تطالب بروكسل بريطانيا بالتنازل عن حقوق الصيد والامتثال لقوانين الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى منذ خروجها من التكتل كشرط لإبرام اتفاق تجاري جديد مع رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر.
وكشف مخطط للمفاوضين الأوروبيين، حصلت عليه صحيفة “الـتايمز” أن قادة الاتحاد الأوروبي يعلقون قبول بريطانيا بولاية محكمة العدل الأوروبية كشرط أساس لتحسين العلاقة التجارية.
ويعد هذا الطلب الأول منذ “بريكست”، إذ يطلب فيها من بريطانيا الالتزام بقوانين الاتحاد الأوروبي كجزء من علاقتها التجارية مع التكتل.
وتحذر الوثيقة أيضاً من أن ستارمر سيضطر فعلياً إلى تفكيك سياسة حماية البحار المستقلة في بريطانيا وضمان حق الصيادين الأوروبيين في الوصول إلى المياه البريطانية.
ويتضمن الموقف المتشدد للاتحاد الأوروبي وثيقة ستعرض على مجلس الوزراء الأوروبي الأسبوع المقبل، قبل بدء المحادثات الرسمية المقررة العام المقبل لإعادة التفاوض في شأن اتفاق التجارة الحالي بين بريطانيا والتكتل.
بريطانيا وتقديم تنازلات رئيسة
وتوضح الوثيقة أن الاتحاد الأوروبي سيطالب بتقديم تنازلات رئيسة في شأن الصيد ومحكمة العدل الأوروبية وتنقل الشباب كشرط لاتفاق محسن.
وفي ما يتعلق بالصيد، تنص الوثيقة على أن بريطانيا يجب أن توافق على “الإبقاء على الوضع الراهن” في ما يخص وصول القوارب الأوروبية، بما في ذلك نفس مستويات حصص الصيد، قبل أن تبدأ المحادثات.
وتعد الترتيبات الحالية، وفقاً للاتحاد الوطني لمنظمات الصيادين “NFFO” بمثابة “علاقة شبه استعمارية مع الاتحاد الأوروبي”، إذ إن بريطانيا تخلت عن السيطرة على موارد الصيد بعد “بريكست”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكدت الوثيقة التي صيغت بعد أشهر من النقاشات الداخلية، أن “الإبقاء على الوضع الراهن أمر ضروري للدول الأعضاء، وإعادة ضبط العلاقة ما بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لن تكون ذات صدقية، إلا إذا استندت إلى تفاهم مبكر في شأن هذا الأمر”.
وقال الرئيس التنفيذي لـ”NFFO” مايك كوهين، إن الاتفاق الحالي يمنح الاتحاد الأوروبي استفادة أكبر بكثير من الصيد في المياه البريطانية مقارنة ببريطانيا.
وأضاف، “في وضع يكاد يكون غير مسبوق، تصطاد القوارب الأجنبية في المياه الإقليمية البريطانية، على بعد ستة أميال (9.6 ميل) فحسب من الساحل”، مشيراً إلى أن معظم سمك “القد” في القنال الإنجليزي يصطاد من قبل الفرنسيين، في حين يصطاد معظم سمك “سول” الويلزي من قبل القوارب البلجيكية.
“فضيحة مطلقة”
وتتضمن المطالب الجديدة التي قدمتها بروكسل الواردة في وثيقة مكونة من 19 صفحة، تفكيك سياسة حماية البحار المستقلة في بريطانيا فعلياً، وذلك بعد معارضة بقيادة فرنسا لإجراءات الحفاظ على البيئة في حال وجود “تداعيات اجتماعية واقتصادية على مجتمعات الصيد في الاتحاد الأوروبي.
وجاء في الوثيقة “من المتوقع أن تأخذ بريطانيا في الاعتبار تعليقات الاتحاد على الإجراءات المخططة”.
ووصف المؤسس المشارك لمؤسسة “بلو مارين” الخيرية المعنية بالحفاظ على البيئة تشارلز كلوفر، هذه المطالب بأنها “فضيحة مطلقة”.
وقال، إنه إذا تمت الموافقة عليها، فستترك المياه البريطانية تحت رحمة “السفن الفرنسية التي يمكنها تدمير المناطق البحرية المحمية في بريطانيا”، مضيفاً “هذا اعتداء جشع وغير مبدئي على بريطانيا لمصلحة دول الصيد في الاتحاد الأوروبي”، متجاهلاً تماماً التزامات الاتحاد الأوروبي بحماية الطبيعة.
وتوضح الوثيقة أن الاتحاد الأوروبي لن يبرم صفقة في شأن صادرات الأغذية، إلا إذا وافق ستارمر على إدخال جميع القوانين الأوروبية الحالية والجديدة المتعلقة بالأغذية والزراعة، والمعروفة باسم “SPS”، ضمن التشريعات البريطانية.
وسيطلب أيضاً من الحكومة البريطانية ومجلس العموم الالتزام بأحكام محكمة العدل الأوروبية في القضايا المتعلقة بقوانين الاتحاد الأوروبي.
وجاء في الوثيقة “الدول الأعضاء منفتحة على النظر في اتفاق مع بريطانيا لإزالة الحدود المتعلقة بـ’SPS’ ما بين بريطانيا والاتحاد، شرط أن يكون هناك توافق كامل مع المكتسبات الخاصة بالاتحاد الأوروبي، وأن تظل محكمة العدل الأوروبية متخصصة في تفسير قانون الاتحاد”.
تنقل الشباب أو الصيد
ويرفض النص السري بصورة صريحة أي صفقة “تعتمد على تكافؤ التشريعات”، وهو الموقف الذي تتبناه الحكومة البريطانية، مشيراً إلى أن “هذا يعني إدخال تشريعات الاتحاد الأوروبي ضمن القوانين البريطانية”.
ويفرض هذا الموقف على الحكومة البريطانية، عبر تصويت صعب في مجلس العموم، إلغاء القوانين التي أقرت في ظل الحكومة السابقة والتي سمحت للمرة الأولى بتطوير الأغذية المعدلة وراثياً تجارياً في إنجلترا.
في ذلك الوقت، زعم الوزراء أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني أن بريطانيا قد تصبح رائدة عالمية في تكنولوجيا الكائنات المعدلة وراثياً بسبب القيود المفروضة على استخدامها في الاتحاد الأوروبي.
وسوف يضغط الاتحاد الأوروبي من أجل خطة تنقل الشباب، التي رفضتها الحكومة لأنها ستؤدي إلى ارتفاع أرقام الهجرة الصافية، معرباً عن “دعم قوي من الدول الأعضاء”.
وصرح مدير مركز الإصلاح الأوروبي تشارلز غرانت، بأن مطالب الاتحاد الأوروبي ستكون صعبة على ستارمر، لكنها قد تحقق فوائد اقتصادية طويلة الأجل. وقال، “إعادة ضبط العلاقات التي يسعى إليها ستارمر ستتطلب منه القيام بخطوات سياسية صعبة ستثير بلا شك غضب المحافظين وحزب “ريفورم” بقيادة نايجل فاراج.
وأضاف، “الاتحاد الأوروبي سيصر على التوافق الديناميكي ودور لمحكمة العدل الأوروبية كشرط لاتفاق في شأن ’SPS’”.
وقال غرانت، “ولكن إذا أمكن التفاوض على ذلك، فسيشكل سابقة لتعاون أوثق في مجموعة من المجالات الأخرى، مثل الطاقة، مما سيكون مفيداً للطرفين”، موضحاً “على البريطانيين أن يحددوا بالضبط ما يريدونه من علاقة تجارية أفضل، وما هم مستعدون للتنازل عنه في مجالات أخرى، مثل تنقل الشباب أو الصيد، للحصول على الاتفاق”.
وألقى اللوم على فحوصاتSPS” ” في الانخفاض الكبير في صادرات الأغذية البريطانية إلى القارة، إذ صرح رئيس مجلس إدارة “ماركس أند سبنسر” أرشي نورمان، لراديو “تايمز” أمس الجمعة، بأنهم اضطروا إلى إغلاق متجر في باريس كانت عائداته تبلغ 7 ملايين جنيه استرليني (8.8 مليون دولار) لأنه أصبح غير اقتصادي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أن الشركة اضطرت أيضاً إلى استئجار مستودع لتخزين الوثائق المطلوبة للتصدير إلى إيرلندا.
وقال، “استأجرنا مستودعاً لتخزين هذه الأوراق التي لم ينظر إليها أحد في الأساس، وأعني أنه لن تصدق ذلك، لكنه أمر مذهل للغاية”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية