في مثل هذا اليوم، العاشر من يناير عام 1960م، الحادي عشر من رجب سنة 1379هـ، ودَّعنا واحدًا من أبرز علماء الأزهر الشريف، الشيخ حامد محمود محيسن، الذي ترك بصماته في مجال التعليم والدعوة، على الرغم من عدم وجود تاريخ دقيق لميلاده، إلا أن مسيرته العطرة تشهد على مكانته الرفيعة في مجال العلم والدين.

النشأة والتعليم:

وُلد الشيخ حامد محيسن في 13 ديسمبر 1880م، الموافق 11 من المحرم سنة 1298هـ، في مُنية السعيد بمحافظة البحيرة. نشأ في بيئة دينية محضة، حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، واتقن مبادئ العلوم التي أهلته للالتحاق بمعهد الإسكندرية الديني. تدرَّج في التعليم الأزهري حتى نال شهادة العالِمية من الدرجة الأولى عام 1915م، ليبدأ بعدها مشوارًا طويلًا من العطاء العلمي.

المناصب العلمية:

تولى الشيخ حامد محيسن عدة مناصب في مجال التعليم الأزهري، بدايةً من تعيينه مدرّسًا في معهد الإسكندرية، وصولًا إلى عمله في إدارة المعاهد الأزهرية. في عام 1944م، تم تعيينه شيخًا لمعهد الزقازيق، ثم أصبح شيخًا لكلية اللغة العربية بالقاهرة عام 1946م. وفي عام 1951م، صدر قرار شيخ الأزهر بتعيينه مفتشًا للعلوم الدينية والعربية بالمعاهد الدينية، ثم مديرًا للوعظ في العام التالي.

عضويته في هيئة كبار العلماء:

حظي الشيخ حامد محيسن بشرف عضويته في هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، وذلك بموجب الأمر الملكي رقم 24 لسنة 1941م، من الملك فاروق الأول. كما تم تكريمه بكسوة التشريف العلمي من الدرجة الأولى عام 1946م، تقديرًا لإسهاماته العلمية الكبيرة.

تلاميذه وأثره العلمي:

كان للشيخ محيسن تأثير كبير في تكوين العديد من العلماء الذين شغلوا فيما بعد مواقع هامة في الأزهر، أبرزهم الشيخ محمد البهي وزير الأوقاف سابقًا، الذي وصف أستاذه قائلاً: “يجمع بين الفهم المنظم والنقد السليم”. كما وصفه الشيخ عبد الحليم محمود بأنه “عالم مستقل التفكير، لا يعرف التقليد في رأي ولا يسوق الرأي دون برهان”.

مؤلفاته وأعماله:

من أبرز إنجازات الشيخ حامد محيسن، تفسيره الذي تميز عن أقرانه، حيث لم يكن تفسيرًا تقليديًا، بل كان يتسم بإعمال العقل بجانب الاعتماد على النصوص الشرعية. كما له مقال مطبوع بعنوان “تفسير سورة فاتحة الكتاب”. 

إضافةً إلى ذلك، كان له دور كبير في محاربة البدع والخرافات، ودعم اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم.

دوره في الدفاع عن المقدسات:

لم يقتصر دور الشيخ حامد محيسن على التعليم والدعوة داخل مصر فقط، بل كان له موقف قوي في دعم قضايا الأمة الإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. فقد كان من الموقعين على البيان الذي أصدره الأزهر الشريف لدعم فلسطين والمسجد الأقصى، بعد قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين عام 1947م.

رحيله:

بعد مسيرة علمية حافلة استمرت ما يقرب من 80 عامًا، توفي الشيخ حامد محمود محيسن في 11 من رجب سنة 1379هـ، الموافق 10 يناير 1960م. رحل الشيخ محيسن بعد أن خدم العلم والدين، وترك لنا إرثًا عظيمًا من العلم والمعرفة.

 

نقلاً عن : الوفد