مراكز السياحة .. أغلقت باريس مؤخرًا آخر مراكزها التقليدية للسياحة، وهو المكتب الواقع بالقرب من برج إيفل في كاي جاك شيراك، في خطوة تهدف إلى تكثيف الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية في تقديم المشورة السياحية. 

باريس

وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، أثار قرار إغلاق المكتب الكثير من الجدل، حيث يعتبره بعض الخبراء ضربة كبيرة للمسافرين المسنين الذين يعتمدون على الإرشادات الشخصية بدلاً من التقنيات الحديثة.

تراجع عدد الزوار بالمقارنة مع السنوات الماضية

في العام 2024، استقبل المكتب السياحي 150 ألف زائر فقط، مقارنة بـ 574 ألف زائر في عام 2015، عندما كانت باريس تضم خمسة مراكز لاستقبال الزوار. هذه الأرقام تشير إلى تراجع واضح في الاهتمام بالمكاتب السياحية التقليدية لصالح الوسائل الرقمية.

التوجه نحو السياحة الرقمية

كورين مينيجو، المديرة العامة لمكتب السياحة في باريس، دافعت عن القرار، معتبرة إياه استجابة للتغيرات في سلوكيات الزوار الذين أصبحوا يعتمدون بشكل متزايد على التكنولوجيا الرقمية. وقالت مينيجو في تصريحات لصحيفة “لو باريزيان”: “لقد تغير سلوك الزوار، خاصة الأجيال الشابة، الذين يريدون الحصول على المعلومات فورًا ومن أي مكان.” وأوضحت أن نموذج المكاتب التقليدية لم يعد الأكثر فاعلية في تلبية احتياجات السياح.

انتقادات من قادة صناعة السفر

باريس

في المقابل، وصف ستيفان فيلان، رئيس الاتحاد الوطني لمنظمات السياحة المؤسسية، هذا القرار بأنه “قصير النظر”، مشيرًا إلى أن العنصر البشري لا يمكن استبداله بالتكنولوجيا. وأضاف فيلان لصحيفة “لوموند”: “لا يمكن للتكنولوجيا أن تحل محل اللقاءات الشخصية التي توفر الطمأنينة والإجابة عن الأسئلة”.

وقد أبدى قادة صناعة السياحة أيضًا قلقهم من أن التركيز على السياحة الرقمية قد يهمش كبار السن والأشخاص الذين يفتقرون إلى الثقافة الرقمية.

التحول إلى خدمات رقمية جديدة

بدلاً من المكاتب التقليدية، ستعتمد المدينة على تقديم خدمة الكونسيرج الرقمية عبر الهاتف والبريد الإلكتروني، بالإضافة إلى دعم عبر تطبيقات مثل “واتساب” للحصول على المشورة السياحية الشخصية. كما سيتم تدريب موظفين في حوالي 30 كشكًا للصحف في المدينة ليكونوا “سفراء للسياحة” لزوار المدينة.

مينيجو أكدت أن هذا التحول الرقمي لا يعني القضاء على الاستقبال الشخصي، بل إعادة تنظيمه بما يتناسب مع التوجهات الحديثة في صناعة السياحة.

التوقعات لعام 2024
على الرغم من الانتقادات، تشير الإحصائيات إلى أن باريس تشهد زيادة ملحوظة في أعداد الزوار، حيث توقع الخبراء زيادة بنسبة 20% في عدد السياح الدوليين خلال شهر يناير 2025 مقارنة بالعام الماضي. كما شهدت المدينة زيادة كبيرة في حركة السفر الجوي خلال عطلة عيد الميلاد بنسبة 29% وزيادة بنسبة 34% في الإقامات الطويلة، وهو ما يساهم في تعزيز السياحة في المدينة بالتزامن مع استعداداتها لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية 2024.
بينما تستعد باريس للاستفادة من التحول الرقمي في صناعة السياحة، تبقى هناك تحديات كبيرة تواجه الفئات العمرية الأكثر تحفظًا على التكنولوجيا. قد يكون لهذه التغيرات تأثيرات طويلة المدى على طريقة استكشاف المدينة، مما يطرح تساؤلات حول التوازن بين الابتكار الرقمي وضرورة الحفاظ على التفاعل البشري في قطاع السياحة.

 

 

 

 

نقلاً عن : الوفد