تحيا مصر يتابع مستجدات «الإجراءات الجنائية».. ترقب لالتزام البرلمان بالانعقاد وإنهاء المناقشات دون تأجيل

تعديلات الإجراءات الجنائية بانتظار الحسم البرلماني
أدوار مطلوبة لضمان العدالة الناجزة دون إرجاء
تسود حالة من الترقب الكبير من جانب مختلف القوى الحزبية والسياسية في مصر لما يجب أن يتحمله مجلس النواب الحالي من مسؤوليته في مناقشة وإقرار التعديلات المطلوبة على قانون الإجراءات الجنائية، وذلك عقب إبداء رئيس الجمهورية بعض الاعتراضات عليه. ويرى الفاعلون في الساحة السياسية أن هذه المهمة لا يمكن التنصل منها أو إرجاؤها إلى المجلس القادم، خاصة لما يمثله القانون من أهمية كبرى في تعزيز ضمانات الحقوق والحريات وتحقيق العدالة الناجزة للمواطنين.

ويرى جموع ممثلي المشهد السياسي والحزبي أن المجلس الحالي وحده هو المسؤول دستوريًا عن إنهاء هذا الملف، إذ لا يجوز ترحيله للمجلس المقبل الذي لن يتحمل مسؤولية أعمال المجلس القائم. ويشيرون إلى أن الرأي العام يراقب بدقة مدى التزام البرلمان بتحمل أعباء مسؤوليته كاملة في هذا التوقيت، خصوصًا أن القانون يمس مئات الحالات الإنسانية والقانونية التي تنتظر الانفراجة.
تعديلات محددة لتحقيق ملاحظات الرئاسة
المراقبون والخبراء في هذا الملف أشاروا إلى أن الاعتراضات الواردة من رئاسة الجمهورية انحصرت في ثماني مواد فقط، وهو ما يؤكد أن المشروع في مجمله يحظى بالقبول، بينما التعديلات المطلوبة لا تعيق إقراره بقدر ما تضيف إليه المزيد من الضبط والوضوح. وتقتضي الضرورة هنا أن يباشر البرلمان مراجعة دقيقة لتلك المواد بما يحقق التوازن بين مقتضيات العدالة وضمانات الدفاع.
وقد لفت الخبراء الانتباه إلى أن من أبرز المواد التي طالتها الملاحظات تلك المرتبطة بموعد العمل بالقانون، حيث ارتؤي أن يبدأ التطبيق مع العام القضائي الجديد بدلاً من اليوم التالي للنشر، لإتاحة الوقت اللازم لتجهيز المحاكم. كما شملت التعديلات مواد تتعلق بحالات الخطر، وحق سلطات التحقيق في استجواب المتهم عند الضرورة العاجلة، إضافة إلى تنظيم مدد الحجز الاحتياطي وإتاحة بدائل أوسع له.
ويرى المتخصصون أن مراجعة هذه النقاط كفيلة بتقوية النصوص وجعلها أكثر قدرة على التطبيق العملي. كما يشددون على أن استيعاب هذه التعديلات لا يمثل عبئًا تشريعيًا كبيرًا، وإنما يعكس حرص الدولة على إنفاذ الدستور وتحصين ضمانات الدفاع. ويذهب بعض المراقبين إلى أن هذا التوجه يبرهن على وجود إرادة سياسية لإقرار قانون حديث ومتوازن دون المساس بحقوق الأفراد.
الدور البرلماني بين سرعة الإنجاز وحتمية المسؤولية
يدفع قادة التيارات السياسية باتجاه استثمار ما تبقى من الفصل التشريعي الحالي لإقرار المشروع، محذرين من أن أي تأجيل سيضعف من مصداقية المؤسسات أمام المواطنين. ويعتبرون أن عدم إنجاز القانون في هذا التوقيت سيضاعف من حالة الإحباط الشعبي، خاصة لدى الفئات التي تعول على التعديلات لتسريع التقاضي وإنهاء المعاناة الممتدة.
ويرى جموع ممثلي المشهد الحزبي أن حجم العمل المتبقي ليس معقدًا، وأن البرلمان يستطيع عبر جلسات متعاقبة أن ينجز ما تبقى من مراجعات في فترة وجيزة. ويؤكدون أن التجربة التشريعية تحتاج إلى برلمان يتسم بالقدرة على الحسم، وليس ببرلمان يرحل الملفات إلى من يخلفه. ومن ثم، فإن التحدي المطروح أمام النواب اليوم هو إثبات جدارتهم بالثقة الممنوحة لهم من الناخبين.
المراقبون والخبراء يشيرون إلى أن إقرار القانون سيوفر انعكاسات إيجابية على الواقع القانوني والإنساني معًا، إذ يخفف من الأعباء الواقعة على المحاكم، ويضمن للمتقاضين إجراءات أكثر وضوحًا وعدالة، وتقتضي الضرورة كذلك أن يواكب الإصلاح التشريعي إصلاحًا إداريًا، حتى تترجم النصوص الجديدة إلى واقع ملموس داخل ساحات القضاء، وليس مجرد تعديلات على الورق.
مقتضيات العمل السياسي والتشريعي
ومن زاوية أخرى، يجمع المتابعون للشأن السياسي على أن القانون المقترح يمثل إحدى أهم حلقات الإصلاح القانوني في العقد الأخير. ويرى كثيرون أن اعتماد هذه التعديلات سيؤسس لمرحلة جديدة في علاقة المواطن بمنظومة العدالة، قائمة على السرعة والشفافية والضمانات الدستورية.
ويذهب الخبراء إلى أن الإصلاح لا يقف عند حدود معالجة النصوص محل الاعتراض، بل يشمل تغييرًا في فلسفة الإجراءات ذاتها، بحيث يتحقق التوازن بين سلطة الدولة في إنفاذ القانون وحقوق الأفراد في الدفاع.
ويعتبرون أن هذه النقطة تحديدًا هي جوهر النقاشات الحالية، وأن البرلمان أمام فرصة لإثبات مسؤوليته في صياغة مستقبل العدالة الجنائية في مصر.
وفي النهاية، يتفق المراقبون على أن نجاح التجربة مرهون بإرادة نيابية قوية، وبرلمان قادر على اتخاذ القرار بشكل عاجل، وتقتضي الضرورة أن تُترجم الدعوات المتكررة إلى أفعال، حتى يكون قانون الإجراءات الجنائية الجديد محطة فارقة في تاريخ التشريع المصري.
المصدر : تحيا مصر