
أكد قادة في القطاع الطبي خلال ندوة حوارية نظمها المستشفى الأمريكي بدبي، أن مستقبل الاستدامة والريادة في الرعاية الصحية يعتمد بشكل جوهري على تعميق الاستثمار في الكوادر الوطنية، مع تسريع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة.
وذلك في إطار تعاون متين بين القطاعين العام والخاص لدعم هذا المسار الاستراتيجي الحيوي. وتم خلال الندوة استعراض استراتيجيات التسريع والتحفيز والتعاون مع التركيز على بناء الكفاءات الوطنية.
وفي مستهل الندوة التي حملت عنوان «تعزيز القطاع الصحي عبر الاستراتيجية والتعاون والكفاءات الوطنية»، تناول المشاركون محاور عدة تعكس النظرة المستقبلية للنهوض بالقطاع الصحي. وشارك في الندوة نخبة من القيادات الصحية.
حيث شهدت مشاركة شريف بشارة، الرئيس التنفيذي لمجموعة محمد وعبيد الملا والمستشفى الأمريكي، والدكتور مهيمن عبدالغني، الرئيس التنفيذي لمجموعة فقيه هيلث والرئيس التنفيذي لمستشفى فقيه الجامعي، وعلاء عطاري، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إتش إم إس» للخدمات الطبية، وأدار الندوة حامد بن كرم، رئيس تحرير صحيفة «البيان».
الصحة تقود الاقتصاد والسياسة
وافتتح حامد بن كرم الندوة بتهنئة خريجي برنامج إعداد 100 قائد إماراتي في قطاع الصحة، مستذكراً مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حول القطاع القائد.
حيث أكد سموه أن القطاع الصحي سيقود كلاً من الاقتصاد والسياسة. وانتقل بن كرم ليسأل عن السياسات والممكنات التي أدت إلى التطور الملحوظ في دبي على مدى الـ15 عاماً الماضية في المجال الطبي.
وقال شريف بشارة إن دبي تميزت برؤية واضحة للريادة، ترجمت إلى استقطاب الكوادر والاستثمار المكثف في البنية التحتية والتجهيزات الطبية. وأشار إلى أن صياغة السياسات الناظمة كانت نقطة محورية في مسيرة النماء الصحي، مشدداً على أن المتابعة المستمرة من القيادة الحكيمة أسهمت بشكل مباشر في الارتقاء بمستوى الخدمات الطبية على مستوى الدولة.
كما أكد الدكتور مهيمن عبدالغني أن الاستثمار في القطاع الصحي هو استثمار طويل الأمد، حيث إن الأرباح لا تظهر بشكل فوري كما في قطاعات أخرى. ونوه إلى أن اختيار دبي محطة عربية ثانية لمجموعة فقيه، بعد المملكة العربية السعودية، جاء نتيجة للبيئة المواتية للاستثمار والتشريعات الداعمة التي تحمي الاستثمارات وتجذب الكفاءات.
بدوره، اعتبر علاء عطاري أن جودة الحياة التي توفرها دبي، والحياة الكريمة التي يحظى بها كل مقيم، شكلت مناخاً خصباً لاستقطاب الكفاءات العالمية، مؤكداً أهمية مواكبة التشريعات للتطورات المتلاحقة وضرورة مراجعتها الدورية بالشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.
تسريع الذكاء الاصطناعي
وتناولت الندوة تحدي تسريع وتيرة الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية. وأوضح شريف بشارة أن قطاع الصحة كان آخر القطاعات التي تبنّت الذكاء الاصطناعي في منظومة عملها، خصوصاً بعد جائحة «كوفيد 19»، وعزا التأخير جزئياً إلى عدم إشراك الأطباء في تطوير هذه المنظومة في مراحلها المبكرة.
وأكد بشارة أن التجربة الإماراتية في هذا الصدد «استثنائية»، مشيراً إلى أن المخصصات المالية للاستثمار في الذكاء الاصطناعي الموجه للقطاع الصحي زادت بنسبة 27 %.
وشدد على ضرورة وضع سياسات محفّزة، وتوحيد العمل عبر إيجاد مظلة واحدة تدير استخدام هذه التقنيات، بما يضمن تجويد الخدمات المقدمة للمريض. ورفض الدكتور مهيمن عبد الغني الفكرة الشائعة بأن الذكاء الاصطناعي يهدد الوظائف.
مؤكداً أن هذه التقنيات هي «عامل دعم كبير» يسهم في تطوير المنظومة وتسريع وتيرة العمل بكفاءة عالية جداً، كما أشار إلى أن تجويد الرعاية الصحية، أو ما أسماه «الرعاية السابقة واللاحقة»، يسهم في تقليص عدد المرضى وتحسين الحالة الصحية للمجتمع ومنع انتشار بعض الأمراض.
ضمانة الاستدامة
وتطرق الحوار إلى أهمية الاستثمار في الكوادر الوطنية، حيث أوضح شريف بشارة أن الحفاظ على الاستدامة في القطاع الطبي لا يمكن أن يتحقق إلا بسواعد أبناء الإمارات.
وأشار إلى أن تعاون المستشفى الأمريكي مع جهات عالمية مثل «مايو كلينك» لتخريج «100 قائد إماراتي» يهدف إلى اكتشاف الكوادر المتميزة ومنحها الفرصة اللازمة للنمو. واتفق الدكتور عبد الغني مع هذا الطرح، مشيراً إلى أن مجموعته توفر فرصاً مفتوحة للتدريب لكل التخصصات الطبية، قبل وبعد التخرج، لاستقطاب الكفاءات الإماراتية.
وفي الختام، أكد علاء عطاري أن القطاع الخاص هو الذراع الداعمة للقطاع الحكومي، معرباً عن فخر مجموعة «إتش إم إس» بدعم المبادرات الوطنية الرامية لتعزيز الكفاءات الإماراتية في مجال الرعاية الصحية.
وتجسد هذه الندوة حراكاً استراتيجياً شاملاً يعكس قوة الإرادة الإماراتية في توحيد الجهود بين القطاعين الحكومي والخاص، مدعومة برؤية متقدمة تستثمر في الذكاء الاصطناعي والكفاءات الوطنية، ما يؤهل دولة الإمارات لتظل في صدارة مشهد الرعاية الصحية الإقليمية والعالمية.
المصدر : البيان