أسواق البنزين العالمية تشهد نشاطاً غير معتاد أواخر الصيف

أسواق البنزين العالمية تشهد نشاطاً غير معتاد أواخر الصيف

تشهد سوق البنزين العالمية نشاطاً غير معتاد في أواخر فصل الصيف، مدفوعاً بتراجع الإمدادات نتيجة توقفات مفاجئة في المصافي، في وقت يتسم عادةً بانخفاض الطلب على وقود السيارات.

عادةً ما تُحقق شركات التكرير أعلى هوامش ربح خلال فصل الصيف، لا سيما في الولايات المتحدة حيث تزداد حركة السفر بالسيارات. إلا أن الهوامش لا تزال مرتفعة هذا العام حتى بعد انقضاء موسم القيادة، ما يوفر دعماً إضافياً لشركات التكرير.

ويُتداول برميل البنزين حالياً بعلاوة تُقارب 20.50 دولار فوق خام غرب تكساس الوسيط، أي بزيادة نحو 7 دولارات مُقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وتُعد هذه العلاوة مؤشراً رئيسياً على ربحية المصافي وقوة السوق، وقد ارتفعت منذ عطلة عيد العمال الأميركية، التي تُعد نهاية موسم القيادة في أوائل سبتمبر.

توقفات في مصافي أوروبا وغرب أفريقيا

قالت إينيس غونسالفس، كبيرة محللي أبحاث البنزين لدى “كبلر” (Kpler): “يشهد مجمّع البنزين العالمي دعماً غير معتاد خلال سبتمبر”، مُشيرةً إلى أن الأرباح الناتجة عن تحويل النفط الخام إلى بنزين في الغرب بلغت ذروتها هذا العام في أوائل سبتمبر، وليس خلال الأشهر التقليدية بين مايو وأغسطس.

من جهتها، ترى باميلا مانغر، رئيسة تحليل السوق لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى “فورتيكسا” (Vortexa)، أن التوقفات غير المخططة في المصافي بأوروبا وغرب أفريقيا والشرق الأوسط بين سبتمبر ونوفمبر تُسهم في دعم السوق في حوض الأطلسي. لكنها لفتت أيضاً إلى أن بعض المصافي عمدت إلى تقليص إنتاج البنزين لصالح تعزيز إنتاج الديزل الأكثر ربحية حالياً.

اقرأ أيضاً: شركات النفط الصينية تعيد هيكلة أنشطة التكرير بعد انخفاض الأرباح

وأضافت في مذكرة بحثية: “الارتفاع الأخير في هوامش البنزين يعكس هشاشة السوق، حيث تؤدي انقطاعات الإنتاج المطوّلة إلى تقلبات قوية حتى في حالات وفرة الإمدادات”.

وفي شمال غرب أوروبا، تُظهر بيانات “جنرال إندكس” (General Index) أن علاوة البنزين على النفط الخام لا تزال قوية بشكل استثنائي مُقارنةً بهذا الوقت من العام.

وتواجه أوروبا إلى جانب إغلاقات المصافي، أعمال صيانة دورية —منها ما هو مخطط له ومنها ما كان مفاجئاً— فضلاً عن تعطل مستمر في وحدة رئيسية لإنتاج البنزين في مصفاة “دانغوتي” العملاقة بنيجيريا.

التحول بعيداً عن سيارات الديزل

في المقابل، تجاوز الطلب على البنزين في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا، والمدفوع بالتحول بعيداً عن سيارات الديزل، متوسط الطلب الموسمي خلال السنوات الخمس الماضية في كل شهر من عام 2025، بحسب بيانات “أويل إكس” (OilX).

اقرأ أيضاً: هجمات أوكرانيا تفاقم أزمة الوقود الصيفية في روسيا

وقالت ناتاليا لوسادا، المحللة لدى “إنرجي أسبكتس” (Energy Aspects): “رغم أن الطلب يتراجع موسمياً في سبتمبر، إلا أن وتيرة صيانة المصافي تتزايد عالمياً، خصوصاً في أوروبا والشرق الأوسط”، لافتة إلى أن أسواق الشرق الأوسط حافظت على قوتها طوال الصيف، ما أتاح استيعاب البراميل الأوروبية الزائدة.

أما في آسيا، فيجري تداول مؤشر هوامش البنزين (RON-92 crack) فوق متوسطه خلال خمس سنوات، وسط نقص في الإمدادات بسبب توقفات متعددة في وحدات إنتاج البنزين الكبرى. وأفاد متداولون بأن هذا النقص عزز من قوة السوق الإقليمية.

طلب متأخر على البنزين

كما كثّفت شركة “برتامينا” (Pertamina)، أكبر مشتري البنزين في جنوب شرق آسيا، مناقصاتها للشراء في وقت متأخر من العام أكثر من المعتاد، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرغ”، ما ساهم في تعزيز السوق وسط اضطرابات الإمدادات. وكانت قيود الاستيراد التي فرضتها إندونيسيا في وقت سابق من العام قد ساهمت في هذا الطلب المتأخر، وسط نقص محلي في الوقود.

اقرأ أيضاً: الصين تتحرك لاحتواء تخمة البتروكيماويات بخطة إصلاح جذرية

كتب فيليب جونز-لكس، المحلل الأول لدى “سبارتا كوموديتيز” (Sparta Commodities)، في مذكرة بحثية يوم الثلاثاء: “لقد دخلت سوق البنزين العالمي فترةً قد تدفع البعض للاعتقاد بأننا بلغنا الذروة، لكن سيناريو التراجع لا يزال غير مؤكد”.

وأشار إلى أن هوامش المزج الجذابة في أوروبا، جنباً إلى جنب مع تقلص فرص تصدير البنزين إلى الولايات المتحدة أو أميركا اللاتينية، كانت غالباً ما تؤدي إلى تراجع حاد في الفروقات السعرية. لكنه أضاف: “مع وجود هذا الكم الكبير من الطاقة الإنتاجية خارج الخدمة حالياً، فإن تحديد توقيت التصحيح أصبح أكثر صعوبة”.

المصدر : الشرق بلومبرج