اندفاع غير مسبوق نحو صندوق ياباني مدعوم بالذهب يثير قلق الأسواق

اندفاع غير مسبوق نحو صندوق ياباني مدعوم بالذهب يثير قلق الأسواق

تسبب الاندفاع المستمر نحو الذهب في ارتفاع سعر أكبر صندوق متداول في البورصة اليابانية مدعوم بالمعدن الثمين إلى مستوى قياسي تجاوز قيمة الأصل الأساسي، مما يسلط الضوء على المخاطر التي قد تواجه المستثمرين في سوق تشهد تقلبات حادة.

صعد سعر “صندوق الذهب المادي الياباني” (Japan Physical Gold ETF) المُتداول في طوكيو – وهو الصندوق الوحيد من نوعه في البلاد والمدعوم بالذهب المُخزَّن محلياً – بنسبة 16% مقارنة بصافي قيمة الأصول في وقت مبكر من الأسبوع الجاري. ويأتي ذلك حتى بعد أن حذّرت بورصة طوكيو المستثمرين يوم الجمعة من ضرورة الانتباه إلى صافي قيمة أصول الصندوق، نظراً إلى أن تداولاته تسجل علاوة سعرية بشكل مستمر مؤخراً.

تراجع الذهب يثير المخاوف

تأججت المخاوف بعد أن شهد السعر الفوري للذهب يوم الثلاثاء أكبر تراجع له منذ أكثر من 12 عاماً، مما دفع بعض المحللين إلى التحذير من احتمال انعكاس الاتجاه الصاعد للصندوق.

اقرأ المزيد: أسعار الذهب والفضة تتأرجح بعد تراجع حاد مع انحسار موجة الصعود

قال ساتورو يوشيدا، محلل السلع في شركة “راكوتن سيكيوريتيز” (Rakuten Securities Inc)، إنه إذا استمر ضعف سوق الذهب، “فقد يُقدم المستثمرون الأفراد على البيع بشكل جماعي”، ما يزيد مخاطر تكبد خسائر كبيرة.

أظهرت بيانات جمعتها “بلومبرغ” أن العلاوة السعرية على صندوق الذهب الياباني البالغ حجمه 1.25 تريليون ين (8.2 مليار دولار) اتسعت لتُصبح الأعلى بين نظرائه العالميين. وقد انخفض سعر الصندوق بنسبة وصلت إلى 11% يوم الأربعاء بعد هبوط بنسبة 6.3% في سعر الذهب يوم الثلاثاء.

تباين بين الصندوق وسوق الذهب

ويبرز الصندوق مقارنة بنظرائه العالميين ذوي الهياكل المماثلة، مثل “صندوق غولدمان ساكس للذهب المادي” و”صندوق أبردين لأسهم الذهب المادي” و”صندوق آي شيرز للذهب المادي”، والتي لم تشهد خلال العقد الماضي أي فجوة بين صافي قيمة الأصول وسعر التداول تتجاوز 4%، وفقاً للبيانات.

قال كيي أوكازاكي، المدير الأول في قسم تطوير سوق الصناديق المتداولة في بورصة طوكيو، في مقابلة: “التراجع في الارتباط بين أسعار الصندوق وسوق الذهب، إلى جانب شراء المستثمرين عند أسعار مرتفعة، يُثير القلق”.

اندفاع ياباني نحو الذهب

تُبرز هذه التحركات غير الاعتيادية رغبة المستثمرين الأفراد اليابانيين المتزايدة حديثاً في الذهب، بالإضافة إلى ضعف الين وتوقف بعض تجار التجزئة المحليين عن بيع المعدن، وهي عوامل قال بعض المحللين إنها سرّعت من تدفّق الأموال إلى صناديق الذهب المتداولة. وأوضح يوشيدا من “راكوتن سيكيوريتيز” أن تراجع قيمة العملة اليابانية جعل المستثمرين يتوقعون مكاسب أكبر من الذهب، الذي يُسعَّر بالدولار.

ومن أسباب شعبية هذا الصندوق أن المستثمرين يمكنهم، مقابل رسم، تحويل ممتلكاتهم إلى المعدن الثمين.

إقرأ أيضاً: خسائر حادة تباغت الذهب والفضة بعد رالي تاريخي

عندما يتجاوز سعر تداول صندوق الذهب الياباني صافي قيمة أصوله، تقوم شركة “ميتسوبيشي” (Mitsubishi Corp) المُصدّرة للصندوق بشراء ذهب فعلي، وتبيع بدورها شركات الأوراق المالية وحدات الصندوق المُنشأة حديثاً في السوق، وهو ما يؤدي عادة إلى تقليص الفجوة.

تأمين الذهب الفعلي

قال ممثل عن الشركة التابعة لـ”ميتسوبيشي” (Mitsubishi) والمسؤولة عن شراء المعادن الثمينة، إن الشركة تؤمّن السبائك من مصادر محلية وأجنبية على حدّ سواء، لكنها تجد صعوبة في مواكبة الطلب المتزايد والارتفاع السريع في الأسعار.

ولا تحظى صناديق الذهب الأخرى في اليابان بدعم من الذهب المخزّن محلياً. إذ يستثمر “صندوق آي شيرز للذهب” (iShares Gold ETF) في صندوق متداول في لندن مدعوم بالذهب الفعلي المُخزَّن في الخارج، فيما يستند “صندوق إن إف لأسعار الذهب” (NF Gold Price ETF) إلى أوراق مالية مرتبطة بأسعار العقود المستقبلية للذهب.

قال بعض المحللين إن التوقعات الإيجابية الأوسع نطاقاً بشأن الذهب ستُعزز “صندوق الذهب المادي الياباني” على المدى الطويل. وفي الواقع، قلّص الصندوق خسائره سريعاً إلى نحو 7% بحلول بعد ظهر يوم الأربعاء.

أشار ساتوشي هارادا، الباحث في “مركز أبحاث إن إل آي” (NLI Research): “الصندوق لم يصل بعد إلى مرحلة يحدث فيها تقارب سريع بين السعر وصافي قيمة الأصول، نظراً إلى أن الحصول على الذهب الفعلي لا يزال صعباً بالنسبة للمستثمرين الأفراد”.

المصدر : الشرق بلومبرج