اشتعلت أسعار الغاز في أوروبا خلال الصيف الجاري بنحو 16 في المئة، لتسجل نحو 449 دولاراً لكل ألف متر مكعب، وفقاً لبيانات بورصة لندن للعقود الآجلة وحسابات وكالة “تاس” الروسية.
وارتفعت الأسعار مع دخول لاعبين جدد خلال العام الحالي لشراء الغاز المسال من أبرزهم مصر التي عادت لتكون مستورداً صافياً للغاز بعد أن كانت تصدر في الأعوام القليلة الماضية.
20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال
في غضون ذلك، نقلت وكالة “رويترز” عن ثلاثة مصادر من قطاعي التجارة والصناعة أول من أمس الجمعة، أن “مصر طرحت ممارسة لشراء 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال لتغطية الطلب على الطاقة خلال الشتاء في ظل التراجع الحاد في الإنتاج المحلي للغاز”، وهي المرة الأولى التي تطرح فيها القاهرة ممارسة بهذا الحجم لتغطية الطلب في الشتاء منذ عام 2018.
وبلغ عدد شحنات الغاز الطبيعي التي استوردتها القاهرة هذا العام أكثر من 30 شحنة لتغطية الطلب في الصيف، بعد أن كانت دولة مصدرة في الأعوام القليلة الماضية في إطار خطط لتصبح مورداً موثوقاً إلى أوروبا.
وبحسب “رويترز” تنتهي الممارسة التي طرحتها الهيئة المصرية العامة للبترول التابعة “إيغاس” لوزارة البترول المصرية الخميس المقبل، وتسعى الهيئة المصرية إلى تسلم 17 شحنة في الفترة ما بين الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل و29 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في ميناء العين السخنة المطل على البحر الأحمر شرق البلاد، على أن تتسلم ثلاث شحنات في ميناء العقبة بالأردن خلال الفترة نفسها.
الإنتاج المحلي للغاز انخفض
من جانبها قالت شركة “إنرجي أسبيكتس” الاستشارية، إن إنتاج مصر المحلي للغاز انخفض في مايو (أيار) الماضي إلى أدنى مستوى منذ ستة أعوام، إذ هبط نحو 25 في المئة عن ذروته المسجلة في 2021، ومن المتوقع أن ينزل بواقع 22.5 في المئة بحلول نهاية 2028ـ في الوقت نفسه من المتوقع أن يقفز استهلاك الطاقة في مصر بواقع 39 في المئة خلال العقد المقبل.
تدرجت أسعار تداول العقود الآجلة للغاز على مدار العام الحالي، إذ سجلت في نهاية مايو الماضي 388 دولاراً لكل ألف متر مكعب، قبل أن ترتفع إلى 449 دولاراً مع نهاية الشهر الماضي لتصل نسبة الزيادة منذ نهاية فصل الربيع بنحو 16 في المئة.
في غضون ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم شركة “غازبروم” الروسية سيرغي كوبريانوف الأسبوع الماضي، إن الأحداث في منطقة سودغا بمقاطعة كورسك أدت إلى زيادة حادة في أسعار الغاز الطبيعي والمسال، وفق ما نقلته وكالة “تاس” الروسية.
وتصل احتياطات الغاز في منشآت التخزين الأوروبية تحت الأرض إلى أكثر من 92 في المئة، إذ تحوي أكثر من 102 مليار متر مكعب من الغاز.
17 شحنة من الغاز الطبيعي في يونيو
على الجانب المصري زادت وتيرة استيراد الغاز المسال، ففي يونيو (حزيران) الماضي طلبت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيغاس) 17 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، منها سبعة في يوليو الماضي، وستة في أغسطس الماضي، وأربعة في سبتمبر الجاري على أن يكون التسليم على ظهر السفينة مع تأجيل مدفوعات إلى ما يصل إلى ستة أشهر.
وقالت مصادر تجارية إلى “رويترز” آنذاك، إنه جرت ترسية عطاء مصري لشراء 17 شحنة من الغاز الطبيعي المسال للتسليم خلال الصيف وذلك بعلاوة 1.6-1.9 دولار عن السعر القياسي لمنصة تجارة الغاز الهولندية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتخطط أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان لشراء ما بين 15 و20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال لتغطية الطلب المتزايد على الطاقة خلال فصل الصيف.
وقالت المصادر، إن مصر تسعى إلى الحصول على ثلاث شحنات أخرى للتسليم بين أغسطس وسبتمبر المقبلين.
وفي أبريل الماضي أيضاً اشترت شركة “إيغاس” شحنة واحدة في الأقل من الغاز الطبيعي المسال للتسليم الفوري إلى محطة العقبة للتغويز في الأردن، وفق ما نقلته “بلومبيرغ” عن تجار أشاروا إلى أنه سيتم توجيه الغاز إلى مصر.
يشار إلى أن القاهرة لا تمتلك محطات لتحويل الغاز المسال إلى صورته الغازية (عملية التغويز)، وكان في وقت سابق لديها محطة عائمة في العين السخنة استخدمتها لاستيراد الغاز قبل عام 2018.
1.1 مليار دولار لاستيراد الغاز
على هامش مؤتمر صحافي في القاهرة لتوضيح الحكومة أسباب تخفيف أحمال الكهرباء إلى المواطنين قال رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي في يونيو الماضي، إن “بلاده تحتاج إلى استيراد ما قيمته نحو 1.18 مليار دولار من الغاز الطبيعي والمازوت لإنهاء انقطاع الكهرباء بالبلاد”.
وأرجع محللون إلى “اندبندنت عربية” ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في الوقت الجاري إلى أسباب عدة منها الطقس الحار وزيادة الطلب على توليد الطاقة التي تنتج بالغاز، وإعادة توجيه إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا، وانقطاع الإمدادات من النرويج والولايات المتحدة، والأرقام المتواضعة لتوليد الطاقة باستخدام الرياح، إضافة إلى هجوم القوات الأوكرانية على مقاطعة كورسك، إذ تقع محطة قياس الغاز في “سودغا”.
أما على الجانب المصري، فقال المتخصص في شؤون الغاز والبترول الدكتور رمضان أبوالعلا إن “مصر تستخدم الغاز في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في الصيف كما تستخدمه في عمليات التبريد”، مضيفاً أن “القاهرة توقفت إلى حد كبير عن استيراد الغاز الطبيعي المسال منذ عام 2018″، مرجعاً ذلك إلى اكتشاف حقل “ظهر” الضخم فزاد معه لإنتاج المحلي، مما حول البلاد إلى مصدر للوقود.
مشيراً إلى أن الحكومة كانت تعتمد استيراد الغاز الإسرائيلي لتلبية جزء من الطلب المحلي، مع تصدير الفائض في صورة غاز طبيعي مسال إلى أوروبا بصورة أساسية، عبر مصانع التسييل في مدينتي إدكو ودمياط بطاقة إنتاجية 2.1 مليار قدم مكعب يومياً.
وأوضح أبوالعلا أن ما يحدث الآن أن الحكومة تسعى إلى توفير الغاز في أشهر الشتاء، مؤكداً “ليس الاستهلاك في أشهر الصيف فحسب كما يعتقد البعض”، مستدركاً “في الشتاء يرتفع الاستهلاك أيضاً للتدفئة والمصانع خصوصاً مزارع الدواجن”.
فجوة كبيرة ما بين الإنتاج والاستهلاك
وقال المتخصص في شؤون الاقتصاد مدحت نافع، إن “زيادة وتيرة استيراد مصر للغاز المسال خلال هذا العام يشير إلى أن القاهرة تواجه فجوة كبيرة ما بين الإنتاج والاستهلاك وتواجه عجزاً أو نقصاً في الغاز مما يدفعها لتغطية حاجاتها من الخارج”
وأضاف أنه “نظراً إلى الفجوة الحالية تسعى القاهرة لتدبير حاجاتها في أوقات لم تكن تنافس للشراء فيها كالوقت الحالي”، قائلاً “مصر أصبحت تنافس أوروبا على صفقات وشحنات الغاز”.
أول من أمس الجمعة، شهدت العقود المستقبلية للغاز في أوروبا ارتفاعاً بنسبة تصل إلى 2.5 في المئة، بعد تسجيل مكاسب في الخميس الماضي، بينما ارتفعت الأسعار على مدار الأسبوع الماضي بالكامل بأكثر من سبعة في المئة.
نقلاً عن : اندبندنت عربية