على رغم خفض مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الفائدة بربع نقطة مئوية (0.25 في المئة)، كما كان متوقعاً ولحقته في ذلك معظم البنوك المركزية الخليجية، إلا أن تصريحات جيروم باول في مؤتمره الصحافي صدمت الأسواق وهوت بالبورصات.

فقد صرح باول بأن “الفيدرالي سيبطئ وتيرة خفض الفائدة المستقبلية”، وهو عكس توقعات المستثمرين التي افترضت أن “الفيدرالي” بدأ دورة اقتصادية جديدة من خفض الفوائد ستستمر في 2025.

توقعات جديدة للفائدة

وأصبح مسؤولو مجلس الاحتياط الفيدرالي يتوقعون الآن خفضين آخرين فقط في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية (0.25 في المئة)، في كل مرة بحلول نهاية عام 2025.

وهذا التوقع أقل بنصف نقطة مئوية (0.50 في المئة) عن الخفض الذي كان المسؤولون يتوقعونه حتى سبتمبر (أيلول) للعام المقبل، ويعود السبب في ذلك لتغير توقعات مسؤولي “الفيدرالي” لنسبة التضخم في العام الأول من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب المقبلة، إذ ارتفعت التوقعات من 2.1 في المئة سابقاً إلى 2.5 في المئة حالياً، وهو أعلى بكثير من هدف البنك المركزي البالغ اثنين في المئة.

تهاوي الأسواق

وعلى الفور هوت البورصات الأميركية بعد الكشف عن هذه التوقعات، إذ انخفض مؤشر ستاندرد اند بورز 500 بنسبة تقارب ثلاثة في المئة، وهوى مؤشر “ناسداك” بنسبة 3.6 في المئة، بينما عمق مؤشر داو جونز الصناعي خسائره بـ2.6 في المئة.

ويعاني مؤشر داو جونز تراجعاً للجلسة العاشرة على التوالي، مسجلاً أطول سلسلة خسائر يومية منذ انخفاضه في 11 جلسة متتالية في أكتوبر (تشرين الأول) 1974، ويؤشر ذلك إلى تراجع معنويات المستثمرين في قطاع الصناعة الأميركية الذي يعكسه مؤشر داو جونز.

وتأثر المستثمرون بتصريحات باول الضبابية وغير المتفائلة بالمستقبل، إذ قال إن “صناع السياسات النقدية في البنك المركزي يريدون رؤية مزيد من التقدم في خفض التضخم لإعادة النظر بمسار خفض أسعار الفائدة في المستقبل”.

تباطؤ مسار خفض الفائدة

وكان مؤتمر باول أعقب إعلان “الفيدرالي” خفض أسعار الفائدة في بيان صحافي، إذ أشار باول إلى تباطؤ وتيرة التخفيضات المستقبلية “بينما نفكر في مزيد من التخفيضات، فإننا سنبحث عن تقدم في ما يتعلق بالتضخم”.

وقال باول إنه من السابق لأوانه الحديث عن تأثير السياسات الاقتصادية التي اقترحها الرئيس المنتخب دونالد ترمب على الاقتصاد، ومدى تأثيرها المحتمل على خيارات السياسة النقدية للبنك المركزي.

وأضاف باول إنه حالياً “من السابق لأوانه التوصل إلى أي نوع من الاستنتاجات، لا نعرف ما الذي ستفرض عليه الرسوم، ومن أي دول، وإلى متى، وبأي مقدار. يتعين علينا التأني وليس التسرع” ورؤية ما سيفعله الرئيس الجديد، وسط توقعات خبراء الاقتصاد بأن الرسوم وعمليات الترحيل التي تعهد لها ترمب ستفاقم التضخم على الأرجح.

قفزة الدولار والسندات

وقفز الدولار بعد هذه التصريحات، إذ سيؤدي إبقاء فائدة مرتفعة في السنة المقبل إلى تعزيز قوة الدولار في مقابل العملات الرئيسة الأخرى، وصعد مؤشر الدولار في مقابل ست عملات منافسة 0.83 في المئة إلى مستوى 107.82، مسجلاً أعلى مستوى في نحو أربعة أسابيع.

كما قفز العائد على سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات 6.1 نقطة أساس إلى 4.446 في المئة، مسجلاً أعلى مستوى في أربعة أسابيع.

هبوط البتكوين

وكان لافتاً الهبوط القوي للعملات المشفرة وعلى رأسها البتكوين التي فقدت نحو خمسة في المئة من سعرها مقتربة من 100 ألف دولار، إذ قال جيروم باول إن البنك المركزي لا يرغب في المشاركة في أي مساع حكومية إلى امتلاك كميات كبيرة من عملة بتكوين المشفرة.

وفي ما يتعلق بالمسائل القانونية المحيطة بامتلاك عملة بتكوين، قال باول “لا يسمح قانونياً لـ’الفيدرالي‘ بامتلاك البتكوين، هذا نوع من الأمور ينظر فيها الكونغرس، لكننا لا نتطلع لتغيير قانوني في مجلس الاحتياط الاتحادي”.

انخفاض الذهب

ومن المفارقة أيضاً أنه حتى أسعار الذهب انخفضت أكثر من واحد في المئة إلى أدنى مستوى في شهر بعد خفض الفائدة، وغالباً ما يلجأ المستثمرون إلى الذهب في أوقات عدم اليقين باعتباره ملاذاً آمناً يحفظ القيمة. 

وتراجع الذهب في المعاملات الفورية 1.5 في المئة إلى 2606.64 دولار للأوقية (الأونصة) في أدنى مستوى منذ الـ18 من نوفمبر (تشرين الثاني)، وانخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.3 في المئة إلى 2653.30 دولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأدى الخفض الجديد لـ”الفيدرالي” لأسعار الفائدة 25 نقطة أساس إلى جعل الفائدة الأميركية عند نطاق 4.25 في المئة و4.50 في المئة.

وقالت لجنة السوق المفتوحة في البنك المركزي، التي تحدد أسعار الفائدة، في بيان صحافي حول السياسة النقدية “استمر النشاط الاقتصادي في التوسع بوتيرة قوية”، مع “استمرار انخفاض” معدل بطالة وبقاء التضخم “مرتفعاً إلى حد ما”.

وفي إشارات جديدة لتوقف محتمل في خفض أسعار الفائدة بدءاً من الاجتماع التالي المقرر في الـ28 والـ29 من يناير (كانون الثاني)، قالت اللجنة “بالنظر إلى مدى وتوقيت التعديلات الإضافية على النطاق المستهدف ستقيم اللجنة بعناية البيانات الواردة والتوقعات المحدثة وتوازن الأخطار”.

البنوك الخليجية تخفض الفائدة

وخفضت معظم البنوك المركزية الخليجية أسعار الفائدة الرئيسة، إذ تتبع دول الخليج عادة نهج الاحتياطي الفيدرالي في ما يتصل بتحركات أسعار الفائدة، إذ إن غالب عملات المنطقة مربوطة بالدولار، والدينار الكويتي فقط مربوط بسلة من العملات تشمل الدولار.

وخفضت السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة، معدل اتفاق إعادة الشراء (الريبو) ومعدل إعادة الشراء العكسي بمقدار 25 نقطة أساس لكل منهما إلى خمسة في المئة و4.5 في المئة على الترتيب.

كما خفضت الإمارات سعر الفائدة الأساس (سعر الأساس) على تسهيل الودائع لليلة واحدة، بواقع ربع نقطة مئوية إلى 4.40 في المئة.

وفي عمان ذكرت وكالة الأنباء العمانية الرسمية أن البنك المركزي قرر خفض سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء للمصارف المحلية، بواقع 25 أساس إلى خمسة بالمئة.

وفي قطر خفض البنك المركزي أسعار الفائدة الرئيسة الثلاثة بمقدار 30 نقطة أساس، في حين خفض مصرف البحرين المركزي سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة 25 نقطة أساس إلى خمسة في المئة.

وقال بنك الكويت المركزي في بيان صحافي إنه “انتهج مساراً متدرجاً ومتوازناً في تحريك سعر الخصم بما يتلاءم مع الأوضاع الاقتصادية المحلية والمحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز النمو المستدام”، مشيراً إلى أنه خفض سعر الخصم 25 نقطة أساس إلى أربعة في المئة اعتباراً من الـ19 من سبتمبر (أيلول) الماضي.

نقلاً عن : اندبندنت عربية