هنأ قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزاف عون على توليه الرئاسة.

وقالت السلطات السورية الجديدة، في بيان السبت، إنه “جرى اليوم اتصال هاتفي بين قائد الإدارة السورية الجديدة السيد أحمد الشرع والعماد جوزيف عون رئيس دولة لبنان الشقيق، أعرب فيه القائد عن تهانيه للعماد جوزيف لانتخابه رئيساً للجمهورية اللبنانية، متمنيًا له التوفيق في مهامه الجديدة”.

وأضاف البيان “أكد الطرفان خلال الاتصال على العمل لبناء وتعزيز العلاقات الإيجابية بين سوريا ولبنان وتعزيز القواسم المشتركة التي تجمعهما” حسب البيان.

وجاء انتخاب قائد الجيش يوم الخميس الماضي رئيساً للجمهورية بعد أكثر من عامين من الفراغ بدعم عربي ودولي واسع لا سيما من قبل السعودية وأميركا وفرنسا.

وتعهّد عون في خطاب القسم بحصر السلاح بيد الدولة ومكافحة الفساد وإطلاق مرحلة جديدة في لبنان واعتماد “سياسة الحياد الإيجابي” بعيداً من سياسة المحاور الإقليمية، وبإقامة “أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة انطلاقاً من أن لبنان عربي الانتماء والهوية”.

علاقات استراتيجية

أكد الشرع ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الخميس في دمشق حرص بلديهما على بناء علاقات استراتيجية طويلة الأمد تقوم على الاحترام المتبادل والسيادة الوطنية، بعد عقود من العلاقة الملتبسة بين الطرفين.

وفي أول لقاء بين مسؤولين من البلدين منذ إطاحة الرئيس السابق بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، زار ميقاتي العاصمة السورية على رأس وفد ضم وزير الخارجية وقادة الأجهزة الأمنية الرئيسية في البلاد. وهذه أول زيارة لدمشق يجريها رئيس حكومة لبناني منذ 2010.

وإثر اجتماع موسع، أعرب الشرع خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ميقاتي عن تطلع بلاده إلى بناء علاقات “استراتيجية طويلة الأمد” على وقع “مصالح مشتركة كبيرة جداً” بين البلدين، معتبراً أن انتخاب جوزاف عون رئيساً سيوفر “حالة مستقرة في لبنان”.

ودعا إلى نسيان “ذهنية العلاقة السابقة” بين البلدين وإلى إعطاء “فرصة للشعبين السوري واللبناني لأن يبنيا علاقة إيجابية في المراحل المقبلة، مبنية على احترام وسيادة” الدولتين، مؤكدا أن بلاده “ستقف على مسافة واحدة من الجميع هناك وسنحاول أن نعالج كل المشاكل من خلال التشاور والحوار”.

وقال ميقاتي من جهته إن “ما يجمع بلدينا من روابط تاريخية وحسن جوار وعلاقات وطيدة ندية بين الشعبين هو الأساس الذي يحكم طبيعة التعاون المطلوب من البلدين على الصعد كافة”.

وأضاف “واجبنا أن نفعّل هذه العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والندية والسيادة الوطنية”، مشيراً إلى أن “سوريا هي البوابة الطبيعية للبنان إلى العالم العربي، وطالما هي بخير، فإن لبنان بخير”.

لطالما كانت لسوريا اليد الطولى في الحياة السياسية في لبنان، إذ فرضت وصاية استمرت ثلاثة عقود وتحكمت بمفاصل الحياة السياسية، قبل سحب قواتها منه عام 2005 تحت ضغوط شعبية داخلية وأخرى دولية بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

إثر اندلاع النزاع السوري عام 2011، طغت انقسامات كبرى بين القوى السياسية في لبنان إزاء العلاقة مع دمشق. وفاقمت مشاركة “حزب الله” في القتال إلى جانب القوات الحكومية بشكل علني منذ 2013 الوضع سوءا، فيما اتبعت الحكومات المتعاقبة مبدأ “النأي بالنفس” عن النزاع السوري.

فرصة تاريخية

في خطاب القسم الذي أعقب أداءه اليمين الدستورية في مقرّ البرلمان، اعتبر الرئيس اللبناني المنتخب أن ثمة “فرصة تاريخية لبدء حوار جدي وندي مع الدولة السورية لمعالجة كافة المسائل العالقة معها”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى وقع التغيرات المتسارعة في البلدين، يأمل المسؤولون بحلّ الملفات الإشكالية العالقة، بينها وجود اللاجئين وترسيم الحدود البرية والبحرية وملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية.

واعتبر ميقاتي أن عودة اللاجئين الى سوريا باتت أمرا “ملحا لمصلحة البلدين”، مشيرا إلى أنه لمس من الشرع “استعداداً لمعالجة الملف بشكل حاسم وترحيبه بعودة كل مواطن سوري الى وطنه”.

عبء اللاجئين

ومنذ سنوات تقول السلطات اللبنانية إن اللاجئين السوريين البالغ عددهم نحو مليوني شخص يشكلون عبئا كبيرا عليها، ولا سيما بعدما فاقم الانهيار الاقتصادي غير المسبوق منذ خريف العام 2019 الأوضاع سوءا.

وعلى “سلم الأولويات”، وفق ما قال ميقاتي، “ترسيم الحدود البرية والبحرية” بين البلدين، مشيرا إلى توجه لتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة الملف في وقت لاحق، بموازاة الاتفاق على المباشرة بـ”ضبط كامل للحدود وبخاصة النقاط الحدودية غير الشرعية لضبط التهريب”.

وقال الشرع من جهته إن “هناك الكثير من الأمور العالقة” التي “تحتاج إلى وقت كاف حتى ندخل في علاجها” بينها ترسيم الحدود، في حين أن أولوية إدارته راهناً منصبة على الوضع الداخلي وفرض الأمن.

ويتشارك لبنان وسوريا حدودا بطول 330 كيلومترا غير مرسمة في اجزاء كبيرة منها خاصة في شمال شرق البلاد. وهذا ما جعل الحدود منطقة سهلة للاختراق من جانب مهربين او صيادين وحتى لاجئين.

وكان البلدان اتفقا عام 2008 على تشكيل لجنة لترسيم الحدود، من دون أن يتحقق ذلك. وزاد النزاع في سوريا الأمور تعقيدا.

وجاءت زيارة ميقاتي إلى دمشق بعد فرض السلطات السورية منذ الثالث من يناير (كانون الثاني) قيودا على دخول اللبنانيين عبر الحدود. وأفاد الجيش اللبناني في اليوم نفسه بتعرض قوة تابعة له لإطلاق نار من مسلحين سوريين لدى إغلاقها “معبرا غير شرعي” مع سوريا.

وردا على سؤال خلال المؤتمر الصحافي، قال الشرع إن معالجة المسألة متروكة لجهاز الجمارك، تزامنا مع تأكيد ميقاتي “ضرورة تعزيز الإجراءات المتبادلة والمشتركة لحماية أمن البلدين وسيادتيهما”.

وفد عماني

ومنذ إطاحة الأسد، تشكل دمشق وجهة لمسؤولين عرب وأجانب، كان آخرهم السبت وفد عماني برئاسة المبعوث الخاص لسلطان عمان الشيخ عبد العزيز الهنائي.

واستقبل الشرع ووزير خارجيته وفد السلطنة، الدولة الخليجية الوحيدة التي حافظت على علاقات دبلوماسية مع نظام الأسد خلال سنوات النزاع.

وكان الأسد زار السلطنة في فبراير (شباط) 2023، بعد 12 عاما على بدء النزاع الذي تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون سوري واستنزف الاقتصاد ومقدراته وأدى إلى تشريد وتهجير أكثر من نصف عدد السكان.

نقلاً عن : اندبندنت عربية