تعتزم مجموعة “اتش إس بي سي هولدينغز” (HSBC Holdings) تحويل مصرف “هانغ سينغ بنك” (Hang Seng Bank) إلى بنك خاص من خلال الاستحواذ على كامل الأسهم المتبقية التي لا تملكها حالياً، وشطب السهم من التداول في البورصة، ضمن صفقة تُقدّر قيمة البنك فيها بنحو 37 مليار دولار، في خطوة تعكس تركيزاً متزايداً على هونغ كونغ التي تسعى إلى التعافي بعد سنوات من الاضطرابات الاقتصادية.
وأفادت “إتش إس بي سي” في بيان صدر الخميس بأن عرض الاستحواذ حُدد عند 155 دولاراً هونغ كونغياً للسهم (ما يعادل 19.92 دولار أميركي)، أي بزيادة تقارب 30% عن سعر الإغلاق الأخير. ووفقاً للاقتراح، سيتم إلغاء إدراج أسهم “هانغ سينغ بنك” في البورصة.
وقالت المجموعة: “يمثل هذا الاقتراح استثماراً مهماً في هونغ كونغ، ويعكس ثقتنا بإمكانات النمو لكل من ’إتش إس بي سي‘ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ومصرف ’هانغ سينغ‘”. وأضافت أن الصفقة “ستوفر فرصاً لمزيد من الاستثمارات وتعزيز الكفاءة التشغيلية”.
شراء الحصة المتبقية بـ14 مليار دولار
تمتلك مجموعة “إتش إس بي سي”، ومقرها في لندن، نحو 63% من أسهم مصرف “هانغ سينغ” حالياً وستدفع حوالي 14 مليار دولار لشراء الأسهم التي لا تمتلكها بالفعل.
وتخطط المجموعة لتعليق عمليات إعادة شراء الأسهم خلال الفصول الثلاثة المقبلة، في خطوة تهدف إلى إعادة نسبة رأس المال إلى نطاقها التشغيلي المعتاد.
وقال الرئيس التنفيذي جورج الحداري في البيان إن شراء الحصة المتبقية من “هانغ سينغ” “يوفر قيمة أكبر للمساهمين مقارنة بإعادة الشراء”.
اقرأ أيضاً: HSBC يختار اللبناني الأصل جورج الحداري رئيساً تنفيذياً
وتأتي هذه الصفقة في وقت يقود فيه الحداري أكبر عملية إعادة هيكلة لـ”إتش إس بي سي” خلال العقد الأخير، إذ أعادت المجموعة خلال السنوات الماضية تركيز أعمالها نحو آسيا، وأغلقت أو باعت العديد من وحداتها في أوروبا وأميركا الشمالية.
رهان على هونغ كونغ وسط انتعاش السوق
ويُعد هذا الاستحواذ بمثابة رهان كبير على مستقبل هونغ كونغ، في وقت تشهد فيه المدينة انتعاشاً في أنشطة الإدراج بالبورصة وصفقات التمويل، مدفوعة إلى حد كبير بشركات صينية تستهدف التوسع عالمياً.
ويعكس هذا التوجه جزئياً مساعي الرئيس الصيني شي جين بينغ لتعزيز دور هونغ كونغ كمركز مالي يدعم أولويات بكين الصناعية، مع تزايد لجوء شركات تنشط في قطاعات مثل السيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي إلى المدينة لجمع رؤوس الأموال اللازمة للنمو خارج الصين القارية.
مقترح لإنشاء بنك لاستيعاب القروض الرديئة
ومع ذلك، تأتي الصفقة في توقيت دقيق، إذ يرزح القطاع المصرفي في هونغ كونغ تحت ضغوط ناجمة عن أسوأ ركود عقاري تمر به المدينة منذ الأزمة المالية الآسيوية في أواخر تسعينيات القرن الماضي.
وقد دارت بالفعل مناقشات في القطاع حول إنشاء بنك بهدف شراء أو استيعاب القروض المتعثّرة، والتي تقدرها وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني بحوالي 25 مليار دولار، استناداً إلى بيانات سلطة النقد في هونغ كونغ.
اقرأ أيضاً: “نيو وورلد” تنال موافقة المقرضين لإعادة تمويل بـ11 مليار دولار
وكانت “إتش إس بي سي” قد دعت مراراً “هانغ سينغ” إلى خفض انكشافه على قطاع العقارات التجارية، بعد أن تضخمت محفظته من الديون المتعثرة في هذا القطاع إلى نحو 25 مليار دولار هونغ كونغي (ما يعادل 3.2 مليار دولار أميركي) بحلول يونيو 2025، بزيادة بلغت 85% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وفي إطار إعادة هيكلة شاملة، قسّم الرئيس التنفيذي جورج الحداري مجموعة “إتش إس بي سي” إلى أربعة أقسام جديدة، وتخلى عن أعمال كانت تُعد محورية في استراتيجية من سبقوه، بينما يركز جهوده حالياً على التوسع في أسواق ذات أولوية مثل الصين الكبرى والشرق الأوسط.
وكانت المجموعة قد وزّعت بالفعل مليارات الدولارات على مساهميها خلال العام الماضي، معظمها من خلال عمليات إعادة شراء الأسهم، التي أصبحت أداة أساسية في استراتيجيتها لإعادة توزيع رأس المال على المستثمرين.
المصدر : الشرق بلومبرج
