إعداد: أحمد البشير
في عالم الأعمال، هناك قصص تصعد بصمت، وأخرى تُكتب بصخب. لكن قصة الملياردير النمساوي راينولد غايغر تنتمي إلى النوع الأول.. مسيرة طويلة من العمل والاستثمار الذكي، بدأت متواضعة، وانتهت بقيادة واحدة من أشهر علامات التجميل في العالم، «لوكستان».
وُلد غايغر في 10 يوليو من عام 1947 في النمسا، وهو ابن لنجّار بسيط، بعيداً تماماً عن عالم المال والأعمال الكبرى. غير أن شغفه المبكر بالهندسة والتقنية دفعه إلى الالتحاق بالمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة في عام 1969، قبل أن يكمل لاحقاً دراسته العليا في إدارة الأعمال ويحصل على ماجستير من مدرسة «إنسياد» المرموقة في فرنسا عام 1976.
بوابة الثروة
بعد تخرجه، لم يدخل غايغر مباشرة عالم الشركات الكبرى، بل بدأ بتأسيس عدد من الشركات الصغيرة، من بينها شركة سياحية في لندن. غير أن التحول الأهم في مسيرته جاء عام 1978، عندما أسّس في باريس شركة «أيه إم إس باكيجنج» المتخصصة في تصنيع عبوات مستحضرات التجميل والعطور. وهذه التجربة منحته فهماً عميقاً لصناعة الجمال من زاوية صناعية وتجارية، قبل أن يبيع الشركة لاحقاً محققاً أرباحاً جيدة شكّلت نقطة انطلاقه المالية الحقيقية.
في منتصف التسعينيات، وتحديداً في عام 1994، اتخذ غايغر قراراً غيّر حياته بالكامل، حين قرر الاستثمار في شركة فرنسية صغيرة آنذاك تُدعى «لوكستان إين بروفانس»، كانت تعتمد على المكونات الطبيعية المستخلصة من منطقة «بروفانس» الفرنسية. وبعد فترة قصيرة، تولى إدارة الشركة بشكل كامل، وبدأ في إعادة هيكلتها وتغيير استراتيجيتها.
وبخطوات مدروسة، حوّل غايغر الشركة من علامة محلية محدودة الانتشار إلى مجموعة عالمية في مجال مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة، مستفيداً من قوة الهوية الفرنسية، والطلب المتزايد في الأسواق الآسيوية على المنتجات الطبيعية والفاخرة. وفي عام 2010، تُوّج هذا المسار بإدراج شركة «لوكستان» في بورصة هونغ كونغ، في خطوة عززت حضورها العالمي وجذبت استثمارات ضخمة.
التوسع العالمي
تحت قيادة غايغر، لم تعد «لوكستان» مجرد علامة واحدة، بل أصبحت مجموعة متكاملة تضم عدداً من العلامات المعروفة في عالم الجمال. وبحلول العقد الثالث من الألفية، باتت المجموعة حاضرة في نحو 90 دولة، عبر أكثر من 3 آلاف نقطة بيع.
وفي عام 2021، أعلن غايغر تنحيه عن منصب الرئيس التنفيذي للشركة، محتفظاً بدوره رئيساً لمجلس الإدارة ومديراً تنفيذياً، في خطوة هدفت إلى فصل الإدارة اليومية عن الرؤية الاستراتيجية الطويلة المدى.
وفي واحدة من أبرز محطات مسيرته الحديثة، قاد غايغر عام 2024 عملية تحويل «لوكستان» إلى شركة مملوكة بالكامل للقطاع الخاص، عبر الاستحواذ على الأسهم المتداولة وشطب الشركة من البورصة. وهذه الخطوة، التي قُدّرت قيمتها بنحو 6 مليارات يورو، هدفت، بحسب تصريحه، إلى تحرير الشركة من ضغوط الأسواق المالية، ومنحها مساحة أوسع للاستثمار الطويل الأجل.
وبحسب أحدث تقديرات «فوربس»، تُقدّر ثروة راينولد غايغر اليوم بنحو 2.4 مليار دولار، ما يجعله من بين أغنى رجال الأعمال في النمسا.
المصدر : صحيفة الخليج
