تصاعدت الضغوط السياسية على السير كير ستارمر لوقف منح العقود والتمويل الحكومي لشركات الملياردير إيلون ماسك، وذلك بعد الكشف عن حصول شركاته على أكثر من 190 مليون جنيه استرليني (233 مليون دولار) من أموال دافعي الضرائب البريطانيين منذ عام 2016.

ويواجه رئيس الوزراء البريطاني مطالبات بوقف استفادة شركات قطب صناعة السيارات الكهربائية من المنح والدعم الحكومي والعقود الممولة من الخزانة العامة، وذلك في أعقاب تصريحات ماسك المتكررة المنتقدة للحكومة البريطانية في شأن عصابات الاستغلال الجنسي والنظام القضائي.

وكشفت “اندبندنت” البريطانية أن شركة “تيسلا” المملوكة لماسك تلقت دعماً من المال العام بقيمة 191 مليون جنيه استرليني منذ عام 2016، على رغم هجماته المتكررة على رئيس الوزراء وفريقه الحكومي، بما فيها مبلغ 188.3 مليون جنيه استرليني، جاء من منح وزارة النقل البريطانية المخصصة لتشجيع اقتناء السيارات الكهربائية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما الجزء المتبقي من الإنفاق الحكومي على شركة “تيسلا” جاء عبر السلطات المحلية، حيث اتجهت الحكومة الاسكتلندية وهيئات محلية أخرى لشراء سيارات “تيسلا” واستئجار محطات شحن كهربائية.

كما أنفقت الحكومة والسلطات المحلية ما يقارب 300 ألف جنيه استرليني على منصة “إكس” (تويتر سابقاً) منذ عام 2016، والتي استحوذ عليها ماسك في صفقة بلغت قيمتها 38 مليار جنيه استرليني عام 2022. وأشارت البيانات أن مكتب مجلس الوزراء وحده أنفق 60 ألف جنيه استرليني على حملات إعلانية متعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأثارت هذه الأرقام، التي جمعتها شركة “تاسل” Tussell المتخصصة في تحليل المشتريات الحكومية لمصلحة “اندبندنت”، موجة من المطالبات الغاضبة للسير كير ستارمر بقطع العلاقات مع إمبراطورية ماسك التجارية، ومنع الملياردير الأميركي من الحصول على المنح والدعم الحكومي والعقود المستقبلية الممولة من دافعي الضرائب.

وحول ذلك قال النائب العمالي جو باول رئيس المجموعة البرلمانية المشتركة لمكافحة الفساد في مجلس العموم البريطاني، “من المفارقة أن شركات ماسك استفادت من نحو 200 مليون جنيه استرليني من أموال دافعي الضرائب البريطانيين في شكل دعم ومنح حكومية خلال السنوات الأخيرة”.

وأضاف باول في تصريح خاص لـ”اندبندنت”، “إذا كان ماسك شديد الانتقاد للسياسات الحكومية البريطانية، فربما عليه أن يفكر في إعادة الأموال التي حصلت عليها شركاته والتركيز على مشاريعه التجارية بدلاً من التدخل في الشأن السياسي البريطاني”.

وأشاد النائب العمالي أليكس سوبل بموقف السير كير ستارمر في تصديه لما وصفه بالمعلومات المضللة والادعاءات غير الصحيحة التي نشرها ماسك حول عصابات الاستغلال الجنسي وسجل ستارمر السابق كمدير للنيابة العامة، وحمايته للوزيرة جيس فيليبس.

ودعا النائب العمالي إلى وقف أي دعم حكومي لشركات ماسك من أموال دافعي الضرائب. وقال لـ”اندبندنت”، “لقد أظهر رئيس الوزراء القيادة التي يتوقعها الناخبون من حكومة حزب العمال، في تباين صارخ مع موقف حزب المحافظين واليمين الشعبوي الذي سعى بانتهازية للاستفادة من المزاعم المتهورة التي لا أساس لها”.

وشدد على أنه “لا يمكن السماح للشركات العملاق بمحاولة تجاوز العملية الديمقراطية عبر إذكاء الانقسامات وتصعيد التوترات”.

وقال النائب المستقل ريتشارد بيرغون في تصريحات خاصة لـ”اندبندنت”، “في ضوء دعوات إيلون ماسك لإطاحة الحكومة البريطانية المنتخبة، من الضروري وقف هذا التمويل”. وأضاف، “على أي شركة تحظى بدعم الدولة البريطانية احترام نظامنا الديمقراطي وليس التحريض ضده. إن وقف التمويل يجب أن يكون أولى الخطوات الحاسمة لمنع ماسك وغيره من أصحاب المليارات من توظيف ثرواتهم الطائلة للتدخل في شؤوننا السياسية”.

وبدوره اتهم السير كير ستارمر، الإثنين الماضي، الملياردير إيلون ماسك بنشر أكاذيب حول عصابات الاستغلال الجنسي، محذراً من أن ماسك وحزبي المحافظين و”ريفورم” قد “تجاوزوا الخطوط الحمراء”.

وفي إشارة غير مباشرة إلى ماسك قال رئيس الوزراء البريطاني “إن الذين ينشرون الأكاذيب والمعلومات المغلوطة على أوسع نطاق ممكن لا يضعون مصلحة الضحايا في اعتبارهم، بل يسعون إلى تحقيق مصالحهم الشخصية”.

وهاجم رئيس الوزراء البريطاني تصريحات ماسك التي وصف فيها الوزيرة جيس فيليبس بأنها “متواطئة مع جرائم الاغتصاب الجماعي” وتستحق السجن.

ونوه رئيس الوزراء مضيفاً، “عندما تؤدي سموم اليمين المتطرف إلى تهديدات خطرة تطاول جيس فيليبس وغيرها، فهذا في نظري يعني تجاوز كل الخطوط الحمراء”.

وفي تصعيد لافت دعا زعيم الديمقراطيين الليبراليين السير إد ديفي الحكومة البريطانية إلى استدعاء السفير الأميركي لمناقشة تغريدات ماسك.

وتأتي هذه الدعوة رداً على تصريحات الملياردير ورجل أعمال القطاع التقني، الذي من المرتقب أن يشغل منصباً قيادياً في إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب عند توليه مهام منصبه الرئاسي الشهر الجاري، حيث اقترح ماسك تدخل الولايات المتحدة لإطاحة الحكومة البريطانية.

وقالت النائبة عن حزب الديمقراطيين الليبراليين كارولين فودن في تصريحات خاصة لـ”اندبندنت”، “أثبت إيلون ماسك مراراً وتكراراً جهله بقواعد وأعراف الأنظمة الديمقراطية التي يتدخل في شؤونها، وبطبيعة القضايا التي يخوض فيها ويحرض عليها”. وأضافت، “إن استدعاء السفير الأميركي للاستفسار عن تصرفات مسؤول أميركي مرتقب هو إجراء منطقي وضروري في مثل هذه الحالات”. وتابعت، “يجب على الحكومة أيضاً إعادة النظر في الدعم والمنح المقدمة لشركات ماسك، والتي بلغت مبلغاً ضخماً قدره 190 مليون جنيه استرليني منذ عام 2016. وبما أن ماسك يعد نفسه رجلاً يتمسك بالمبادئ العليا، فأنا متأكدة أنه سيتفق معي على أنه من غير المقبول أن يستفيد هو أو شركاته مالياً من حكومة يناصبها العداء بصورة علنية”.

تواصلت “اندبندنت” مع شركتي “تيسلا” و”إكس” والحكومة البريطانية للتعليق على الموضوع.

نقلاً عن : اندبندنت عربية