واصل الدولار الأميركي تسجيل مستويات تاريخية جديدة مقابل الجنيه المصري، مخترقاً للمرة الأولى على الإطلاق مستوى 51 جنيهاً في البنوك المصرية، مع استمرار توقف السوق الموازية للصرف.
وجاء أعلى سعر لصرف الدولار الأميركي في مصرف أبوظبي الإسلامي، عند مستوى 50.97 جنيه للشراء، مقابل 51.06 جنيه للبيع، ولدى البنك المركزي المصري، بلغ متوسط السعر 50.86 جنيه للشراء، مقابل 50.99 جنيه للبيع، وفي البنك الأهلي المصري، استقر سعره عند 50.94 جنيه للشراء، و51.04 جنيه للبيع، وفي بنك مصر سجل 50.92 جنيه للشراء، و51.02 جنيه للبيع.
وقبل أيام، كشف رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، أن سعر صرف الجنيه قد يشهد ارتفاعاً أو انخفاضاً في حدود خمسة في المئة خلال الفترة المقبلة، وأكد أن بلاده لن تكرر الأخطاء السابقة بافتراض أن تثبيت سعر الصرف يعبر عن قوة الدولة ومتانة اقتصادها، لأن نتيجة التمسك بهذا الاعتقاد أدت لحدوث مشكلات أجبرت البلاد على تعويم سعر الصرف وفقدان العملة المصرية أكثر من 40 في المئة من قيمتها. وأوضح أن سعر صرف الدولار تحرك في نطاق خمسة في المئة خلال الفترة الماضية منذ التعويم، مما عده طبيعياً وفق حركة الطلب على الدولار، مرجحاً استمراره في الفترة المقبلة.
ماذا تتوقع المؤسسات الدولية للجنيه؟
على رغم الخسائر المتسارعة للجنيه المصري مقابل الورقة الأميركية الخضراء، لكن تقارير حديثة لبنوك الاستثمار العالمية والوكالات الدولية، تتوقع تحسن العملة المصرية مطلع العام المقبل، إذ استبعدت وكالة “فيتش سوليوشنز”، استمرار ارتفاع الدولار مقابل العملة المصرية إلى أكثر من 50 جنيهاً في ظل تحسن معنويات المستثمرين والتدخل في السوق. وخفضت الوكالة توقعاتها لنمو اقتصاد مصر إلى 3.7 في المئة في العام المالي الحالي من 4.2 في المئة سابقاً في ظل طول فترة انقطاع المرور من قناة السويس.
فيما تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي ليصل إلى مستوى 56.26 جنيه خلال العام المالي 2024/2025، ثم يواصل الصعود إلى نحو 58.39 جنيه في العام المالي التالي، ثم يرتفع إلى 59.46 جنيه في العام المالي 2026/2027، ليستقر عند مستوى 59.67 جنيه لعامين متتاليين حتى عام 2029.
كان بنك الاستثمار الأميركي “غولدمان ساكس”، توقع في تقرير صدر قبل أيام، أن يبدأ الجنيه المصري في الانتعاش أمام الدولار في أوائل عام 2025، مع تراجع سلسلة من تدفقات المحافظ الخارجية الموسمية. وأوضح أن ذلك الانخفاض يشير إلى مرونة أكبر في الجنيه، الذي شهد فترات طويلة من الاستقرار بعدما فرضت السلطات في مارس (آذار) رابع تخفيض لقيمته منذ أوائل عام 2022.
ومنذ عام 2016 تشهد سوق الصرف في مصر تغيرات كبيرة تزامنت مع إعلان الحكومة عن تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي بدأ بتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار، فخلال الأعوام الماضية عُوِّم الجنيه المصري خمس مرت فقد خلالها نحو 84.6 في المئة من قيمته أمام الورقة الأميركية الخضراء.
وتشير البيانات إلى أن سعر صرف الدولار قفز من مستوى 7.80 جنيه قبل أول تعويم في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016 إلى نحو 51 جنيهاً في الوقت الحالي، وتشير هذه الأرقام إلى أن متوسط الزيادة في سعر صرف الدولار يبلغ أكثر من 552 في المئة خلال الأعوام الـثمانية الماضية بمتوسط زيادة سنوية يقترب من 69 في المئة.
صدمة الأسواق بسبب مصير الفائدة الأميركية
عالمياً، استقر الدولار الأميركي في التعاملات الأخيرة، بعدما أظهرت بيانات التضخم في الولايات المتحدة ارتفاعاً متواضعاً فقط في الشهر الماضي، مما خفف بعض المخاوف من وتيرة خفض أسعار الفائدة الأميركية العام المقبل، في حين استقر الين قرب 156 يناً للدولار، مما أثار احتمال التدخل.
وارتفعت معنويات المستثمرين، عندما نجح الكونغرس في تجنب إغلاق الحكومة الأميركية بفضل إقرار تشريع الإنفاق في وقت مبكر من السبت. وفي أسبوع محدود بسبب العطلات، من المرجح أن تتضاءل أحجام التداول مع اقتراب نهاية العام.
وقبل أيام، صدم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسواق، عندما توقع وتيرة محسوبة لخفض أسعار الفائدة في المستقبل، مما أدى إلى ارتفاع عائدات سندات الخزانة والدولار في حين ألقى بظلاله على الاقتصادات الأخرى، خصوصاً الأسواق الناشئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن بيانات حديثة عن مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي أظهرت ارتفاعات شهرية معتدلة في الأسعار، إذ سجل مقياس التضخم الأساس أصغر زيادة له في ستة أشهر، وخفف ذلك بعض المخاوف في شأن مقدار التخفيضات التي قد يلجأ إليها بنك الاحتياطي الفيدرالي عام 2025، ومع ذلك ظل الارتفاع السنوي في التضخم الأساس، باستثناء الغذاء والطاقة، أعلى بعناد من هدف البنك المركزي الأميركي البالغ اثنين في المئة.
مخاوف من ارتفاعات جديدة بالتضخم
في مذكرة بحثية حديثة، قال المدير الإداري لاستراتيجية الاستثمار في بنك “أو سي بي سي” فاسو مينون، إن التحول الذي شهده بنك الاحتياطي الفيدرالي أعاد شبح التضخم، مما دفع المستثمرين إلى البقاء في حال من التوتر. وأضاف، “إذا ثبت أن التضخم في الولايات المتحدة أكثر صرامة من المتوقع في الأشهر المقبلة، خصوصاً مع سياسات ترمب، فإن موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تشدداً قد يؤدي إلى تقلبات في السوق في الأمد القريب”.
ويتوقع المتداولون خفض أسعار الفائدة بمقدار 38 نقطة أساس العام المقبل، وهو أقل من خفضين بمقدار 25 نقطة أساس توقعهما بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي. وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي توقع أربعة تخفيضات عام 2025 في سبتمبر (أيلول) الماضي، ودفعت تسعيرات السوق أول تخفيف عام 2025 إلى يونيو (حزيران)، مع تسعير خفض في مارس (آذار) بنحو 53 في المئة.
وأدى تحول التوقعات في شأن خفض أسعار الفائدة إلى ترك مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل ستة من أكبر نظيراتها، مستقراً عند 107.78 في تعاملات جلسة اليوم الإثنين، قرب أعلى مستوى في عامين عند 108.54 والذي لامسه الجمعة. واستقر اليورو عند 1.0434 دولار، وهو ما يقترب من أدنى مستوى في عامين الذي لامسه في نوفمبر، كما انخفض بنسبة 5.5 في المئة هذا العام.
نقلاً عن : اندبندنت عربية