254 مليار درهم عوائد «طرق دبي» المتوقعة بحلول 2050

254 مليار درهم عوائد «طرق دبي» المتوقعة بحلول 2050

كشفت دراسة شاملة، أجرتها شركة «ماكنزي» العالمية، حول الأثر الاقتصادي لهيئة الطرق والمواصلات، بالتزامن مع احتفالها بمرور 20 عاماً على تأسيسها، أن إجمالي استثمارات الهيئة في مشاريع تطوير البنية التحتية لشبكة الطرق والنقل، منذ عام 2005 حتى العام الجاري، بلغ نحو 175 مليار درهم.

وحققت تلك الاستثمارات إيرادات تراكمية بلغت 150 مليار درهم، منها 18 مليار درهم عوائد مالية من طرح الشركات في سوق دبي المالي، ويُتوقع أن تتجاوز العوائد النقدية للهيئة 254 مليار درهم بحلول عام 2050، كما يتوقع أن يتراوح العائد الاقتصادي على الاستثمار بين 4 و5 %، وهي نسبة تُعد استثنائية في قطاع النقل عالمياً، كما ساهمت الهيئة في جذب استثمارات أجنبية مباشرة، تجاوزت 32.4 مليارات درهم في الخدمات اللوجستية والتوزيع والنقل خلال السنوات العشر الأخيرة.

وأكدت الدراسة أن دبي تفوقت عالمياً في سرعة وكفاءة تطوير شبكة النقل، إذ بلغ متوسط طول مسارات الطرق التي نفذتها الهيئة سنوياً ما يقارب 829 كيلومتراً، أي ضعف المعدل العالمي البالغ حوالـي 400 كيلومتر، وبلغت كفاءة التكلفة لكل كيلومتر في إنشاء الطرق السريعة والمترو، بين 1.5 و2.5 مرة أفضل، مقارنة بمدن عالمية مثل موسكو وشنجن وميلان، وساعدت الخبرات التراكمية والكفاءة العالية على تحقيق إنجازات بارزة، كما أظهرت الدراسة أن تكلفة إنشاء الكيلومتر الواحد لمترو دبي، أقل من تكلفة الكيلومتر الواحد في لندن بنسبة 36 %، وأقل بـ 55 % من سيدني.

الأثر الاقتصادي

وبيّنت الدراسة أن مترو دبي، الذي يُعد أول شبكة مترو في دول مجلس التعاون الخليجي، شكّل نقطة تحول حضرية، وساهم في خفض المسافات المقطوعة بالسيارات بنحو 29.8 مليار كيلومتر خلال ستة عشر عاماً، مشيرة إلى أن الخط الأزرق للمترو، الذي يُتوقع إنجازه عام 2029، بتكلفة 20.5 مليار درهم، سيعزز تنفيذ خطة دبي الحضرية 2040، وأجندة D33، من خلال دعم مفهوم (مدينة العشرين دقيقة)، وتحقيق التكامل بين وسائل النقل العام، وترسيخ مكانة دبي أفضلَ مدينة للعيش والعمل في العالم.

وأوضحت الدراسة أن مشاريع النقل والبنية التحتية ساهمت في رفع أسعار العقارات في دبي بنسبة تراوحت بين 6 و16 %، حيث يُعد القرب من محطات المترو أو الطرق السريعة، العامل الأبرز في تحديد مستوى الزيادة في أسعار العقارات، وحققت المجتمعات العمرانية المرتبطة بشبكة النقل، مثل (وسط المدينة، ودبي مارينا، والخليج التجاري وغيرها)، مكاسب تفوقت على المتوسط العام للسوق.

كما ساهمت مشاريع البنية التحتية في تعزيز جاذبية الإمارة للاستثمار العقاري، وزيادة الطلب على المشاريع السكنية والتجارية، وهو ما انعكس على نشاط الأسواق العقارية والمالية في الإمارة، وكذلك تعزيز سهولة الوصول إلى مراكز الجذب الرئيسة في الإمارة، مقارنة بالمناطق الأخرى.

وأحرزت إمارة دبي تقدماً ملحوظاً في مؤشرات زمن التنقُّل، حيث أظهرت البيانات انخفاض معدل زمن الرحلة: (Travel Time Index)، بنسبة 4 % خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث بلغ المعدل 1.28 عام 2014، في حين بلغ 1.23 عام 2024، ضمن المنطقة الحضرية. وأشارت الدراسة إلى أن نجاح دبي في تحسين المؤشرات الخاصة بزمن التنقُّل، مقارنة بالمدن المعيارية المماثلة، كان بفضل الاستثمارات الذكية والفعّالة في البنية التحتية، ممثلة في الطرق والمترو.

وأظهرت الدراسة سهولة الوصول في دبي إلى مراكز الجذب الرئيسة في مختلف مناطق الإمارة، بمعدلات تتجاوز متوسط التنقُّل في المدن العالمية المماثلة، وفقاً للمقارنة المعيارية، بفضل شبكة الطرق العملاقة، التي شيدتها الهيئة، حيث أحرزت دبي مركزاً متقدماً عالمياً في مؤشر (تـوم تـوم) لانسيابية الحركة المرورية لعام 2024، متفوقة على مدن عالمية مثل: سيدني، ومونتريال، وبرلين، وروما، وميلان في معدل الزمن المطلوب لقطع مسافة 10 كم في المنطقة الحضرية: (Metropolitan)، حيث بلغ زمن الرحلة في دبــي 13.7 دقيقة لكل 10 كم، مقارنة مع متوسط مدن المقارنة الذي بلغ 15.9 دقيقة لكل 10 كم، وبلغ مؤشر: (Travel Time Index – TTI)، الذي حققته دبـي، 1.23 مقارنة بالمعدل العالمي، وهو 1.3.

السلامة المرورية

وأكدت الدراسة أن أهم الإنجازات، التي حققتها الهيئة، هي تعزيز السلامة المرورية، وخفض معدلات الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية، وذلك نتيجة للاستثمار في تنفيذ الطرق الآمنة، والجسور، والإشارات الذكية، وحملات التوعية، حيث تمكّنت دبي من حماية الأرواح من الحوادث المميتة سنوياً.

وتشير الإحصاءات إلى إنقاذ آلاف الأرواح خلال العقدين الماضيين، نتيجة التحسُّن غير المسبوق في سلامة الطرق، حيث تراجعت معدلات حوادث الوفيات لكل 100 ألف نسمة بشكل ملحوظ، من 21.9 عام 2006، إلى 1.8 عام 2024، بينما ارتفع متوسط العمر المتوقّع للسكان نتيجة تقليل الانبعاثات الضارة والتشجيع على الحركة النشطة، من خلال استخدام وسائل النقل العام والمشي والدراجات. وذكرت أن معدلات الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية انخفضت خلال الفترة من 2007 إلى 2024 بنحو 97 %، وبحلول العام الماضي، سجّلت وفيات الحوادث المرورية في دبي أقل من متوسط مدن المقارنة المعيارية، مثل ميلان وميامي ومانشستر وتورنتو وبرلين.
وأوضحت الدراسة أن البنية التحتية الحديثة، ساعدت على تقليل الانبعاثات الناجمة عن عوادم السيارات.

فخلال الخمسة عشر عاماً الماضية فقط، جرى تفادي انبعاث أكثر من 9.5 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون، نتيجة الاعتماد على المترو والحافلات، وتقليص زمن الازدحام المروري.

ويُعادل هذا الرقم قيمة مالية تقدر بمليارات الدراهم، إذا ما حُسب على أساس أسعار تداول الأرصدة الكربونية عالمياً، إضافة إلى أثره الصحي المباشر في خفض أمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب.

الصحة النفسية والاجتماعية

وركّزت الدراسة كذلك على الأثر الاجتماعي الذي أحدثته هيئة الطرق والمواصلات منذ تأسيسها، إذ إن تقليص الازدحام المروري، وتوفير وقت إضافي للسكان، انعكس إيجاباً على الصحة النفسية، وخفّض من مستويات التوتر المرتبطة بالقيادة لساعات طويلة. كما ساهمت المشاريع المخصصة للمشاة والدراجات وأُنسة المدينة، في التشجيع على النشاط البدني، وهو ما دعم نمط حياة أكثر صحة واستدامة.

وخلصت الدراسة إلى أن هيئة الطرق والمواصلات، تجاوز دورها في تنفيذ الطرق والجسور وأنظمة المواصلات، إلى بناء أسلوب حياة جديد في دبي، بما يؤكد أن كل دقيقة جرى توفيرها، وكل حادث جرى تفاديه، وكل طن من الانبعاثات جرى خفضه، انعكس في النهاية على حياة الناس اليومية، ليجعل دبي واحدة من أكثر مدن العالم راحة وجودة في المعيشة.

وبيّنت دراسة «ماكنزي» العالمية، أن هيئة الطرق والمواصلات في دبي، أدت دوراً محورياً في دعم القطاع التجاري وتنظيم النقل، بما جعلها أحد أبرز عوامل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الإمارة، وأوضحت الدراسة أن الهيئة أسست منظومة متكاملة، مكّنت آلاف الشركات من النمو والازدهار.

وأشارت الإحصاءات إلى أن هيئة الطرق والمواصلات، تدير وتنظم قطاع النقل التجاري في دبي، الذي يضم أكثر من 16 ألف شركة تعمل في مجالات مختلفة، مثل الشحن، والنقل اللوجستي، وخدمات المركبات، والنقل الجماعي، وتأجير السيارات، بمعدّل نمو بلغ أكثر من 83 % خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وأظهرت الإحصاءات أن منظومة النقل الجماعي في الإمارة، شهدت نمواً في مركبات النقل التجارية بأكثر من 45 %، مدفوعاً بزيادة الطلب على الخدمات اللوجستية، والتوسُّع العمراني والتجاري، حيث يؤكد هذا النمو حجم الفرص، التي أتاحتها الهيئة للشركات، عبر تطوير شبكة طرق فعّالة، وتنظيم بيئة تشغيل مرنة وآمنة.

استثمارات أجنبية مباشرة

وكشفت الدراسة أن إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي تدفقت إلى دبي في قطاع النقل والخدمات المرتبطة به خلال عشرين عاماً، بلغ 32.4 مليار درهم، ويعود الفضل في ذلك إلى البيئة الاستثمارية، التي وفرتها الهيئة، من خلال البنية التحتية المتطورة، والتشريعات المرنة، والشراكات مع القطاع الخاص، وهو ما أدى إلى زيادة ثقة المستثمرين، وجذب المزيد من رؤوس الأموال إلى دبي.

وأشارت الدراسة إلى أن الاستثمارات لم تقتصر على الشركات العالمية الكبرى، بل شملت شركات متوسطة وصغيرة أيضاً، وجدت في دبي بيئة مثالية للتوسع، سواء في مجال النقل الذكي، أو الحلول اللوجستية أو التجارة الإلكترونية.

وأكدت الدراسة أن دبي أصبحت واحدة من أهم مراكز التجارة العالمية، حيث ارتبط نجاحها بالقدرة على نقل السلع والخدمات بسرعة، وبتكلفة منخفضة، من خلال تطوير الموانئ الجافة، والربط بين الطرق والمطارات والموانئ البحرية، وساهمت هيئة الطرق والمواصلات، في تعزيز كفاءة سلاسل التوريد، وهو ما يؤكد جعل الإمارة وجهة مفضلة للشركات الإقليمية والعالمية.

كما أشارت الدراسة إلى دعم الهيئة الابتكار في قطاع النقل التجاري، عبر حلول مثل أنظمة التتبُّع الذكية، والرقمنة في إدارة الأساطيل، والتحوُّل نحو المركبات الصديقة للبيئة، فهذه الابتكارات لم تُعزز فقط الكفاءة التشغيلية للشركات، بل أسهمت أيضاً في تقليل التكاليف وزيادة القدرة التنافسية.

نمو قطاعات أخرى مرتبطة

ولفتت الدراسة إلى أن الهيئة ساهمت في تعزيز نمو قطاعات أخرى مرتبطة بالتجارة أيضاً، مثل الخدمات المالية عبر زيادة حجم المعاملات المصرفية والتأمين على النقل، والتكنولوجيا من خلال تشجيع الشركات الناشئة في مجال النقل الذكي، إضافة إلى قطاع التجزئة والتوزيع، بفضل تحسين سرعة التوصيل، وخفض تكلفة الشحن.

وأكدت دراسة ماكنزي العالمية، أن هيئة الطرق والمواصلات في دبي، أدت دوراً استراتيجياً في تمكين الإمارة من استضافة فعاليات كبرى على مستوى العالم، وفي الوقت نفسه، كانت رائدة في تبنّي حلول مبتكرة، جعلت منها منصة تجريبية للتقنيات المستقبلية في مجال النقل.

وأوضحت الدراسة أن واحداً من أبرز الأمثلة على دور الهيئة، هو مساهمتها في استضافة معرض إكسبو 2020 دبي، الذي استقطب أكثر من 24 مليون زائر من مختلف أنحاء العالم، ومؤتمر المناخ COP 28.

وذكرت أن الهيئة عملت على تمديد الخط الأحمر لمترو دبي، عبر تنفيذ مشروع «مسار 2020»، بطول 15 كيلومتراً، وربطت موقع إكسبو ببقية أنحاء المدينة، حيث نفذت أكثر من 138 كيلومتراً ـ مسرب من الطرق، و64 جسراً.

واستعرضت الدراسة أحد أبرز مظاهر الابتكار للهيئة، وهو التجارب الريادية في مجال التنقل الذكي والمستقبلي، حيث تُعد دبي من أوائل مدن العالم، التي أعلنت خططها لإطلاق التاكسي الجوي، وبدأت فعلياً في إجراء رحلات تجريبية على هذا النوع من المركبات المستقبلية، بينما سيجري تأسيس شبكة محطات إقلاع وهبوط عمودية في مختلف أنحاء المدينة، بحلول العام المقبل.

كما أطلقت الهيئة برنامجاً لاختبار مركبات الأجرة ذاتية القيادة، بهدف أن تصل نسبة التنقل الذاتي إلى 25 % من إجمالي رحلات التنقُّل في دبي بحلول عام 2030. وبجانب ذلك، لفتت الدراسة إلى إطلاق الهيئة مشروع خدمات تأجير السيارات المتنقلة عند الطلب (E-car وU-drive)، التي تتيح للمستخدمين استئجار السيارات مباشرة، من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، ومشروع الحافلات تحت الطلب، التي تعد خدمة نقل عام مرنة، تعتمد على التطبيقات، باستخدام حافلات صغيرة بسعة 14 راكباً، وتعدّل مساراتها حسب الطلب، لتوفير تغطية نقل فعّالة في دبي.

كما استثمرت الهيئة في تعزيز النقل البحري، عبر مشاريع البنية التحتية للنقل البحري والمائي، مثل قناة دبي المائية، التي لم تقتصر على كونها مشروعاً هندسياً فريداً، بل شكلت أيضاً معلماً سياحياً عالمياً، وأداة لتعزيز النقل المائي الحضري، وكذلك جسر إنفينيتي، الذي أسهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، من خلال تقليص أوقات التنقُّل على طريق بر دبي- ديرة، من 80 دقيقة إلى 12 دقيقة.

وسلّطت الدراسة الضوء على مبادرات الهيئة لدعم الشركات الناشئة، التي استفادت من تطوير البنية التحتية للنقل، حيث أطلقت برامج حاضنات ومسرّعات أعمال، للتشجيع على الحلول الذكية، من الدفع الرقمي، إلى أنظمة التتبُّع والذكاء الاصطناعي.

وأظهرت أن قيمة الشركات الناشئة تجاوزت قيمتها السوقية مجتمعة 22 مليار درهم، ومن بينها كريم، ويانغو، و(i mile)، مؤكدة أن البيئة الداعمة التي وفّرتها الهيئة، جعلت من دبي حاضنة مثالية للأفكار المبتكرة، ومركزاً عالمياً للتجارب المتقدمة في النقل المستدام.

رؤية مستقبلية

وخلصت الدراسة إلى أن رحلة هيئة الطرق والمواصلات في دبي، تمثّل قصة نجاح عالمية، ليس فقط في مجال النقل، بل في تحويل التحديات إلى فرص اقتصادية. وأكدت أن دبي تقدم اليوم درساً للمدن الأخرى، في كيفية تحويل البنية التحتية إلى رافعة للتنمية الشاملة، كما أن الاستثمار في الطرق والمترو ليس تكلفةً، بل أصل استراتيجي، يعزز النمو ويصنع المستقبل.

وأكدت أنه بعد 20 عاماً من العمل، تقف هيئة الطرق والمواصلات واحدة من أعمدة دبي الحديثة، حيث جمعت بين الكفاءة المالية، والأثر الاقتصادي، وجودة الحياة، والابتكار، وتستعد لكتابة فصول جديدة، تُرسّخ مكانة دبي مدينة المستقبل.

استندت الدراسة إلى منهجية جداول المدخلات والمخرجات، وكيفية انتقال الأثر المالي لكل درهم يتم إنفاقه في قطاع النقل، وكيفية توزيعه على جميع القطاعات الأخرى في الاقتصاد، بالإضافة إلى مجموعة شاملة من المؤشرات، التي تبيّن إسهامات الهيئة من جوانب متعددة؛ مثل العائد الداخلي على الاستثمار في مشاريع النقل، وأثر البناء والتشييد في الناتج المحلي الإجمالي، وأثر تشغيل أصول النقل في الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى استيعاب الزيادة السكانية، والوقت الموفّر، من تقليص زمن التنقُّل. وتعد هذه المنهجية من المنهجيات العالمية، التي أثبتت فاعليتها في دراسة أثر الاستثمارات في قطاع معيّن على الناتج المحلي الإجمالي ككل، حيث استخدمت على نطاق واسع في التخطيط الاقتصادي عالمياً.

المصدر : البيان