، مما أكده بزشكيان في حديثه التلفزيوني.

وليس صحيحاً أن إيران ليس لديها ما تخسره الآن، فلديها هدف رئيس هو الحفاظ على بقاء النظام الحالي وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، ستتفاوض مع ترمب مباشرة. لذا تسير في كل الاتجاهات، فمن المنتظر خلال ساعات زيارة بزشكيان لروسيا من أجل توقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية، إذ تستهدف طهران تحييد موسكو حتى لا تعمل على عرقلة أي اتفاق مستقبلي أو مفاوضات بين إيران وترمب.

إن ما ينتظره الإيرانيون من المفاوضات مع الغرب هو الدخول في حوار ووضع شروط إيران على الطاولة والحصول على الضمانات اللازمة، مقابل تنازلات ستقدم لترمب وربما عقد صفقات للتعاون في مساحات مشتركة تخدم أهداف الرئيس الأميركي المنتخب.

نقلاً عن : اندبندنت عربية