الفروق الفردية بين الطلبة… تحدٍ يمكن تجاوزه

الفروق الفردية بين الطلبة… تحدٍ يمكن تجاوزه

أكد معلمون أن الفروق الفردية بين الطلبة داخل الصف الدراسي الواحد حقيقة لا يمكن تجاهلها، فهي انعكاس طبيعي لتباين القدرات وسرعات التعلم، لكنها قد تتحول إلى تحدٍ إذا لم يحسن التعامل معها، وأوضحوا أن وجود مستويات متقدمة إلى جانب طلبة يعانون بطئاً في الفهم يفرض على المعلم مسؤولية مضاعفة لتحقيق التوازن داخل الصف.

وأشاروا إلى أن المشكلة ليست بلا حلول، بل يمكن مواجهتها من خلال أربع آليات رئيسية: خطط التدخل السريع للطلبة المتأخرين، وتوظيف التكنولوجيا في التعليم التفاعلي، وتقسيم الصف إلى مجموعات عمل، وتعزيز الأنشطة اللاصفية والتقويم المستمر.

وبينوا أن هذه الحلول، إذا طُبقت بمرونة، تجعل الصف أكثر عدلاً وإنصافاً، حيث يجد كل طالب فرصته في التعلم بما يتناسب مع مستواه.

الملل عند المتفوقين

وأوضحت المعلمة رانيا محمد أن التفاوت بين الطلبة يظهر بوضوح عند المتفوقين، الذين يشعرون أحياناً بالملل من إعادة الشرح أو التوقف المتكرر عند نقاط بديهية بالنسبة لهم، ما قد يؤدي إلى فقدان الحماس، وربما تراجع مستواهم إذا لم يجدوا ما يلبي طموحهم.

وأضافت أن الحل يكمن في اعتماد أسلوب التعليم بالمشاريع والبحوث العملية، حيث يكلف المتفوقون بمهام أعمق وأكثر تعقيداً، بينما يتابع المعلم شرح الدروس لبقية الطلبة.

وأكدت أن هذا النموذج يضمن استمرار التحدي للطلبة المتميزين دون أن يضعف مستوى الآخرين.

الضعف في الرياضيات

أوضح المعلم عمرو بيومي أن تفاوت القدرات بين الطلبة يظهر جلياً في مادة الرياضيات، حيث يواجه بعضهم صعوبة في فهم المفاهيم الأساسية، ما يؤدي إلى إبطاء سير الدرس وتقليل استفادة بقية الصف. وبيّن أن المعلم يجد نفسه أحياناً مضطراً للتوقف وإعادة الشرح أكثر من مرة، وهو ما يستهلك وقت الحصة على حساب الخطة المقررة.

وأشار إلى أن الحل يكمن في تخصيص برامج دعم فردية للطلبة المتأخرين، سواء من خلال حصص إضافية أو مراجعات مبسطة بعد الدوام، بما يسمح لهم باستيعاب الدروس دون تعطيل تقدم زملائهم. وأكد أن هذا الأسلوب يحقق التوازن، إذ يتمكن الضعفاء من سد الفجوات في مستواهم، فيما يواصل المتفوقون تقدمهم بسلاسة.

تفاوت مهارات القراءة

ذكرت المعلمة حنان محمود البوادي أن الفروق الفردية في مهارات القراءة من أكثر ما يواجهه المعلم في الصفوف الأولى، حيث يبدأ بعض التلاميذ بمستوى متقدم في النطق والاستيعاب، بينما يخطئ آخرون في أبسط الكلمات.
وأشارت إلى أن هذا التفاوت قد يجعل بعض الأطفال مترددين في المشاركة خوفاً من الإحراج أمام زملائهم.

وبينت أن الحل هو تقسيم الصف إلى مجموعات قراءة متدرجة، بحيث يتلقى كل طالب أنشطة تناسب مستواه مع تشجيع الجميع على المشاركة، وأكدت أن هذا الأسلوب يتيح للمتأخرين التقدم تدريجياً، ويمنح المتقدمين مساحة أكبر للتطور دون تعطيل مسيرة الصف.

ضبط الصف

لفتت المعلمة سها القدسي إلى أن الفروق الفردية في الفهم كثيراً ما تؤدي إلى حالة من الفوضى داخل الحصة، إذ ينشغل بعض الطلبة الذين أنهوا الفهم سريعاً، بينما يظل آخرون يحتاجون إلى وقت أطول، وقالت إن ذلك يضع المعلم أمام معادلة صعبة: كيف يُرضي الطرفين دون أن يضيع وقته؟

وأوضحت أن الحل يكمن في توظيف الوسائط الرقمية والفيديوهات القصيرة لشرح الدروس، حيث يستطيع الطالب إعادة المشاهدة بالقدر الذي يحتاجه. وأضافت أن هذه الطريقة توفر للمعلم مساحة لمتابعة الطلبة الأضعف بشكل فردي، فيما يستمر بقية الصف في التعلم بصورة طبيعية.

استعداد مبكر

بينت المعلمة وداد أبوالفتوح من رياض الأطفال أن الفروق الفردية في هذه المرحلة تظهر في الاستعداد اللغوي والقدرة على التعبير، إذ يمتلك بعض الأطفال مخزوناً لغوياً متقدماً مقارنة بزملائهم. وقالت إن هذا التفاوت إذا لم يعالج مبكراً قد يؤثر على ثقة الطفل بنفسه ويجعله أقل مشاركة في الصف.

وأوضحت أن الحل هو الاعتماد على الأنشطة التفاعلية واللعب الموجه، بحيث يُمنح الأطفال الأضعف فرصاً لتعويض الفاقد، بينما يكلف المتقدمون بأنشطة جماعية تحفزهم على تطوير قدراتهم. وأكدت أن اللعب التعليمي هو الأداة الأنجح لتحقيق التوازن في هذه المرحلة الحساسة.

ضعف الثقة بالنفس

وقالت التربوية والاختصاصية النفسية الدكتورة ميساء العبدالله إن بعض الطلبة لا يعانون من ضعف أكاديمي فحسب، بل يفقدون الثقة بالنفس بسبب المقارنات المستمرة بينهم وبين زملائهم المتفوقين.

وأوضحت أن هذه المقارنات تولّد إحباطاً يمنعهم من المحاولة، حتى وإن أتيحت لهم فرص تعليمية جيدة.

وأضافت أن الحل يكمن في تشجيع الطالب على المحاولة في الامتحانات والإجابات دون مقارنته بزملائه، لأن ذلك يعزز ثقته تدريجياً ويدفعه إلى تحسين مستواه دون ضغط أو رهبة.

المصدر : البيان