أحدث السيناتور الأميركي بيل كاسيدي مفاجأة عام 2021 عندما انضم” إلى ستة “جمهوريين” آخرين في تحدي الرئيس دونالد ترمب من خلال التصويت لمصلحة إدانته بعد أحداث الشغب التي وقعت في مبنى الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) من ذلك العام. وبحلول شهر يناير المقبل سيتولى هذا السياسي “الجمهوري” الاختصاصي بأمراض الجهاز الهضمي رئاسة “لجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات التقاعدية” في “مجلس الشيوخ” Health, Education, Labor and Pension Committee، مما يجعله أحد أكثر الأصوات تأثيراً في مجال الرعاية الصحية في الولايات المتحدة.
لكن عندما يتعلق الأمر بقرار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ترشيح روبرت أف. كينيدي جونيور – وهو من السياسيين الذين روجوا على مدى أعوام لمعلومات مضللة حول اللقاحات” – لتولي وزارة الصحة، بدا السيناتور كاسيدي متردداً في قبول هذا الترشيح، وأكد رغبته في إجراء مزيد من التقييم والتدقيق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فعندما سألت صحيفة “اندبندنت” السيناتور بيل كاسيدي عن رأيه في مواقف كينيدي وأفكاره المتعلقة بنظريات المؤامرة، أجاب، “قد يبدو كلامي غير معتاد، لكنني أرغب في إجراء حديث معه”. وأضاف، “لقد قيل كثير في هذا الصدد، لذا أريد التأكد من أنني أشكل رأيي الخاص، بناءً على فهم مباشر للموضوع”.
اللافت أن السيناتور كاسيدي ليس الوحيد الذي يشعر بقلق من ترشيح كينيدي جونيور. فقد تواصلت صحيفة “اندبندنت” مع عدد من أعضاء “مجلس الشيوخ” في الحزب “الجمهوري” من ذوي الخلفيات الطبية – وهؤلاء سيكون لهم دور رئيس في الموافقة على تعيين كينيدي على رأس وزارة الصحة – وسألتهم على وجه التحديد عن دفاعه عن النظرية التي تم دحضها، والتي تشير إلى وجود علاقة ما بين اللقاحات ومرض التوحد.
معظم هؤلاء أظهروا تحفظاً عن مناقشة قضية ترويج روبرت كينيدي للمعلومات الصحية المضللة. أما السيناتور روجر مارشال من ولاية كانساس – وهو طبيب أمراض النساء والتوليد – فقد امتنع عن الإدلاء بتعليق على الموضوع. واكتفى بالقول صحيفة “اندبندنت” إن “المسألة طويلة ومعقدة بعض الشيء، وأنا متأخر عن اجتماع، لذا لن أتمكن من تقديم إجابة”.
وكان روبرت كينيدي نجل النائب العام “الديمقراطي” الراحل، والعضو في “مجلس الشيوخ” عن ولاية نيويورك، قد أطلق حملة ترشحه للرئاسة في هذه الدورة. وسعى في البداية إلى الحصول على تأييد الحزب “الديمقراطي”، متحدياً الرئيس جو بايدن، قبل أن يقرر الترشح كمستقل. وفي النهاية، انسحب من السباق وأيد المرشح “الجمهوري” دونالد ترمب.
ومنذ ذلك الحين، التزم كينيدي شعار حملته “لنجعل أميركا صحية من جديد” Make America Healthy Again، مع التركيز على إجراء إصلاح شامل لشركات الأغذية الأميركية ومجال البحوث الصحية. إلا أن انتقاداته الصريحة للقاحات – ولا سيما منها اللقاح المركب “أم أم آر” MMR الذي يحمي من الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، وزعمه أنه يسبب مرض التوحد – أثارت مخاوف واسعة النطاق.
تجدر الإشارة هنا إلى أن دونالد ترمب سبق أيضاً أن تحدث عن وجود صلة بين اللقاحات ومرض التوحد، حتى إنه ذهب إلى حد الزعم بأن الولايات المتحدة تواجه “وباء” يسبب “إعاقات نمائية” Developmental Disability (مجموعة من الحالات المزمنة التي تعزى إلى إعاقات عقلية أو جسدية تنشأ قبل البلوغ، وتسبب صعوبات في اللغة والتنقل والتعلم والمساعدة الذاتية والحياة المستقلة). إلا أنه عام 2020 اتخذ موقفاً مغايراً وقام بالترويج لتطوير لقاح ” كوفيد-19″، من خلال حملة “أوبرايشن وورب سبيد” Operation Warp Speed (وهي مبادرة حكومية أطلقتها إدارة ترمب عام 2020 لتسريع تطوير وتصنيع وتوزيع لقاحات وعلاجات “كوفيد”).
أما روبرت كينيدي فقد اتخذ موقفاً معاكساً تماماً لترمب، بحيث انتقد بشدة لقاح “كوفيد-19″، وقدم ادعاءات لا أساس لها من الصحة عن مدى سلامته.
السيناتور راند بول من ولاية كنتاكي – وهو طبيب عيون لديه وجهات نظر وآراء ليبرالية طويلة الأمد – أعرب عن موقف لافت عندما قال لـ”اندبندنت”، “أتوقع أن يكون كينيدي وزيراً ممتازاً للصحة والخدمات الإنسانية”. وأضاف، “أعتقد أنه لدينا ما يمكن تسميته ’استيلاءً تنظيمياً‘ Regulatory Capture – من جانب الشركات الكبرى التي تتولى قطاع الأدوية – وإساءة استخدام للنظام منذ فترة طويلة”.
وعلى غرار كينيدي انتقد السيناتور بول الإجماع العلمي الذي ساد في ما يتعلق بفيروس “كوفيد-19″، وكان أول عضو في “مجلس الشيوخ” تثبت إصابته بالعدوى عام 2020. واشتبك مراراً عدة في الآراء مع الدكتور أنطوني فاوتشي كبير المستشارين الطبيين في البيت الأبيض في حينه، أثناء جلسات الاستماع التي أجرتها “لجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات” في “مجلس الشيوخ” HELP Committee.
في غضون ذلك، ألف روبرت كينيدي جونيور كتاباً عام 2021 بعنوان “أنطوني فاوتشي الحقيقي” The Real Anthony Fauci.
السيناتور جون باراسو من ولاية وايومينغ الذي سيصبح الطبيب الأقدم في “مجلس الشيوخ” عندما يتولى دور رئيس الانضباط الحزبي في الغالبية “الجمهورية”، قدم تقييماً أكثر حذراً عندما قال لصحيفة “اندبندنت”، “دعونا ننتظر ما سيقوله كينيدي في جلسة الاستماع. فأنا من مؤيدي اللقاحات، لكنني أعارض فرض الحكومة رؤيتها على الأفراد”.
السيناتورة ليزا موركوفسكي من ولاية آلاسكا – وهي من “الجمهوريين” المعتدلين، وعضو في “لجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات”، لكنها ليست طبيبة – أعربت هي أيضاً عن رغبتها في التحدث مع روبرت كينيدي جونيور.
وقالت لصحيفة “اندبندنت”، “لديَّ اعتقاد راسخ بأن لقاحات الأطفال ضرورية وبالغة الأهمية. وبصفتي والدة، أريد التأكد من حماية أطفالي من أمراض مثل الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، أو أي أمراض أخرى. وقد قطعنا خطوات مذهلة في ما يتعلق بالحفاظ على صحة الناس”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية