ملتقى الشارقة الثقافي يضيء على ثقافة العصر العباسي

ملتقى الشارقة الثقافي يضيء على ثقافة العصر العباسي

شهد ملتقى الشارقة الثقافي جلسة بعنوان: «أبرز الملامح الثقافية في العصر العباسي، رموز ثقافية مؤثرة.. هارون الرشيد بين الواقع ورأي المستشرقين»، وأدارت الجلسة الإعلامية عائشة الرويمة، وقدمها عوض الدرمكي، والذي سلط الضوء على ضرورة العودة لتاريخنا والاستفادة ليس فقط من الكتب الحديثة، بل من الضروري قراءة التاريخ باستمرار لنتمكن من قراءة واقعنا والنهوض بثقافتنا وقيمنا الأصيلة، ولعل تجربة العصر العباسي من الجانب الثقافي من أكثر التجارب ثراء؛ إذ شهد هذا العصر انطلاقاً لأنواع أدبية وثقافية وفنية جديدة ما زالت حاضرة معنا لليوم، ولنذكر على سبيل المثال تجربة «زرياب» الذي أضاف للعود وتراً خامساً ليغير في العزف تغييراً جذرياً، ووضع أصول الإتيكيت في تناول الطعام وارتداء الملابس حسب الوقت والمناسبة وغيرها.

وأضاف موضحاً: «لا يمكننا الحديث عن العصر العباسي دون التوقف عند الخليفة العباسي هارون الرشيد، والذي صنع الثورة العلمية بعد أن أصدر قراراً بصناعة الورق، والذي كان يصنع حصراً في الصين وكانت نوعيته رديئة، والجيد كان باهظ الثمن، وبعدها انفجرت ظاهرة الكتابة، وانتشرت الحوانيت المختصة بالتدوين، وانتشر الأدباء والعلماء في مختلف المجالات، وظهرت أنواع جديدة من الأدب».

أما الجلسة التي نظمها الملتقى بعنوان «أبرز الملامح الثقافية في العصر العباسي»، فأدارتها الإعلامية عائشة العاجل، وشارك فيها د. محمد المزطوري، ود. حصة الكتبي، والأستاذ عيسى يوسف، ود. عاطف منصور.

وتحدث د. محمد المزطوري عن بيت الحكمة والصالونات الثقافية، حيث قال: تأسس بيت الحكمة في العصر العباسي، وكان في البداية مهتماً بالترجمة، لحرص الناس في تلك الفترة على التعرف إلى ثقافات الشعوب الأخرى، كما أن بيت الحكمة لم يكن مجرد مكتبة تضم الكتب والمخطوطات والمدونين والأدباء والشعراء وتعتبر أكاديمية علمية وأدبية، بل كانت مصدراً للثقافة والتدوين وتخليداً للمعارف ونقلاً للحضارات والصالونات الثقافية وتبادل الثقافات والأفكار.

وسلطت د. حصة الكتبي الضوء على أثر الأدب العباسي في الأدب المعاصر، وقدمت عرضاً مميزاً تحت عنوان «في ظلال العباسيين» للعديد من الأدباء والشعراء الذين تأثروا بالأدباء والشعراء والمفكرين من العصر العباسي، وتحدثوا عن هذا من خلال كتاباتهم التي استعرضتها د. حصة، ومنهم الشاعر نزار قباني، والأديب طه حسين، وتحدثت د. حصة موضحة: «حين نتحدث عن الأدب العباسي فنحن لا نتحدث عن فترة انقضت بل عن حالة ثقافية خالدة، هذه الفترة الخالدة شكلت وجدان الأمة، بل وجهت مسارات الإبداع العربي عبر قرون عديدة، وحين نطلع على ما كتب في العصر العباسي قبل أكثر من ألف عام من شعر ونثر، فإننا نكتشف أننا أمام أعمال أدبية ما زالت تقرأ لليوم بل وتحاكى ويعاد إنتاجها في صور جديدة».

* ترجمة

بينما شهد اليوم الثاني من الملتقى جلسة بعنوان «ازدهار العلوم الإنسانية في العصر العباسي»، أدارها د. محمد بن جرش، وشارك فيها الشاعر د. شهاب غانم، والكاتب والروائي غيث الحوسني.

وتحدث د. شهاب غانم عن ترجمة الشعر في عصر الازدهار العلمي، حيث قال: «تعتبر ترجمة الشعر مهمة جداً لأن الشعر ينقل لنا روح الأمة، فإذا أردت التعرف على أمة عليك أن تقرأ شعرها، ولهذا حرصت على ترجمة مختلف النصوص الشعرية، ويفضل عادة ترجمة الشعر إلى شعر، وليس إلى نثر، ولهذا يفضل أن يقوم الشعراء بمهمة ترجمة الشعر».

وأكد د. شهاب أن ترجمة الشعر خلال العصر العباسي كانت تعتمد على الجهود الفردية، ولم تكن عملاً جماعياً منظماً، وربما لهذا لم تتم ترجمة الشعر بشكل كبير، بل كانت ترجمة لبعض الأبيات الشعرية التي ترجمت لنثر ووصلت إلينا لتكون بمثابة الحكم والمواعظ؛ لأنها لم تترجم إلى قصائد شعرية، مثل حكمة «الصديق وقت الضيق» على سبيل المثال.

وتحدث غيث الحوسني عن الفلسفة في العصر العباسي وتأثرها بالثقافة اليونانية، وقال: «لم يتأثر العرب بالثقافة اليونانية فحسب، بل أعادوا تشكيلها، حيث ترجمت الأعمال الأدبية والفلسفية بروح عربية وإسلامية، وكانت الثقافة العربية في العصر العباسي بمنزلة شعاع النور الذي أضاء ظلام الجهل في العالم».

المصدر : صحيفة الخليج