بعد دعوته المفوضية الأوروبية إلى عدم الرد الانتقامي على فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً وتعرفة جمركية على الصادرات الأوروبية، طلب اتحاد صناعة السيارات لدول الاتحاد الأوروبي فتح المجال أمام الصين لإقامة مصانع سيارات في دول الاتحاد وتسهيل ذلك بعدم تصعيد فرض الرسوم والغرامات على المنتج الصيني.
ويطالب صناع السيارات الأوروبيين، خصوصاً في ألمانيا، بإبرام صفقة مع الصينيين تتضمن فتح مصانع سياراتهم في دول أوروبا بالتوازي مع تقليل الإجراءات العقابية الأوروبية على السيارات الكهربائية الصينية. وفي مقابلة مع صحيفة “فايننشال تايمز”، قال رئيس شركة “مرسيدس – بنز” الألمانية لصناعة السيارات ورئيس اتحاد صناعة السيارات الأوروبي أولا كالينيوس إن “على المفوضية الأوروبية الاستفادة من تجربة الصين قبل عقود”.
فمنذ أعوام طويلة، طلبت الصين من شركات صناعة السيارات الأوروبية الاستثمار محلياً في الصين كي تتمكن من الوصول إلى السوق الصينية، مما يراه كالينيوس ممكناً لحل جزء من النزاع التجاري بين بروكسل وبكين.
وأضاف أنه “لا يمكن لأحد أن يختلف على أن اللعب على أرضية من المساواة يتطلب نقاشاً مشروعاً، يبقى الأمر أداة تلجأ إليها”، مستدركاً “لكن علينا ألا نسرع العملية الحمائية لأننا أيضاً سنخسر كثيراً”.
رسوم وحمائية
وفرضت المفوضية الأوروبية ببروكسل في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 تعرفة جمركية بنسب تصل إلى 45 في المئة على السيارات الكهربائية الصينية، بعد الزيادة الكبيرة في مبيعات تلك السيارات في الدول الأوروبية، وفتحت المفوضية تحقيقات عدة حول الإغراق والدعم، متهمة الشركات الصينية بتلقي دعم غير عادل.
في المقابل، ردت بكين على ذلك بفرض رسوم وتعرفة جمركية لدواعي الإغراق على منتجات أوروبية من بينها منتجات الألبان.
وتأتي شركات صناعة السيارات الألمانية في مقدمة الشركات والأعمال الأوروبية المعارضة بشدة للإجراءات الحمائية وتطالب بوقف بروكسل فرض الرسوم والتعرفة على السيارات الصينية، إذ تخشى تلك الشركات من إجراءات صينية مضادة تضر بها وأيضاً من ضعف اهتمام المستهلكين الصينيين بمنتجاتها، في وقت بدأت مبيعات الشركات الأوروبية في السوق الصينية تتراجع نتيجة زيادة مبيعات الماركات الصينية، وأن تلك الشركات تعاني حدة المنافسة مع شركات صينية تبيع منتجاتها من السيارات الكهربائية بأسعار أفضل مثل شركة “بي واي دي”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكما فعلت الصين من قبل، يطالب بعضهم المفوضية الأوروبية باتخاذ قرارات توافقية، فحين سعت شركات صناعة السيارات الألمانية في ثمانينيات القرن الماضي إلى تثبيت وضعها في الاقتصادات الآسيوية الصاعدة قبلت بالدخول في شراكات مع الصينيين.
وعن ذلك، قال كالينيوس إنه “يبقى قرار المفوضية الأوروبية ولها أن تتعامل بالمثل مع الشركات الصينية”، موضحاً أنه “حين ذهبنا إلى الصين، طلب منا السياسيون وقتها أن نصنّع هناك إذ كنا نريد حصة من السوق المحلية، وعلى حد فهمي فإن السياسيين الأوروبيين يقولون الشيء ذاته بالنسبة إلى الصينيين، وأعتقد بأن ذلك نقاش مشروع”، مستدركاً “لكن يعني أيضاً أن تفتح الأسواق لتكون أرضية لعب عادلة ودَع صاحب الأداء الأفضل يكسب”.
مصانع سيارات صينية
لكن إقامة الشركات الصينية مصانع سيارات في دول أوروبا قد لا يكون أمراً سهلاً، إذ تخطط المفوضية الأوروبية لفرض قيود جديدة بتشديد الشروط المفروضة على الشركات الصينية التي تبني مصانع في أوروبا ومطالبتها بمشاركة المعرفة التكنولوجية لديها.
وتخطط شركة “بي واي دي” الصينية لصناعة السيارات لبناء مصنع لها في المجر، كذلك وافقت شركة “سي أي تي أل” على بناء مصنع لبطاريات الليثيوم المستخدمة في السيارات الكهربائية بكلفة 4.1 مليار يورو (4.3 مليار دولار) في إسبانيا.
وأشار كالينيوس إلى أن الرسوم والتعرفة الجمركية ستضر بصناعة السيارات، مطالباً بأن تتوصل بروكسل وبكين إلى صفقة تُلغى بموجبها الرسوم والتعرفة الجمركية، ولفت إلى أن الصين أصبحت جزءاً لا يتجزأ من سلسلة الإمداد والتوريد العالمية في قطاع صناعة السيارات بما في ذلك توفير المواد الخام والرقائق الإلكترونية المتقدمة والمكونات الأخرى، مضيفاً “نريد فحسب تنبيه صناع السياسات بالقول لا تنسوا ما جعلنا ننجح في هذا العالم المعقد”.
يذكر أن اتحاد صناعة السيارات الأوروبي بعث رسالة إلى القادة الأوروبيين الأسبوع الماضي، مطالباً فيها بعدم الرد الانتقامي على تهديدات الرئيس الميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم وتعرفة جمركية على الصادرات الأوروبية.
ولدى شركات صناعة السيارات الأوروبية مصلحة في أسواق أميركا الشمالية حيث قدر كبير من مبيعاتها الدولية.
نقلاً عن : اندبندنت عربية