حذر مخططو الجيش الألماني من أن الهجمات السيبرانية وأعمال التخريب وحملات التضليل الإعلامي التي شهدتها البلاد مؤخراً قد تشكل الشرارة الأولى لحرب جديدة، وذلك وفقاً لوثيقة حكومية سريّة اطلعت عليها مجلة “بوليتيكو”.
وأفادت المجلة بأن هذا التقييم يرد ضمن “الخطة العملياتية لألمانيا” (OPLAN)، وهي وثيقة تخطيطية تحدد الكيفية التي ستنظم بها برلين الدفاع عن أراضيها، في حال اندلاع نزاع واسع النطاق يشمل دول حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
واعتبرت بوليتيكو أن هذا التخطيط يعكس تحولاً أوسع في النهج الألماني، في وقت باتت فيه برلين تؤدي دوراً محورياً في التخطيط اللوجستي وتعزيز القوات داخل الحلف، “بالتزامن مع تزايد السلوك العدائي لروسيا تجاه دول الناتو الأوروبية” منذ الغزو الروسي لأوكرانيا قبل نحو أربعة أعوام.
وتوضح الوثيقة أن هذه الإجراءات الهجينة “يمكن أن تستخدم في الأساس كتمهيد لمواجهة عسكرية”. وبدلاً من النظر إلى العمليات السيبرانية أو حملات التأثير على أنها مجرد أدوات ضغط هامشية، تدرجها الخطة ضمن مسار التصعيد العسكري المباشر.
ويترتب على هذا الافتراض عواقب عملية واضحة في كيفية تخطيط ألمانيا لدورها في أي صراع مستقبلي، إذ تصف الوثيقة ألمانيا بأنها قاعدة عمليات وممر عبور رئيسي لقوات الناتو، ما يجعلها عرضة للضغط في مراحل مبكرة، لا سيما بسبب دورها كمحور أساسي لنقل القوات وإدامتها.
سيناريو النزاع
وتقع الوثيقة، المؤلفة من 24 صفحة، ضمن ما يعرف بالنسخة “الخفيفة” من الخطة، وتهدف إلى تنسيق الجهود بين الجهات المدنية والعسكرية لتحديد دور ألمانيا كمركز عبور لقوات الحلفاء.
وفي سيناريو النزاع، ستصبح ألمانيا “هدفاً ذا أولوية لهجمات تقليدية باستخدام أنظمة تسليح بعيدة المدى”، تستهدف البنية التحتية العسكرية والمدنية على حد سواء، بحسب ما جاء في الوثيقة.
وتعرض خطة OPLAN نموذجاً للتصعيد من خمس مراحل، تبدأ بالكشف المبكر عن التهديدات والردع، مروراً بالدفاع الوطني والدفاع الجماعي للناتو، وصولاً إلى مرحلة التعافي بعد الصراع.
وتشير الوثيقة إلى أن ألمانيا تعمل حالياً في المرحلة الأولى، التي تركز على بناء صورة مشتركة للتهديدات، وتعزيز التنسيق الحكومي، والاستعداد للإجراءات اللوجستية وتدابير الحماية.
كما تُسنِد الخطة دوراً موسعاً بشكل كبير للقوات العسكرية المحلية، إذ تكلف وحدات الأمن الداخلي بحماية البنية التحتية الحيوية، وتأمين تحركات القوات عبر الأراضي الألمانية، ودعم استمرار عمل مؤسسات الدولة أثناء انتشار القوات القتالية في ساحات أخرى.
وتتعامل الوثيقة مع الهياكل المدنية باعتبارها عنصراً أساسياً لنجاح الجهد العسكري، حيث يجري التأكيد مراراً على أهمية شبكات النقل وإمدادات الطاقة والخدمات الصحية والمتعاقدين من القطاع الخاص؛ بوصفهم عناصر تمكينية لا غنى عنها.
وتنص الوثيقة على أن “العديد من المهام تتطلب دعماً مدنياً”، لافتة إلى أنه من دون هذا الدعم لا يمكن تنفيذ الخطة.
وذكرت بوليتكيو أنه خلال الأشهر الماضية، واجهت ألمانيا وحلفاؤها سلسلة من الهجمات الهجينة التي تعكس السيناريوهات الواردة في خطة OPLAN.
ووثّقت السلطات الاتحادية الألمانية تصاعد أنشطة التجسس الروسية والهجمات السيبرانية، ومحاولات التأثير التي تستهدف المؤسسات السياسية والبنية التحتية الحيوية والرأي العام، فيما وصف وزير الداخلية ألكسندر دوبرينت ألمانيا بأنها “هدف يومي للحرب الهجينة”.
المصدر : الشرق
