
يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ متحمسان للتواصل مع بيونغ يانغ، لكن العودة إلى دبلوماسية القمم المُعدّة للتلفاز وما قد يترتب عليها من تداعيات أمنية إقليمية ليست منتظرة.
في نهاية المطاف، إن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون -وليس أياً من نظيريه- من سيقرر ما إذا كان سيعود إلى المحادثات. ومع توقع وقوف كيم إلى جانب الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موكب يوم النصر في بكين الأسبوع المقبل، يبدو أن تركيزه الفوري منصبّ على إظهار القوة والتضامن في الخارج- وليس العودة إلى المفاوضات.
ترمب منفتح على الحوار مع زعيم كوريا الشمالية
مثّل انتخاب لي وحزبه الديمقراطي في كوريا الجنوبية تحولاً جذرياً عن النهج المتشدد لسلفه المحافظ إلى نهج التواصل والمشاركة من جانب واحد. واصلت حكومة لي التأكيد على ضرورة ردع الشمال لكنها اتخذت خطوات لخفض التوترات عبر إنهاء البث الدعائي عبر مكبرات الصوت، وأكدت علناً على الرغبة في معاودة الحوار.
رفضت بيونغ يانغ حتى الآن الانخراط عبر أي قناة، كما رفضت الاعتراف بمحاولات كوريا الجنوبية لإعادة الكوريين الشماليين الذين يطلبون العودة. بعد اجتماع لي في المكتب البيضاوي مع ترمب، تنكرت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية لجهود الرئيس الكوري الجنوبي للانخراط، ووصفته بأنه ساذج ومنافق.
علاقة “ليست سيئة”
كان نهج النظام تجاه ترمب أقل سلبية بعض الشيء -مشيراً إلى علاقة كيم بالرئيس الأميركي بأنها “ليست سيئة”- وهي علامة على أن الزعيم الكوري الشمالي ما يزال يرى بعض القيمة في علاقاته مع الرئيس الأميركي.
مع ذلك، أوضحت وسائل الإعلام الرسمية وشقيقة كيم القوية كيم يو جونغ أن المحادثات القائمة على شروط اجتماعاتهما الأخيرة، التي ركزت بشكل أساسي على نزع السلاح النووي، ليست واردة، ويبدو أنها تطالب بالاعتراف بكوريا الشمالية كدولة نووية كشرط أساسي لمزيد من المحادثات.
تختلف كوريا الشمالية في عام 2025 بشكل كبير عن عام 2018. لقد غيرت الحرب بين أوكرانيا وروسيا ديناميكية الدولة المعزولة تقليدياً. لقد أدت حاجة روسيا للدعم العسكري الكوري الشمالي -سواء في الذخيرة أو الأفراد- إلى تدفق العملة الصعبة والتعاون التقني والسلع الأخرى، إلى جانب الاحترام المتزايد لكيم من راعيه السابق.
أميركية بائسة تروي قصة تجنيدها من برنامج يتبع كوريا الشمالية
كما توسعت قدرات كوريا الشمالية الصاروخية والنووية وترسانة الأسلحة بشكل كبير، ما يوفر لكيم مجموعة متنوعة من الأسلحة الفعالة بشكل متزايد لاستهداف الخصوم الإقليميين وتهديد الوطن الأميركي.
يزداد كيم اطمئناناً حيال مكانته الدولية وقدراته العسكرية ولا يرى حاجة كبيرة للتواصل مع الجنوب، الذي وصفه الآن بأنه دولة معادية. وفي حالة الولايات المتحدة، يُرجح أن كيم اعتبر الضربات الأميركية على البرنامج النووي الإيراني بمثابة مصادقة أخرى على جهوده في مجال الأسلحة النووية.
في حين يُرجح أن يرحب بتخفيف العقوبات وبالجهود المبذولة لتطبيع العلاقات، فإن برنامجه النووي لن يكون مطروحاً على الطاولة. لم تنس بيونغ يانغ مرارة فشل محادثاتها في هانوي، لا يُرجح أن تقبل كوريا الشمالية المحادثات دون تنازلات مسبقة. فهي ترى أي اجتماع -والصورة التي سيقدمها- على أنها تخدم الرواية المحلية لترمب أكثر من معالجة أي من مخاوف بيونغ يانغ.
كوريا الشمالية تتحدى الضغوط
تسلط رحلة كيم المخطط لها إلى بكين لحضور عرض يوم النصر الثمانين في الصين الضوء على العلاقات المتعمقة لبيونغ يانغ مع بكين وموسكو وتحديها للضغوط الأميركية.
في حين يشير التاريخ إلى أن مثل هذه الزيارات غالباً ما تسبق تجدد المشاركة مع الولايات المتحدة، يبدو أن هذه الزيارة لا تعمل كمقدمة للحوار بقدر ما تعمل كإشارة إلى أن كيم يمكنه حشد شركاء أقوياء وإجبار واشنطن على اللعب بشروطه.
إن تقارب ترمب مع كيم وتركيزه المعلن على صنع السلام يضمن أنه سيستمر في التعبير عن اهتمامه بالمحادثات. وقد يكون ترمب على استعداد للابتعاد عن عقيدة منع الانتشار والاعتراف بكوريا الشمالية كدولة نووية لإحضارهم إلى طاولة المفاوضات. ولكن في الوقت الحالي، يبدو كيم راضياً عن موقفه وغير راغب في الدخول في جولة أخرى من المسرح السياسي مع اثنين من أعظم خصومه.
المصدر : الشرق بلومبرج