أزمة فرنسا تتعمق مع أسرع استقالة حكومة خلال قرن

أزمة فرنسا تتعمق مع أسرع استقالة حكومة خلال قرن

طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الاثنين، من رئيس الوزراء المستقيل سيباستيان لوكورنو، الذي قدّم استقالته بعد 14 ساعة فقط على إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة، إجراء «مفاوضات أخيرة» في محاولة لتفادي مزيد من التدهور السياسي في البلاد.

وقالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون «كلّف رئيس الوزراء المستقيل، المكلّف تصريف الأعمال، إجراء مفاوضات أخيرة بحلول يوم غد الأربعاء» لتحديد «إطار للتحرك والاستقرار في البلاد». وردّ لوكورنو في منشور على منصة «إكس» قائلاً إنه سيبلغ رئيس الدولة الأربعاء «إن كان ذلك ممكناً أو لا»، مضيفاً أنه سيبدأ اليوم الثلاثاء مباحثات جديدة مع قادة الائتلاف الهشّ بين المعسكر الرئاسي وحزب الجمهوريين اليميني الذي أسهم في انهيار الحكومة الوليدة.

ويُعدّ تعيين برونو لومير وزيراً للجيوش، بعد أن شغل وزارة الاقتصاد بين 2017 و2024، أحد أبرز العوامل التي فاقمت الأزمة، إذ أثارت عودته غضب حزب الجمهوريين الذي انشقّ عنه سابقاً. ويرى اليمين أن لومير يرمز إلى «التجاوزات المالية» التي سُجّلت في عهد ماكرون. ومع أن بعض المراقبين يرون أن استبعاده قد يهدئ التوتر، إلا أن الأزمة تبدو أعمق من ذلك.

وأكدت مصادر قريبة من الإليزيه أن ماكرون «سيتحمّل مسؤولياته» إذا فشلت المحادثات في التوصّل إلى تسوية، ملمّحة إلى احتمال حلّ الجمعية الوطنية مجدّداً، كما فعل في يونيو 2024 حين دعا إلى انتخابات مبكرة بعد فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية. لكن تلك الخطوة أفرزت برلماناً منقسماً بين ثلاث كتل متخاصمة دون غالبية مطلقة.

وأوضح ماكرون أنه حتى في حال تشكيل حكومة جديدة، فلن يُعاد تكليف لوكورنو تلقائياً برئاستها، إذ يقتصر دوره حالياً على اختبار فرص التسوية. وكان لوكورنو قدّم استقالته الاثنين لماكرون، بعد 27 يوماً فقط على تعيينه، ليصبح رئيس الوزراء الذي أمضى أقصر فترة في المنصب منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958. وقال في كلمته بعد الاستقالة إن «الظروف لم تكن متوافرة» للاستمرار، مندداً بـ«المطامع الحزبية» التي حالت دون استقرار الحكومة، في إشارة إلى زعيم الجمهوريين برونو روتايو الذي تراجع عن دعم الحكومة عشية انهيارها.

وتعمّق الأزمة السياسية المستمرة منذ حلّ البرلمان العام الماضي، إذ يجد ماكرون نفسه أمام خيارات محدودة: إما الدعوة إلى انتخابات جديدة كما يطالب حزب التجمّع الوطني اليميني المتطرف، وإما الاستقالة كما يدعو حزب «فرنسا الأبية» اليساري، أو تشكيل «حكومة تقنية» برئاسة شخصية مستقلة، كما تقترح بعض القوى الوسطية.

وفي المقابل، دعت مارين لوبن إلى «حلّ البرلمان فوراً»، معتبرة أن «استقالة ماكرون هي القرار الوحيد الحكيم»، فيما هدّد حزبها بحجب الثقة عن أي حكومة جديدة حتى تلبي مطالبه. أما زعيم اليسار جان لوك ميلانشون، فدعا الجمعية الوطنية إلى النظر «فوراً» في مذكرة لإقالة الرئيس، متهماً إياه بالمسؤولية عن «حالة الفوضى» التي تعيشها فرنسا.

كما طالب الاشتراكيون والخضر بتعيين رئيس وزراء «منفتح على التسويات»، بينما رفض الجمهوريون أي خيار يقود إلى حكومة يسارية. واعتبرت ماتيلد بانو، زعيمة كتلة «فرنسا الأبية»، أن «عهد الماكرونية بلغ نهايته»، فيما قالت زعيمة الخضر مارين توندولييه إن «المشهد السياسي الفرنسي ينهار ويتمسك ببقايا النجاة».

المصدر : صحيفة الخليج