50 فناناً يقدمون إشراقات جمالية في «وجوه»

50 فناناً يقدمون إشراقات جمالية في «وجوه»

نظمت جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في مقرها بالشارقة، مساء الأحد، معرضاً جماعياً لفن البورتريه بعنوان «وجوه»، تحت إشراف سالم الجنيبي نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية، وبحضور ناجي الحاي رئيس مجلس إدارة مسرح الشباب الذي افتتح المعرض إلى جانب عبد الرحيم سالم رئيس الجمعية وحشد واسع من الفنانين.

المشاركات المتنوعة في المعرض عبرت عن تجارب إبداعية منفتحة على العديد من التيارات الفنية المختلفة، حيث ذكر سالم الجنيبي أن المعرض قد ضم أكثر من 134 عملاً فنياً من إبداع أكثر من 50 فناناً من جنسيات وثقافات متنوعة، استخدموا مختلف الخامات والأساليب الفنية من الرسم والتصوير الفوتوغرافي إلى النحت والفن التركيبي والوسائط الرقمية، ليشكلوا معاً بانوراما فنية تعكس تعدد الوجوه وتنوّع الرؤى الإنسانية، حيث يقدّم معرض «وجوه» تجربة بصرية تتأمل ازدواجية الهوية الإنسانية وتعدد ملامح الذات، إذ إن الوجوه مرايا تكشف الصراعات الداخلية والتباينات العاطفية وتحولات الذات المستمرة. وقال سلم الجنيبي: «سعينا من خلال هذا المعرض إلى خلق مساحة للتأمل والحوار بين الفنان والمتلقي حول ما يخفيه الوجه من معانٍ وأحاسيس إنسانية عميقة، كما أن مشاركة هذا العدد الكبير من الفنانين من مختلف المدارس والأساليب يؤكد غنى المشهد التشكيلي الإماراتي وانفتاحه على التجارب الإبداعية المتنوعة، حيث إن المعرض هو رسالة إنسانية تعبّر عن قيمة الإنسان في جوهره وتنوّعه وفرادته».

الفنان عبد الرحيم سالم، أكد أهمية المعرض الذي يأتي ضمن الفعاليات التي اعتادت الجمعية تنظيمها منذ تسعينيات القرن الماضي، وقال: «هو أمر جيد أن يعاد إحياء المعرض بمشاركة هذا الجمع الكبير من الفنانين الذين لبّوا الدعوة بدافع ثقتهم في الجمعية ودورها الريادي في تنظيم المعارض النوعية».

*أساليب

على الرغم من حجم المشاركات الكبيرة في المعرض فإن اللافت أن لكل فنان أسلوبه الخاص وطابعه الفني المختلف، ما منح الفعالية حيوية كبيرة، ومن أبرز الأسماء المشاركة الفنانة الإماراتية الرائدة نجاة مكي والتي ذكرت أن المعرض هو بمنزلة فرح كبير خاصة مع وجود هذا العدد الكبير من الفنانين سواء من الإماراتيين أو المقيمين في الدولة والذين تربطهم علاقة الفن وطرح القضايا الإبداعية المختلفة.
وحول مشاركتها في المعرض، ذكرت نجاة مكي أنها قدمت 6 لوحات حاولت من خلالها الخروج عن الأفكار النمطية لفن البورتريه بحسب رؤيتها الخاصة فهي تركز في اللوحات على اللاوعي عبر صناعة ملامح معينة للآخر بفكرة الغوص في أعماقه، فاللوحات بمنزلة رحلة داخل الذات يصبح من خلالها اللون لغة والضوء وعياً والملمس صدى يربط الإنسان بعالمه الداخلي، حيث تجسد هذه البورتريهات الحقيقة الخفية خلف الملامح، وعن الصمت الذي يتكلم.

أما الفنانة الإماراتية كريمة الشوبلي، فقد لفتت إلى الدور الكبير الذي تلعبه الجمعية في الحراك الفني المحلي والعربي من خلال معارضها وأنشطتها المختلفة، حيث تبدو فكرة الوجوه مختلفة وتعيد الألق لفن البورتريه، حيث تميزت المشاركات بتنوع الرؤى الإبداعية واختلاف طرق التناول، مشيرة إلى مشاركتها بلوحات تعكس جماليات المرأة الإماراتية من خلال الزينة و«الكشخة»، التي تميز النساء في الدولة، حيث تظهر وجوه النساء في اللوحات مع التركيز على إظهار زينة الحلي والذهب والبرقع وفي ذات الوقت إخفاء الجزء العلوي من الوجوه والاستعاضة عنه بنقوش من التراث الإماراتي الذي يوظف في اللوحات بشكل مغاير عن التقليدية.
التشكيلية اللبنانية ليلى الزين أشادت بفكرة المعرض، وبالدور الذي تقوم به الجمعية في تكوين ورفع الذائقة الفنية، مشيرة إلى أنها شاركت بعدد من اللوحات بعنوان «الأقنعة المزيفة»، وهي تحمل دلالات عميقة حول الوطن وهويته وما يمر به من صراعات ومآسٍ، وكل هذه المشاعر تنعكس بشكل مباشر على الوجوه، فهذه المشاركة هي محاولة للإسهام في الهموم والأحزان التي ألمت بالوطن من خلال الريشة واللون والتعبير الذي يرتسم على الوجوه التي تبدو بمنزلة أقنعة تحاول أن تخبّئ قتامة الحياة التي تحملها الوجوه.

*تجارب

الفنان التشكيلي المصري مهاب لبيب، قدم هو الآخر عدداً من اللوحات التي اختار لها أن تبرز وجوهاً من المجتمع الإماراتي، وأشار إلى صعوبة فن البورتريه قياساً برسم المناظر الطبيعية والأشكال الأخرى، حيث يعتمد على العمق في قراءة الوجوه وعكس تفاصيلها الظاهرة وما تخفيه الملامح، وتلك هي الفكرة التي بنى عليها أعماله في المعرض.
الفنانة روعة الطرطور متخصصة في البورتريه والواقعية وتقوم بتوظيف الألوان الزيتية ومواد الخشب في صناعة لوحات نابضة بالحياة، وشاركت في المعرض بأعمال بثيمة الحنين والشوق إلى الديار، حيث تبرز إحدى لوحاتها فتاة أفغانية رسمتها بالرصاص وألوان الخشب وهي تحكي عن براءة الطفولة، وعملت على إبراز ذلك الجانب من خلال التركيز على لغة العيون.

*صور

المعرض شهد مشاركة لافتة من قبل الفنان الرائد والمصور الفوتوغرافي جاسم ربيع العوضي، الذي قدّم عملاً فوتوغرافياً يمزج بين الأصالة والمعاصرة، تظهر فيه امرأة ترتدي البرقع، تمسك بفرشاة رسم تخفي جزءاً من ملامحها، في مشهد بصري يطرح تساؤلاً عميقاً: من يرسم من؟ المرأة ترسم العالم أم العالم يرسم ملامحها؟، وأشار العوضي إلى أن هذا العمل يجسد بتدرجاته الفيروزية وعمقه الرمزي رحلة بصرية وإنسانية تجمع بين التراث والحداثة، وتعيد تعريف علاقة المرأة الخليجية بالفعل الإبداعي كفعل وعي وحماية وحرية في آن واحد.

المصدر : صحيفة الخليج