
يحتفل العالم من 4 إلى 10 أكتوبر بـ «أسبوع الفضاء العالمي»، الذي أقرّته الأمم المتحدة عام 1999، ليكون مناسبة سنوية لتسليط الضوء على دور العلوم والتكنولوجيا في خدمة البشرية.
وبينما يسترجع المجتمع الدولي محطات تاريخية في مسيرة استكشاف الفضاء، يبرز مركز محمد بن راشد للفضاء، نموذجاً ملهماً، نجح في وقت قصير بتحويل الطموحات إلى إنجازات، وصناعة واقع جديد، جعل من الدولة شريكاً رئيساً في استكشاف الفضاء، ومسهماً فاعلاً في صياغة مستقبله.
وبدأت القصة في عام 2006، مع فريق صغير ضم خمسة مهندسين إماراتيين فقط، لكنهم حملوا شغفاً كبيراً بالمعرفة، وجرأة في تحويل الفضول إلى إنجاز، وبعد نحو عقد من الزمان، وتحديداً في عام 2015، أصبح المركز الحاضن الرسمي لبرنامج الإمارات الوطني للفضاء، ليشكّل نقطة تحول مفصلية في مسيرة تطوير الأقمار الاصطناعية والبرامج التعليمية والبحثية.
يقول سالم حميد المري مدير عام المركز على هامش أسبوع الفضاء العالمي: لم يكن الهدف مجرد بناء أقمار اصطناعية أو إطلاق مهمات، بل غرس ثقافة التحدي والطموح، التي تعكس روح الإمارات، معتبراً كل إنجاز تحصده الدولة، هو انعكاس لإصرارهم على أن يكونوا شركاء في صناعة المستقبل.
وذكر أن التدريب الشامل الذي يخضع له رواد الفضاء، يعكس النهج الاستراتيجي متعدد الأبعاد الذي تتبعه الإمارات في استكشاف الفضاء، مؤكداً أن هذه الخطوات تمهد الطريق لمستقبل فضائي مستدام.
وعلى مدار سنوات، نجح المركز في تطوير وإطلاق سلسلة من الأقمار الاصطناعية، بدءاً من «دبي سات 1» عام 2009، ثم «دبي سات 2» عام 2013، وصولاً إلى «خليفة سات» في 2018، الذي شكّل قفزة تاريخية، كأول قمر صناعي يطوّر بأيادٍ إماراتية بالكامل، ولم تقتصر هذه الأقمار على كونها إنجازات تقنية، بل وفرت بيانات ساهمت في دعم الزراعة، مراقبة جودة الهواء، والاستجابة للكوارث.
أما «محمد بن زايد سات»، الذي أطلق لاحقاً، فيعد الأكثر تقدماً في المنطقة، بفضل تقنياته المتطورة، مثل الدفع الكهربائي الدقيق، ودقته المضاعفة في التصوير، وسرعته في تسليم البيانات، خلال ساعتين فقط. كما أطلق المركز «اتحاد سات»، أول قمر اصطناعي راداري إماراتي، يتيح التصوير في مختلف الظروف الجوية وأوقات اليوم.
طموح يتحقق
وشكل عام 2017 لحظة تاريخية فارقة، إذ شهد تأسيس برنامج الإمارات لرواد الفضاء، ليبدأ فصل جديد في مسيرة الدولة، وفي 2018، جرى اختيار هزاع المنصوري وسلطان النيادي من بين أكثر من 4000 متقدم، وفي سبتمبر 2019، دخل المنصوري التاريخ كأول رائد فضاء إماراتي يصل إلى محطة الفضاء الدولية، ضمن مهمة علمية، استمرت ثمانية أيام، حيث أجرى هناك 31 تجربة علمية متقدمة، بالتعاون مع وكالات فضاء دولية.
وفي عام 2021، تم الإعلان عن الدفعة الثانية من رواد الفضاء، لتضم نورا المطروشي، أول رائدة فضاء إماراتية، إلى جانب محمد الملا. وقد التحقا ببرنامج ناسا التدريبي في مركز جونسون للفضاء بالولايات المتحدة، قبل أن يتخرجا رسمياً عام 2024.
حيث عبّرت نورا المطروشي عن فخرها بهذا المنجز الهام، قائلة: «أن تصبح رائد فضاء، لا يعني فقط الوصول إلى الفضاء، بل توسيع آفاق كل من ينظر إلى السماء»، مشددة على أن كل تحدٍ هو فرصة للتعلم، وكل مهمة بمثابة خطوة جديدة لكل من يحلم بأن يسهم.
من المريخ إلى القمر
وإذا كانت الأقمار الاصطناعية بداية، فإن مسبار الأمل مثّل نقطة تحول جديدة. فقد أطلق في يوليو 2020، ليصل إلى مدار المريخ في فبراير 2021، كأول مهمة عربية وإسلامية من نوعها. ومنذ ذلك الحين، أرسل المسبار أكثر من 5 تيرابايت من البيانات، التي ساهمت في دراسة الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، وأنماطه المناخية.
كما اتجهت أنظار المركز نحو القمر عبر مشروع «المستكشف راشد»، ففي ديسمبر 2022، أطلق «راشد 1»، كأول مركبة عربية تصل إلى مدار القمر، ويجري العمل حالياً على تطوير «راشد 2»، ليهبط على الجانب البعيد من القمر عام 2026.
وفي عام 2024، أعلنت الإمارات انضمامها لمشروع تطوير محطة الفضاء القمرية، حيث يطور مركز محمد بن راشد للفضاء «بوابة الإمارات»، التي ستعمل كميناء إرساء إضافي للمركبات الفضائية، ومرفق لإجراء التجارب والسير الفضائي.
سالم المري:
التدريب الشامل لرواد الفضاء يعكس نهج الإمارات الاستراتيجي في استكشاف الفضاء
المصدر : البيان