قد يبدو الأمر بمثابة تصويت نادر على الثقة عندما يمنح ناد يعاني من سلسلة خسائر قياسية مديره الفني عقداً جديداً، ولكن مرة أخرى، عندما يكون المدير الفني هو بيب غوارديولا، فإن أطول سلسلة هزائم في تاريخه تبلغ أربع هزائم فقط، وهو نفس العدد في سلسلة ألقابه الفريدة المتتالية في الدوري الإنجليزي.
لذا إذا كان الأمر بمثابة تصويت على الثقة، فهو من قبل غوارديولا في مانشستر سيتي وليس العكس، إذ كانت هناك أسباب أمام المدير الفني للرحيل، ويقول البعض إن القضايا الـ115 التي تورط فيها النادي مع رابطة الدوري الممتاز من بينها، لكن يبدو أن قرار غوارديولا بالالتزام تجاه النادي لمدة عام آخر حتى صيف 2026، مع خيار التمديد لموسم واحد يعكس اعتقاداً بأن سيتي سيخرج سالماً تماماً أو نسبياً من جلسة الاستماع الخاصة بالاتهامات في الدوري الإنجليزي الممتاز.
كان غوارديولا يميل إلى الصراحة في الدفاع عن النادي، على الرغم من أنه ليس في قفص الاتهام شخصياً ومعظم المخالفات المزعومة تسبق وصوله، لكن غوارديولا قال في سبتمبر (أيلول)، إن بقية أطراف كرة القدم تريد أن “يختفي سيتي من على وجه الأرض”، ومع ذلك يشير الاتفاق الجديد إلى أنه لا يتوقع أن تتضمن قائمة المباريات في الخريف المقبل مواجهة بليموث وبريستون، ناهيك عن برينتري وبوسطن.
وربما ذهب غوارديولا إلى أبعد من نداء الواجب حيث سيتنحى صديقه المقرب وحليفه القوي مدير كرة القدم في النادي تكسيكي بيغيريستين في الصيف المقبل، وكان غوارديولا قد شعر بالاستقرار في مانشستر بسبب وجود خريجي برشلونة فيران سوريانو وبيغيريستين اللذين شكلا هيكل الدعم المثالي له.
ومن خلال الالتزام بالعمل مع المدير الرياضي القادم هوغو فيانا يمكن لغوارديولا أن يجنب مانشستر سيتي ما يعادل انحدار مانشستر يونايتد في عام 2013، عندما رحل السير أليكس فيرغسون والرئيس التنفيذي ديفيد جيل في نفس الصيف.
وكان لدى غوارديولا أسباب للرحيل، تتجاوز الهزائم أمام توتنهام وسبورتنغ لشبونة وبورنموث وبرايتون التي تشير إلى أن هذا قد يكون موسماً مضطرباً نادراً، بعد أن قال غوارديولا في مايو (أيار) الماضي، بعد الفوز باللقب المحلي، إنه أقرب إلى نهاية مسيرته في سيتي منه إلى البداية، لكنه بدا منتعشاً مجدداً عندما عاد هذا الموسم.
كانت هناك فرصتان لرحيل غوارديولا عن مانشستر سيتي بمستوى تاريخي، الأولى في عام 2023 مع توهج الثلاثية وبعد إنهاء سعي النادي الطويل للفوز بدوري أبطال أوروبا، والثانية في عام 2024، بعد أن أصبح الفريق الوحيد في تاريخ إنجلترا الذي توج بالبطولة المحلية في أربعة مواسم متتالية، لكنه واصل مسيرته في كل مرة.
ويمكن أن يعزى طول عهد غوارديولا إلى إدمانه على الفوز، وقد يكون أحد الدوافع هو تأمين دوري أبطال أوروبا الرابع له كمدير فني، ومع ذلك من الجدير بالذكر أيضاً أن الجمالية تحولت إلى منافسة، ففي الماضي كان هناك دليل على مستقبله بعد هزيمة برايتون عندما قال، “أنا أحب التحدي، لن أتراجع، أكثر من أي وقت مضى، أريد أن أفعل ذلك”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويمثل مانشستر سيتي تحدياً كبيراً، فقد نجح غوارديولا في بناء فريقين عظيمين في ملعب “الاتحاد”، حيث حصد الأول 100 نقطة في موسم (2017 – 2018) ثم 98 نقطة، إضافة إلى كأس الاتحاد الإنجليزية في الموسم التالي، وبلغ الأخير ذروته بالفوز بالثلاثية. وكانت هناك قواسم مشتركة بين الفريقين، لكنها تتوافق مع نظرية فيرغسون بأن الفريق لديه دورة مدتها أربعة أعوام، ومن غير المنطقي أن يكون لدى فيرغسون ثلاثة أو أربعة فرق بارزة في “أولد ترافورد”، حيث احتلت نسخة 2003 مرتبة أقل من تلك التي كانت في أعوام 1994 و1999 و2008، وقد بنى أرسين فينغر فريقين في أرسنال، لكن قلة من المديرين الفنيين لديهم أكثر من فريق واحد، وقضى يورغن كلوب جزءاً كبيراً من الموسم الماضي يتحدث عن “ليفربول 2.0″، وتحت قيادة المدرب الجديد آرني سلوت، ربما حلوا محل مانشستر سيتي باعتباره المرشح الأوفر حظاً للفوز باللقب، وبالنسبة لغوارديولا، بعد أن تفوق على أعظم منافسيه، ستكون هناك مهمة بناء مانشستر سيتي “3.0”.
لكن هذا الخريف أكد أن مانشستر سيتي فريق متقدم في السن، وربما يتعين على غوارديولا أن يخطط لمستقبل يتجاوز كيفين دي بروين وإلكاي غوندوغان وكايل ووكر، وربما في الوقت المناسب سيكون من دون برناردو سيلفا وجون ستونز، وبينما يتمتع غوارديولا بالقدرة على البقاء ثابتاً أو متغيراً ويقدر التمرير والاستحواذ لكن الآن مع فريق يضم كتيبة من المدافعين طوال القامة ومفترساً عملاقاً في الهجوم يمكنه التغيير.
لقد كان لديه سلسلة من المساعدين، لدرجة أن اثنين هما ميكيل أرتيتا وإنزو ماريسكا، يديران الآن اثنين من منافسي مانشستر سيتي، وبينما جاء إلى مانشستر في نفس الصيف مع جوزيه مورينيو، سيكون روبن أموريم خامس مدرب لمانشستر يونايتد يواجهه، ويؤكد عقد غوارديولا الجديد مدى خيال التوقعات بأن مانشستر يونايتد تفوق على جاره بتعيين البرتغالي.
وإذا كان يعتقد أن غوارديولا مفتون بإمكانية تدريب منتخب إنجلترا، فقد تكون كرة القدم الدولية في الأفق إذ لا يزال مانشستر سيتي في المقدمة بالنسبة لغوارديولا فهو الوافد الجديد الذي أصبح جزءاً من المشهد، وهو بالفعل المدير الأطول خدمة في الدوري الإنجليزي الممتاز (وفي الأقسام الأربعة الأولى، نظراً لأن فترة سيمون ويفر في هاروغيت بدأت معهم في دوري غير محترف).
ومن المقرر أن يتولى غوارديولا تدريب مانشستر سيتي لمدة 10 أعوام، وهو ما يمثل تناقضاً واضحاً مع المشجعين من جيل معين، الذين سيتذكرون عقداً من الزمان تولى فيه تدريب الفريق بيلي ماكنيل وجيمي فريزيل وميل ماشين وهاوارد كيندال وبيتر ريد وبرايان هورتون وآلان بول وستيف كوبل وفرانك كلارك، والمدربين الموقتين توني بوك وآسا هارتفورد وفيل نيل.
ومع تعاقب المدربين على مانشستر سيتي في تسعينيات القرن الـ20، وتحول فيرغسون إلى الأب الروحي للإدارة، فإن هذا الدور يقع الآن على عاتق غوارديولا.
نقلاً عن : اندبندنت عربية