بعد رفع العقوبات وكسر العزلة.. ماذا ينتظر سوريا في 2026؟

بعد رفع العقوبات وكسر العزلة.. ماذا ينتظر سوريا في 2026؟

تودع سوريا عام 2025 بإنجازات سياسية فاقت توقعات الكثيرين بعد تركة ثقيلة تركها نظام الأسد، لكن في المقابل شهدت أيضاً تحديات داخلية زادت المخاوف بشأن مستقبل السلم الأهلي الهش.

وفي ظل تفاؤل وحذر في آن واحد، تدخل البلاد عام 2026 محملة بآمال كبيرة في مساعيها لعودة الاستقرار، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، واستكمال المسار السياسي الداخلي، والتوصل إلى حلول دائمة للملفات العالقة.

ولعلّ أبرز ما حققه إدارة الرئيس السوري أحمد الشرع منذ الوصول إلى الحكم في 8 ديسمبر 2024 هو حصد تأييد دولي واسع، كانت ثماره طي صفحة العقوبات الأميركية والأوروبية، ولا سيما إلغاء قانون قيصر الذي أثقل كاهل البلاد لسنوات.

وهي الخطوة التي جعلت السوريين يتنفسون الصعداء ويأملون بانفراجة تفتح الباب لإعادة الإعمار، وما قد تجلبه من استثمارات ومشاريع تُنعش الاقتصاد، وتزيد فرص العمل، وترفع الدخل، وتحسّن مستوى المعيشة، وسط ترقب لإصدار عملة سورية جديدة دون تحديد موعد رسمي لذلك.

كما أصبحت سوريا العضو رقم (90) في التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، ما شكّل خطوة مهمة لكسر العزلة التي عاشتها البلاد لأكثر من عقد.

ومع ذلك، لا تزال هناك جملة من التحديات التي ستجعل مهمة دمشق أصعب مما يمكن تصوره، إذ لم يتحقق مثلاً أي تقدم ملموس في اتفاق 10 مارس مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، والذي تنتهي مهلته نهاية العام.

في هذا التقرير تحاول “الشرق” استشراف المشهد السوري في عام 2026، من خلال عدد من الخبراء والباحثين في المجال السياسي والاقتصادي.

اعتبر رئيس حركة “البناء الوطني” أنس جودة، أن عام 2026 سيكون “عام الهشاشة”، بما يشمل “هشاشة الدولة، والمجتمع، والواقع الأمني”، مشيراً إلى وجود مسارات محتملة لتحقيق ترميم جزئي في الواقع الاقتصادي أو تحسّن محدود في الوضع الأمني، لكنه يضع هذه المسارات ضمن سقف منخفض التوقعات.

من جانبه، رأى عضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب نوار نجمة، أن أبرز التحديات التي تواجه البلاد في العام القادم تتركز بشكل رئيسي في الواقع الأمني والاقتصادي.

أما على الصعيد الاقتصادي، فرجّح رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها أيمن مولوي، أن رفع العقوبات سيكون له أثر إيجابي على واقع الاقتصاد السوري في 2026، متوقعاً ارتفاع الناتج المحلي بنحو 5% خلال العام المقبل.

تحديات أمنية واقتصادية

وبشأن توقعاته للوضع في سوريا عام 2026، قال أنس جودة: “نحن أمام حالة وسطى دقيقة، تتأرجح بين الانفجار والاستقرار، حيث لا حرب شاملة في الأفق، ولا دولة مستقرة تتشكّل. لذلك يمكن وصف العام القادم بأنه عام إدارة الهشاشة أكثر من كونه عام حلول كبرى أو تحولات حاسمة”.

وأوضح جودة لـ”الشرق”، أن العامل الحاسم هو “عدم قدرة أي طرف سوري أو إقليمي على ضبط هذا الواقع أو التحكم بمآلاته، معتبراً أنه “في ظل غياب توافق عام على شكل الدولة، وحدود السلطة، ووظائفها، يبقى الاستقرار الكامل غير قابل للتحقق، كما تبقى الانفجارات الكبرى غير مرجّحة في الوقت نفسه”.

وفي ما يتعلق بالتحديات التي تواجه البلاد، أجمع الخبراء على أن الأكثر خطورة وأهمية هي “التحديات الأمنية والسياسية، تليها قضايا السلم الأهلي، والعدالة الانتقالية، ثم قضايا الاقتصاد”.

وأشار عضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب نوار نجمة، إلى أن الدولة قطعت شوطاً كبيراً في المسائل الأمنية، لكن “لا تزال تشكل خطراً أمام قيام الدولة السورية الجديدة، ووحدة الأراضي السورية، إلى جانب واستعادة الثقة بين كل مكونات الشعب السوري، والمشاركة السياسية لهم”.

وأضاف أن الملف الثاني من حيث الأهمية يتمثل في التحدي الاقتصادي على مستوى الإمكانيات، بما في ذلك المشاريع، والرؤئ، وإعادة الإعمار، لافتاً إلى أنه “لا بد من رؤية اقتصادية جديدة تقوم على مبادئ الثورة السورية، من خلال العدالة الاجتماعية، وإعادة توزيع الدخل القومي بالشكل العادل، وانعكاس الإصلاحات على الطبقات الضعيفة والفقيرة، وأن يكون ناتج الازدهار الاقتصادي للمجتمعات التي ضحت في الشمال واللاجئين، إضافة إلى قضايا التعليم والصحة”.

من جانبه صنّف جودة التحديات الأمنية في 3 مستويات، الأول هو “المستوى البيني، داخل معسكر السلطة والفصائل، أي الصراع بين القوى التي شكّلت تحالفات المرحلة الانتقالية”، واصفها إياه بـ”صراع نفوذ وموارد في ظل غياب عقيدة أمنية موحّدة، بعيداً عن الخلافات  السياسية الطبيعية، ما يجعل الأمن الداخلي هشّاً وقابلاً للاهتزاز عند أي أزمة”.

أما المستوى الثاني، فيتمثل في “الصراع بين مناطق السيطرة القائمة أو المحتملة: مناطق قسد (شرق وشمال شرق)، والسويداء (جنوب)، الساحل (غرب) والتنف (شرق)، وشمال حلب، حيث يتصف هذا المستوى بأنه شديد التعقيد، لأنه يجمع بين السلاح، والهوية، والاقتصاد المحلي، والتدخلات الخارجية، ويجعل أي محاولة لضبط الأمن مسألة إدارة تماسّات أكثر منها سيطرة فعلية”.

في حين وصف جودة المستوى الثالث، بأنه “الأخطر استراتيجياً”، وهو “التحدي الأمني الإسرائيلي وملف الجنوب، الذي لا يخضع للمعادلات الداخلية ولا للتسويات المحلية، بل لحسابات إقليمية ودولية أوسع، قابل للتصعيد في أي لحظة”.

وفي إطار التحديات الأمنية، يُشكل انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد “داعش”، دفعة للحكومة السوية إلى الأمام في التعاون العسكري الذي يشمل التنسيق والتدريب وتنفيذ مهمات مشتركة مع القوات الأميركية.

ورأى نجمة أن هذه الخطوة تُعد “جزءاً من سياسة جديدة، تقوم على مبدأ تحول سوريا من بؤرة لنشر الأزمات والتوتر في المنطقة عمل عليها النظام السابق، إلى العودة لدورها الطبيعي لتكون مركز للاستقرار والهدوء في المنطقة، وهو ما يجعلها دولة منسجمة مع القضايا العالمية، بما يؤدي إلى ازدهار واستقرار المنطقة على الصعيدين السياسي والاقتصادي”.

بينما قال جودة إن ملف “داعش” هو”أكبر التحديات الأمنية التي تواجه الحكومة”، إذ “يستغل التنظيم حالة الفراغ، ويقوم ببناء اقتصاد الظل، ويستثمر في الصراعات القائمة، ما يجعله عامل ضغط أو ورقة توظيف سياسي من أطراف مختلفة”.

وقال: “يمكن أن يؤثر هذا الواقع عبر 3 مسارات أساسية. أولاً، إزاحة الأولويات، حيث تُدفَع الحكومة دائماً لتقديم الأمن على الإصلاح، ومكافحة التهديدات الآنية على بناء المؤسسات. ثانياً، إضعاف مركزية القرار بسبب تعدد السلطات وتداخل الصلاحيات، ما يحوّل القضايا الأمنية اليومية إلى ملفات تفاوض مستمر. وثالثاً، تعميق اقتصاد الظل والتهريب، ما يعيد إنتاج أسباب التطرّف بدلاً من معالجتها”.

مصير اتفاق 10 مارس 

أثارت الاشتباكات الأخيرة التي وقعت في مدينة حلب بين القوات الحكومة السورية وقوات الأمن التابعة لـ”قسد” المتمركزة في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، المخاوف بشأن انهيار اتفاق 10 مارس، لا سيما أن المهلة المحددة لتنفيذه تنتهي بحلول العام الجديد.

وفي حديثه لـ”الشرق”، استبعد رئيس حركة البناء الوطني استكمال الاتفاق قبل نهاية العام، متوقعاً أن يتم إنجازه بشكل جزئي يفتح مساراً زمنياً ملزماً.

من جهته، يعتقد نجمة أن المشكلة الأساسية في شرق وشمال شرق سوريا، عدم وجود إرادة موحدة أو قرار موحد لدى القوة التي تسيطر على تلك المناطق، وأضاف: “من حيث الشكل هناك إدارة ذاتية موحدة، لكن من حيث المضمون هناك آراء مختلفة ضمنها، ما يجعل هذا الانقسام سبباً أساسياً في إعاقة الوصول لتطبيق اتفاق 10 مارس”.

وقال عضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب إن “لدى الحكومة السورية إرادة حقيقية لتنفيذ الاتفاق، لكن بالمقابل لم تحسم (قسد) أمرها داخل صفوفها”.

بدوره أشار جودة إلى أن ملف “قسد” هو الأبرز على طاولة التحديات في سوريا، وتابع: “من دون توافق سياسي، لا يمكن الحديث عن انتقال فعلي من الهشاشة إلى الاستقرار. والتعامل مع (قسد) كملف أمني- عسكري هو وصفة مؤكدة لاستنزاف طويل، من دون حسم، وبتكلفة بشرية عالية، ومن دون غطاء دولي أو إقليمي”.

ودعا إلى ضرورة “وجود مسار متبادل، بحيث تقوم (قسد) بتوسيع حضورها من حالة محلية إلى مشروع وطني سوري، ويتم التفاوض على أساس إعادة بناء العقد الاجتماعي، لا على إدارة منطقة فقط. كما أن على السلطة التخلّي عن منطق الإخضاع والتوصيف القانوني البسيط، لأن هذا المنطق لا ينتج دولة ولا وحدة”، بحسب تعبيره.

وحول دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش، رأى جودة أنه “لا يمكن أن يكون مجرد دمج وحدات أو أفراد. هذا دمج شكلي سيُنتج جيشاً بطبقتي ولاء. المطلوب هو إعادة بناء الجيش السوري نفسه على عقيدة وطنية متوافق عليها، لأن الدولة لا تُبنى بلا جيش وطني جامع”.

“فراغ تشريعي”.. وتأخير في تفعيل البرلمان

في وقت تترقب الأوساط السياسية شكل السلطة التشريعية القادمة التي لم تبصر النور رغم إجراء الانتخابات في سبتمبر الماضي.

ورداً على سؤال بشأن بدء انتهاء تشكيل البرلمان السوري، أوضح عضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، نوار نجمة، أن مطلع العام المقبل، سيشهد الإعلان عن انتهاء حالة الفراغ البرلماني، وتشكيل مجلس الشعب.

وقال: “يجري العمل على اللمسات الأخيرة لتشكيل المجلس، ومع تعيين الثلث الأخير سيتبعه مباشرة تحديد موعد الانعقاد ومزاولة المهام التشريعية، وجميع الأعمال الموكلة إليه”، مشيراً إلى أن التأخير في تسمية الثلث المتبقي من أعضاء مجلس الشعب يعود إلى دراسة التوازنات، ونقاط الخلل التي نتجت عن العملية الانتخابية، ومحاولة انتقاء أسماء تمتلك الكفاءة وتعوض الخلل في عملية التمثيل، خاصةً على صعيد بعض المكونات، والمرأة.

وأضاف نجمة: “التأخير في الثلث الأخير (الذي يُعينه الرئيس السوري) نتيجة الرغبة في اختيار دقيق ليحقق كل التوازنات التي لم تستطع الانتخابات المباشرة من قبل الهيئات الناخبة تحقيقها ضمن الثلثين”.

العدالة الانتقالية.. مسار بناء الدولة

يُمثل ملف العدالة الانتقالية أحد المسارات التي يتم التعويل عليها في تحقيق السلم الأهلي، وتخفيف حالة الاحتقان، والوصول إلى حالة الاستقرار المنشودة في سوريا بعد سنوات من الحرب.

وبشأن هذه القضية، أكد رئيس حركة “البناء الوطني”، أنس جودة، أن العدالة الانتقالية “يجب أن تكون الأساس في مسار بناء الدولة، لا أداة تصفية مرحلة”، مشيراً إلى أن الأولوية اليوم هي لـ”حفظ الحقوق قبل الحكم عليها، ومنع تحوّل الألم غير المعترف به إلى مظلوميات انفجارية جديدة”.

ورأى جودة أن “هذا الملف لا يمكن اختزاله بما جرى في السنوات الأخيرة فقط، بل يحتاج إلى مقاربة أعمق تعود إلى جذور الصراع المجتمعي في سوريا. والذي بسبب تعقيده وطول مساره، هناك خطوتان أساسيتان يمكن البدء بهما فوراً دون تدمير الملف”.

وتابع: “الخطوة الأولى هي تثبيت الانتهاكات والحقوق، والسماح لجميع السوريين، من كل الأطراف، بتوثيق ما تعرّضوا له من انتهاكات وجرائم، وتسجيل ملفات المفقودين، وهو ما يحتاج إلى آلية محايدة ذات طابع دولي تضمن الثقة وتحفظ الحقوق من الضياع”.

أما الخطوة الثانية لتطبيق مسار العدالة الانتقالية، وفقاً لجودة، تتمثل في “فتح مساحة للحديث والاعتراف وإظهار الحقائق، بحيث يروي الجميع سردياتهم، ويرون أن مظلوميّاتهم ليست الوحيدة. هذه الخطوة تمنع تحويل الذاكرة إلى وقود صراع جديد”.

وحذّر رئيس حركة “البناء الوطني” من أن “المحاسبة الانتقائية التي تُوجَّه نحو طرف واحد ستُقرأ كفعل انتقامي”، وقال: “نحن أمام أطراف متعددة شاركت في الانتهاكات، وإذا لم تكن هناك قدرة حقيقية على محاسبة الجميع ضمن إطار واحد وعادل، فمن الأخطر فتح هذا الملف بشكل جزئي”.

توقعات بزيادة الناتج المحلي 5%

على أهمية الملف الأمني ومسار العدالة الانتقالية، لكن ينتظر السوريون نتائج ملموسة بشكل أكبر على الصعيد الاقتصادي، لا سيما بعد رفع البلاد من قائمة العقوبات، والوعود المتعلقة بقدوم الاستثمارات التي ستنعكس على واقع البلاد.

وفي هذا الصدد، قال رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها، أيمن مولوي، إن “رفع العقوبات سيكون له أثر إيجابي على واقع الاقتصاد السوري في 2026، خاصةً أنه ترك أثراً سلبياً على الصناعيين والمستثمرين في السنوات الماضية”.

وتوقع مولوي أن يرتفع الناتج المحلي السوري بنحو 5% خلال عام 2026، وذلك بالمقارنة مما كان عليه في العام الحالي، مشيراً إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد تتمثل بدخول البضائع المستوردة من كل الأقطار، وتنافسها مع المنتجات المحلية، حيث دخلت بعض هذه المنتجات من دون أي التزام بالمعايير.

وأضاف: “مع ذلك شهدت بعض القطاعات تحسناً ملحوظاً خلال عام 2025، ففي قطاع الصناعة مثلاً تم إعادة تأهيل وترميم منشآت العديد من الصناعيين، إضافة زيادة عدد الممثلين في الغرفة إلى نحو 300  صناعي”.

وأوضح المستشار الاقتصادي أسامة القاضي لـ”الشرق”، أن “الاقتصاد السوري تحسن بشكل كبير مقارنة بـ2024، الذي كان عام الفقر والجوع”، لافتاً إلى أن التحسن شمل العديد من المجالات، بما في ذلك الصناعة، والزراعة، والخدمات. 

وأضاف أن إيرادات المعابر أصبحت تعود إلى خزينة الدولة، على خلاف ما كان عليه الوضع في عهد النظام السابق، حيث اقتصرت الإيرادات على معبرين فقط هما نصيب (حدودي مع الأردن) والمصنع (حدودي مع لبنان)، بالإضافة إلى زيادة عدد السكان، في ضوء عودة جزء من اللاجئين، حيث دخل سوريا على الأقل مليون شخص واستقروا فيها.

وتابع القاضي: “شهدت كذلك المدن الصناعية في (الشيخ نجار) بحلب، وعدرا بريف دمشق، وحسياء التابعة لحمص عودة الكثير من المصانع إلى العمل بشكل فعلي، إلى جانب 8 مشاريع جديدة يجري العمل عليها لصناعة الأدوية قيد الإنشاء حالياً في الشيخ نجار، و15 ألف ورشة تعمل بشكل حقيقي”.

كما تحدّث الخبير الاقتصادي عن عودة النشاط إلى مرفأي اللاذقية وطرطوس حيث امتلأت أرصفتهما بالبواخر، الأمر الذي لم يحدث في تاريخ سوريا سابقاً، منوهاً إلى اختيار مجلة The Economist البريطانية سوريا “دولة العام 2025” في تقريرها الذي صدر خلال وقت سابق هذا الشهر.

وعلى صعيد الزراعة، أشار إلى استعادة الكثير من الفلاحين لأراضيهم في الأرياف التي كانت تتتعرض للقصف خلال سنوات الحرب، وبدأوا العمل على زراعتها، موضحاً أن هذا الأمر أدى إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي، لأنه سيساهم في عملية خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ويمنح المزيد من الاستقرار.

وتوقع القاضي أن يشهد عام 2026 “قفزة مقبولة جداً”، وفق تعبيره، سواء في الزراعة، أو الصناعة، وغيرها من القطاعات، وذلك لأن “إلغاء قانون قيصر سيفتح شهية المستثمرين للدخول إلى سوريا، التي لم يُستثمر منها حتى 5% خلال نصف قرن مضى، متوقعاً أن يتم افتتاح 5 إلى 10 مصارف عربية في سوريا.

وقال أيضاً: “ستبدأ سوريا أيضاً بإدخال إيرادات من النفط عن طريق الشركات التي تعاقدت مع الحكومة سواء شيفرون الأميركية وغيرها، وهو ما كان يشكل ثلث ناتج الدخل القومي”.

وزاد: “هناك تحديات تتعلق بالتعديلات التشريعية على التركة التي خلفها نظام البعث، لأن هناك قوانين منذ سنوات طويلة، تعطل الاقتصاد وعمليات الإعمار، حيث توجد 3 هيئات عقارية لديها مصالح متضاربة، والتي كانت توفر المناخ المناسب للفساد في السابق للحصول على استثناءات عن طريق الرشاوى. كما أن هناك تحديات في البنية المصرفية، وحاجة إلى مليون جهاز دفع إلكتروني يوزع على منافذ البيع، وماكينات سحب الأموال، حيث يوجد الآن فقط 300 ماكينة، بينما الحاجة إلى 3 آلاف”.

واعتبر القاضي أن “أبرز التحديات التي ستواجه الاقتصاد السوري هي رفع دخل المواطن، الذي لا حل له سوى خلق فرص عمل، وإدخال مشاريع جديدة”.

مذكرات تفاهم دون مشاريع فعلية

وفي سياق الواقع الاقتصادي السوري، لا يرى الخبير عمار يوسف، أن الاقتصاد المحلي حقق تحسناً خلال العام الجاري، وذلك بحسب قوله لعدة أسباب، “أولها أنه كان هناك تغييراً في بعض الأنظمة التي أثّرت بالاقتصاد، على غرار دخول كمية هائلة من السيارات إلى البلاد، وخرجت مقابلها نسبة كبيرة من القطع الأجنبي، وهو ما انعكس على توفر القطع الأجنبي، وحبس السيولة المستمر منذ سقوط النظام حتى الآن”.

وأضاف يوسف: “رغم أن العام 2025 شهد توقيع العديد من مذكرات التفاهم، لكن لم يدخل فعلياً أي نقد أو مشاريع فعلية. ولم يشعر المواطنين بتحسن ملحوظ على مستوى المعيشة والدخل، نتيجة غلاء الأسعار، فحتى مع زيادة الرواتب لا يزال المواطن فقيراً، ويعتمد على مدخراته، من وجود مشاريع اقتصادية جديدة”.

وبين التفاؤل بحدوث قفزة اقتصادية في العام 2026، والتحذيرات من الهشاشة البنيوية، تجد سوريا نفسها في عامها الجديد أمام اختبارات وتحديات صعبة، فرفع العقوبات وكسر العزلة ليسا إلا مفاتيح لباب مغلق منذ سنوات، أما العبور نحو الاستقرار الحقيقي، فيعتمد، وفقاً لرأي الخبراء الذين تحدثوا لـ”الشرق”، على مدى قدرة المؤسسات السورية على تحويل هذه الفرص الدولية إلى طريق جديد للتعافي الحقيقي.

المصدر : الشرق