يتزايد حجم الضغوط الاقتصادية على الأردنيين في كل عام على نحو يقلق الطبقة الفقيرة تحديداً، خشية توقف أو خفض الدعم الحكومي للسلع الإستراتيجية المهمة. ويترقب قسم كبير من الأردنيين إعلان تفاصيل الموازنة السنوية مع تزايد الدين العام، الذي لامس 59 مليار دينار أردني في 2024، فضلًا عن استمرار عجز الموازنة.
وأمام هذه المعادلة الصعبة تجد الحكومة الأردنية نفسها مضطرة إلى تحقيق توازن ما بين دعم الفئات الأكثر احتياجاً وتقليل الأعباء المالية​، وتتقاطع هذه التفاصيل مع أنباء عن رفع الحد الأدنى للأجور من 366 دولاراً إلى 420 دولاراً خلال الأيام المقبلة.

سلع إستراتيجية

 يتركز اهتمام الطبقة الفقيرة في الأردن على أسطوانة الغاز والخبز، باعتبارهما أهم السلع الأساس، والحبل الرفيع الذي يتمسك به المواطن الأردني الفقير ليبقى صامداً في وجه الظروف الاقتصادية الصعبة. وعلى رغم انخفاض إجمال المخصصات في مشروع موازنة 2025 بنحو ستة في المئة فإن الحكومة أكدت التزامها تثبيت أسعار الخبز والغاز لتخفيف الأعباء عن المواطنين​.
ويقول مراقبون إن تثبيت سعر الخبز يرتبط بالأمن الغذائي للبلاد، بما يشمل تعزيز المخزون الإستراتيجي من القمح لمدة كافية وسط توقعات بانخفاض أسعاره عالمياً، فيما يعد تثبيت سعر الغاز المنزلي أمراً ملحّاً لآلاف الأسر الأردنية التي تعتمد عليه كوسيلة أساس للطهي والتدفئة، بخاصة خلال فصل الشتاء.
ويعتقد اقتصاديون أن دعم هاتين السلعتين الأساسيتين من شأنه تخفيف آثار التضخم وارتفاع كلف المعيشة، إذ تشكل هذه السلع نسبة كبيرة من إنفاق الأسر الفقيرة يصل إلى ما قيمته ربع الدخل الشهري.
ومع تجاوز نسبتَي الفقر والبطالة في الأردن 24 في المئة و15 في المئة على التوالي، فإن الحكومة الأردنية معنية بتفادي أية خطوة من شأنها تأجيج الاحتجاجات الشعبية في الشارع المحتقن.

الغاز دفء اقتصادي

وتعد أسطوانة الغاز سلعة أساس بالنسبة إلى الأردنيين، بخاصة خلال فصل الشتاء، إذ تشير الإحصاءات الرسمية إلى استهلاك أكثر من 1.4 مليون أسطوانة غاز خلال أشهر فصل الشتاء.
ويبلغ سعر أسطوانة الغاز المنزلية نحو10 دولارات أميركية، وتُصنف بأنها أحد أنواع التدفئة الاقتصادية مقارنة بأصناف المحروقات الأخرى كالديزل والكهرباء والكيروسين.
وعوّل الأردنيون الشهر الماضي على تحقيق رفاه اقتصادي واعد بعد الإعلان رسمياً عن وجود كميات تجارية في حقل الغاز الوحيد تقريباً في البلاد.
ويقدر خبراء أن كميات الغاز المعلنة تكفي الأردن 80 عاماً، وتقدَّر قيمتها بـ70 مليار دولار. وقالت وزارة الطاقة الأردنية حينها إن هناك كميات تجارية في حقل الريشة تُقدر بـ9.4 تريليون قدم مكعبة.

أولوية حكومية

ويؤكد الباحث الاقتصادي سلامة الدرعاوي أن “أحد أبرز الأهداف الرئيسة لمشروع قانون موازنة 2025 هو الاستمرار في سياسة الدعم لسلع وخدمات إستراتيجية بخاصة في ما يتعلق بأسطوانة الغاز والخبز”. ويشير الدرعاوي إلى أن الحكومة الأردنية رصدت نحو 250 مليون دولار لدعم المواد التموينية، وتحديداً القمح والأعلاف، فيما خصصت 83 مليون دولار لأسطوانة الغاز، على رغم التوقعات بارتفاع أسعار الغذاء والنفط عالمياً.
ويلفت الباحث الأردني إلى أن “الحكومة خصصت مبالغ مالية تُقدر بـ 28 مليون دولار لتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الفقيرة التي تتلقى معونات من صندوق المعونة الوطنية، فضلاً عن ارتفاع الإعانات الحكومية في ملف إعفاءات المعالجات الطبية”. مما يعني بصورة واضحة بالنسبة إلى الدرعاوي أن “الدعم بات أولوية حكومية ويجب الاستمرار فيه، بخاصة مع تنامي الضغوط المعيشية على المواطنين من الطبقتين المتوسطة والفقيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الخبز كفاف الفقير وأمانه

ويرى المواطن الأردني الفقير في رغيف الخبز ملاذاً آمناً، فهو الغذاء الأساس الذي يمكن الاعتماد عليه مهما اشتدت الظروف، والحاضر الدائم على موائد العائلات البسيطة.
ومنذ جائحة كورونا في عام 2019 تتعهد الحكومة الأردنية في موازناتها المتعاقبة بالحفاظ على رغيف الخبز ودعمه، وتبديد شائعات رفع سعره منذ آخر مرة قامت بذلك في عام 2018.
وتشير التقديرات الرسمية وفقاً لنقابة أصحاب المخابز إلى أن استهلاك الأردنيين من الخبز يقف عند 20 مليون رغيف يومياً، لكن الحكومة تقول إن جزءاً من هذه الكمية يذهب إلى غير الأردنيين المقيمين في المملكة، الذين يقدَّر عددهم بنحو 3 ملايين شخص.
ويستورد الأردن 97 في المئة من احتياجه من القمح، أما معدل استهلاكه السنوي فيبلغ نحو 780 ألف طن.
ويبلغ سعر كيلو الخبز في الأردن نحو 55 قرشاً (78 سنتاً)، وبعد الدعم الحكومي يباع للمواطن بسعر يتراوح ما بين 32 و40 قرشاً (45 و56 سنتاً).
وبحسب وزارة الصناعة والتجارة يوجد في الأردن نحو 2000 مخبز، ويقدر استهلاك الفرد من الخبز بنحو 90 كيلوغراماً سنوياً.
ويرصد الكاتب والباحث الاجتماعي أحمد أبو خليل ارتفاع سعر الخبز في الأردن خلال 40 عاماً من سبعة قروش إلى 16 قرشاً، مضيفاً أن “هناك فئة من الأردنيين تعد الخبز المكون الرئيس في طعامها وهي فئة تزداد اتساعاً بفضل منهج لا تنموي معادٍ للفقراء متبع في العقود الأخيرة”.

لكن في مقابل ذلك تتحدث إحصاءات رسمية عن هدر الأردنيين نحو 34 في المئة من طعامهم سنوياً بما في ذلك الخبز.

نقلاً عن : اندبندنت عربية