
بعد أكثر من عقدين من التوسع والانتشار، يجد سهم “لازوردي للمجوهرات” نفسه خاسراً أكثر من نصف قيمته منذ الإدراج في السوق السعودية عام 2016؛ فيما لا تزال الأرباح المتراجعة والديون المتصاعدة تضع نموذج أعمالها تحت المجهر.
“لازودري” التي تربعت يوماً على عرش صناعة المجوهرات في المنطقة، تواجه اليوم صعوبات في تعزيز هوامش الربح، وسط ارتفاع في المطلوبات وتغيرات في أنماط إنفاق المستهلكين، إلى جانب ضغوط تنافسية من التجارة الإلكترونية ودخول علامات تجارية جديدة إلى السوق.
من مصنع صغير إلى منصة إقليمية
رحلة “لازوردي” بدأت في 23 يناير 1992، حين أسس عبدالعزيز صالح العثيم “مصنع الذهب واللؤلؤ السعودي” برأسمال بلغ 18.5 مليون ريال. بعد عامين، وُلدت العلامة التجارية “لازوردي”، ومع مرور السنوات تحولت من مصنع محلي إلى اسم بارز في صناعة المجوهرات، لتصل إلى المرتبة الرابعة بين أكبر مصنّعي مشغولات الذهب في العالم، والأولى في المنطقة، بين الشركات المدرجة في الأسواق المالية، وتجد منتجاتها طريقها إلى أكثر من 25 دولة.
ورغم شيوع الاعتقاد بأنها تملك الذهب، فإن نشاط الشركة يقتصر على تصنيع وصياغة المشغولات الذهبية وتسويقها عبر شبكتها الإقليمية.
نموذج العمل
من خلال مراجعة بيانات الشركة، تبين أن نموذج عمل “لازوردي” يقوم على التعاون مع البنوك للحصول على تسهيلات مصرفية بنظام المرابحة، تُستخدم في شراء الذهب وتصنيعه، على أن يتم السداد مضافاً إليه هامش الربح المتفق عليه.
وتعتمد الشركة على ابتكار وتصميم مجوهرات تجمع بين الحداثة والقيمة المضافة، فيما تتنوع إيراداتها بين رسوم خدمة التصنيع (LSC).
كما تتعامل مع شبكة تضم نحو 1600 متجر تجزئة، يزودونها بالذهب الخام مقابل دفع رسوم التصنيع بالريال أو الدولار. ولا تحتفظ “لازوردي” بمراكز استثمارية أو مضاربات على الذهب، بل يقتصر دورها على التصنيع والتسليم، إلى جانب شبكة منافذها الخاصة “متاجر لازوردي”.
تبدلات الملاك وأكبر خسارة
في أكتوبر 2018، بدأت “لازوردي القابضة” التي كانت تملك نحو 70% من أسهم الشركة بالتخارج التدريجي، حيث تنازلت أولاً عن 14.9% لصالح عبدالعزيز صالح العثيم. وفي 2020، وهو عام صعب على الشركة، استكملت تخارجها بالكامل لتغادر قائمة كبار الملاك، في وقت تكبدت فيه “لازوردي” أكبر خسارة منذ إدراجها بلغت 120 مليون ريال.
في العام التالي، حصلت الشركة على 145 مليون ريال من مساهميها عبر زيادة رأس المال. وخصصت الإدارة آنذاك، بقيادة الرئيس التنفيذي سليم شدياق، الذي شغل المنصب منذ 2010 حتى مايو 2024، نحو أكثر ثلاثة أرباع المبلغ لسداد الديون، والمتبقي لافتتاح متاجر جديدة وتطوير منصات إلكترونية، ورغم أن المطلوبات انخفضت بنسبة 19% في 2021، فإنها عادت للارتفاع تدريجياً حتى نهاية 2024، متجاوزة مستوياتها قبل إعادة الرسملة.
توسع في الفروع.. لا في الأرباح
خلال الفترة نفسها، واصلت “لازوردي” التوسع الجغرافي، فقفز عدد منافذ البيع نحو الضعف منذ عام 2021 إلى 2024 لتصل إلى 154 فرعاً، موزعة على السعودية ومصر والإمارات تحت علامات “لازوردي”، و”Tous”، و”Miss L”، ومتاجر المطارات. لكن هذه القفزة الميدانية لم تنعكس بعد على نمو الأرباح.
الأرقام تحكي
منذ الإدراج وحتى 2024، تراجعت الإيرادات بنسبة 25%، وانكمش صافي الربح 88%، فيما هبط هامش صافي الربح من 3.6% إلى 0.6%. كما انخفض دخل العمليات بأكثر من الثلثين، وتراجعت حقوق المساهمين 43% مقابل زيادة المطلوبات 21%.
ورغم أن الموجودات غير المتداولة ارتفعت 198%، فإن الاستثمار في الأصول والتوسع في الفروع لم يترجم إلى ربحية مستدامة.
وفي النصف الأول من 2025، تكبدت الشركة خسائر قدرها 12.5 مليون ريال، مقابل أرباح بلغت 32 مليون ريال في الفترة نفسها من 2024، والتي جاءت بمعظمها من أرباح استثنائية مرتبطة بفروق تحويل العملات الأجنبية بنحو 21.2 مليون ريال، ما يعكس أن الأداء التشغيلي في تلك الفترة كان ضعيفاً أيضاً. كما سجلت الشركة في النصف الأول 2025 خسارة غير متكررة قدرها 8.5 مليون ريال نتيجة عجز في عهدة بعض المندوبين.
قراءة في الأسباب
المستشار المالي محمد الميموني من “المتداول العربي”، أرجع ضعف أداء “لازوردي” إلى تراجع الشراء من قبل الأفراد في السعودية، مشيراً إلى أن الشركة لم تُحسن استثمار السيولة التي حصلت عليها عام 2021 بالشكل الأمثل.
وأوضح أن شركة “فتيحي” على سبيل المثال لجأت إلى استثمارات استراتيجية لتعويض ضعف نشاطها الأساسي، وحققت في 2024 نحو 26 مليون ريال من عوائد استثمارية. وأضاف الميموني أن التغير الأخير في مجلس إدارة “لازوردي” قد يشكل فرصة لتحول في مسارها، خاصة مع دخول أعضاء جدد يتمتعون بخبرة في قطاع التجزئة.
تغير نمط الإنفاق في السعودية
ويعود أيضاً ضعف أداء “لازوردي” إلى تغير أنماط الإنفاق في السعودية، خصوصاً لدى النساء، بعد أن أصبح الترفيه منافساً على الدخل المتاح، إلى جانب الضغوط الناتجة عن دخول علامات تجارية جديدة وتوسع التجارة الإلكترونية، مما أثر على الأسعار وهوامش الربح، وفق عبد ربه زيدان مدير الأبحاث في بوابة “أرقام” المالية.
تحولات إدارية في 2024
وسط هذا الأداء المتراجع، جاءت التغييرات الإدارية في أبريل 2024 بعد مغادرة رئيس المجلس محمد الشروقي، الذي شغل المنصب منذ 2013، ليحل مكانه عبدالله عبدالعزيز صالح العثيم. كما شهد المجلس دخول أعضاء جدد مع الإبقاء على بعض الأسماء من الدورات السابقة، مثل صباح المؤيد، وهي سيدة تشغل عضوية مجلس الإدارة منذ 2016، وسليم الفاخوري، وسعود السليمان الرئيس التنفيذي لمجموعة السليمان المالكة لامتياز “إيكيا” في السعودية.
أما الأعضاء الجدد، فشملت القائمة ماجد الصويغ، وريّان قطب، وأحدثهم عدنان الخلف الذي عُيّن رئيساً تنفيذياً لـ”لازوردي” في مارس 2025. وكان الخلف يشغل سابقاً منصب الرئيس التنفيذي لشركة “لجام للرياضة” المدرجة في السوق الرئيسية لمدة تقارب ثلاث سنوات، وهي الفترة التي سجلت خلالها الشركة إيرادات وأرباحاً قياسية متتالية على مدى السنوات الثلاث، ونمواً في الأرباح هو الأعلى منذ إدراجها، إضافة إلى وصول التوزيعات النقدية إلى مستويات غير مسبوقة، قبل أن يستقيل من منصبه في أواخر 2024.
المصدر : الشرق بلومبرج