«هامش أخير» يختتم ثلاثية محمود شقير

«هامش أخير» يختتم ثلاثية محمود شقير

صدر عن دار نوفل – هاشيت أنطوان الجزء الثالث والأخير من سيرة الكاتب محمود شقير، «هامش أخير»، وفيه «يستوفي ما كان ناقصاً» في الجزأين الأولين من سيرته المنشورة: «تلك الأزمنة» و«تلك الأمكنة»، تحدوه رغبة واحدة: «أكتب لعلّ العالم يصبح أجمل، ولعلّ الشرّ يكون أقل»، كما يكرر شقير دوماً.
في «أول الكلام»، شرح شقير لماذا «هامش أخير»، موضحاً «أكتب للناس الذين أعرفهم وأعيش معهم، ولشعبي الذي يعاني منذ أكثر من مئة عامٍ من أبشع غزوةٍ عدوانيّةٍ ، لشعبي الذي من حقّه أن يعيش حياة طبيعيّة في ظلّ الحرّية والديمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة والعودة وتقرير المصير والاستقلال… أكتب لكي أسهم في الدفاع عن قيم الحقّ والخير والجمال… أحاول كتابة نصٍّ يمجّد الحياة ويُعلي من شأن الإنسان، ويضع الإنسانيّة في المكانة اللائقة بها بعيداً من عسف الطغاة… وأكتب لكي لا تكون حياتي خاوية جوفاء، فالكتابة هي التي تُعينني على مواصلة الحياة».
في عناوين كثيرة وقصيرة تشبه فصولاً، وبأسلوبٍ هادئٍ ولغةٍ واضحة تموج بين الإمتاع والتأمل والطرافة، يعرّي شقير ذاته بدون أقنعةٍ أمام القارئ، بلا عقدٍ ولا خوفٍ من مواجهة ذاته بصدقٍ وجرأة.
تحضر القدس كثيمةٍ رئيسيةٍ في الكتاب، وكمدينةٍ صاغت شخصية الكاتب، وكجزء من مادّة شقير الأدبية، وجزءٍ من روحه ووعيه. ويُضيء بعجالةٍ على وضعها الحضاري قبل النكبة وأحوالها الثقافيّة، ثم تحوّلها مع توالي النكسات.

في هذه السيرة تلويحات وفاءٍ لأسماءٍ أدبيّة وأصدقاء مرّوا في حياة الكاتب وهم كثُر، واحتفاءٌ وتقديرٌ للمرأة وأدوارها في المجتمع، وذكرٌ لمدنٍ وأمكنةٍ زارها داخل فلسطين وخارجها، كبيروت ودمشق، الجزائر، بلغاريا، إسطنبول، براغ… وفي آخر الكتاب ملحقٌ فيه معايدة لكتّابٍ بعيد ميلاد الكاتب الثمانين، وشهادات في كتابته.
تبدو السيرة كأنها تأريخ ثقافيّ وسياسيّ وتاريخيّ لمرحلة مهمة منذ أربعينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
في الجزء الأول من تلك السيرة، يرصد شقير: تنقّله من مدينة إلى أخرى، التحاقه بالسياسة، أبناؤه وفرحة الأحفاد. يضيء على تفاصيل حياته ومنعطفاتها، ببساطته الممتنعة المعهودة، فنرى خلف التفاصيل الصورة الأكبر، صورة الديناميات الثقافية الفلسطينية والعربية والتحدّيات السياسية والاجتماعية. يتلو شقير قصّته، ولكن، كالعادة، نقرأ من خلفها قصّة المدينة وأهلها.
وفي الجزء الثاني «تلك الأزمنة» يستعيد شقير التفاصيل وهو على عتبة الثمانين. يبدأ من طفولته في القدس، ويُسهِب في الحديث عن فترة النِضالَين الحزبي والوطني، كما يفرد مساحة أوسع للتجارب الشخصية، والعلاقات مع بقية زملائه من الكتاب والمناضلين الفلسطينيين.

محمود شقير – كاتب فلسطيني (مواليد القدس، 1941). يكتب القصّة والرواية للكبار والفتيان. أصدر حتّى الآن خمسة وثمانين كتاباً، وكتب ستّة مسلسلات تلفزيونيّة طويلة وأربع مسرحيّات. تُرجمت بعض كتبه إلى اثنتي عشرة لغة من بينها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والسويديّة والفارسيّة والتركيّة. حاز جوائز عديدة، من بينها جائزة محمود درويش للحرّية والإبداع (2011)، جائزة القدس للثقافة والإبداع (2015)، جائزة دولة فلسطين في الآداب (2019)، جائزة الشرف من اتحاد الكتّاب الأتراك (2023)، وجائزة فلسطين العالمية للآداب (2023).
تنقّلَ بين بيروت وعمّان وبراغ، ويقيم حاليّاً في القدس.

المصدر : صحيفة الخليج