تعمل أوكرانيا على تعزيز ترسانتها العسكرية مع تصاعد وتيرة الحرب التي تخوضها مع روسيا، وكان لافتاً إعلانها نهاية العام الماضي تصنيع طائرات صاروخية من دون طيار تنافس الصواريخ المجنحة وتوفر عناء طلب مزيد من الأسلحة بعيدة المدى المصنوعة في الغرب.

ويعتبر مشروع الطائرات الصاروخية من دون طيار هدفاً رئيساً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في عام 2025، إذ أطلع البرلمان الأوكراني في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على رغبته في أن تنتج بلاده 30 ألف طائرة من دون طيار طويلة المدى، و3 آلاف طائرة صاروخية من دون طيار هذا العام، إذ تعد نوعاً جديداً من الأسلحة تتفرد أوكرانيا بابتكارها.

وكما نشرت كييف طائرات من دون طيار لتتولى أدواراً كانت مخصصة تقليدياً للقوات الجوية، مثل المراقبة الجوية والقصف المستهدف، فإن الطائرات الصاروخية من دون طيار تتطور لتؤدي وظائف الصواريخ المجنحة التي لا تنتجها أوكرانيا.

 

ما هي الطائرات الصاروخية من دون طيار؟

وصف زيلينسكي في خطاب ألقاه أواخر العام الماضي الطائرات الصاروخية من دون طيار بأنها مزيج من الكلمات كانت حتى وقت قريب شيئاً من الخيال ولكنها اليوم أصبحت حقيقة، مشدداً على أن طائرة “باليانيتسيا” الصاروخية دخلت مرحلة الإنتاج فيما نُشرت طائرة “بيكلو” على الجبهة، وهذه الطائرات في الغالب تطور ترسانة أوكرانيا الحالية من الطائرات بعيدة المدى من دون طيار إلى شيء يشبه “صاروخ كروز” صغير، وفي هذا التحول يتمحور كل شيء حول السرعة.

وبعض الطائرات بعيدة المدى من دون طيار التي تستخدمها أوكرانيا حالياً يمكنها نظرياً أن تقطع آلاف الكيلومترات، وهنا تأتي أهمية الطائرات الصاروخية من دون طيار، إذ تتميز “باليانيتسيا” و “بيكلو” وطائرة “روتا” الغامضة بسرعات قصوى تبلغ 500 و700 و800 كيلومتر في الساعة على التوالي.

ويرجع هذا الأمر بدرجة كبير إلى المحركات النفاثة التي تسمح للنماذج الأحدث بالتحليق بسرعة تفوق 200 كيلومتر في الساعة أو نحو ذلك، وما نتحدث عنه هنا يفوق بسرعته الطائرات الانغماسية طويلة المدى التي تصل سرعتها القصوى عادة إلى 300 كيلومتر في الساعة.

وبحسب وكالة الأنباء الأوكرانية “أوكرينفورم” فقد كانت هناك بالفعل خمسة استخدامات ناجحة لطائرات “بيكلو” الصاروخية، من دون الكشف عن الخصائص التقنية الأخرى للطائرة لدواع أمنية، فيما كشفت قناة شعبية أخرى مرتبطة بالجيش الأوكراني عن ارتباط هذه الطائرة بهجوم ناجح في عمق مدينة تاغانروغ الروسية.

من ناحية أخرى علق وزير الصناعات الإستراتيجية الأوكراني ألكساندر كاميشين على اختبار السلاح الجديد قائلاً إنه “جرى إنشاء هذا السلاح في سرية تامة، ويشير تصنيفه إلى أنه صاروخ أو طائرة من دون طيار، وأن المطورين اتبعوا المسار الأمثل للموازنة بين القوة التدميرية والكلفة المنخفضة نسبياً مقارنة بالصواريخ المجنحة الكاملة، مما يعزز إمكان الإنتاج الضخم المترافق مع كفاءة الكلفة”، مضيفاً أن “الطائرة الصاروخية من دون طيار هي الخطوة التالية في تطور تكنولوجيا الدفاع الأوكرانية، وكنا نتطلع إلى اللحظة التي سنثبت فيها فعاليتها للعدو”.

 

الطائرة الغامضة الجديدة “روتا”

وإلى جانب ما ذكرناه فقد كشفت الحكومة الأوكرانية عن طائرة “روتا” الأكثر غموضاً بين الطائرات من دون طيار والتي هي قيد الاختبار، وبينما أقر زيلينسكي باختبارها فقد لا تكون بالمعنى الدقيق للكلمة مشروعاً أوكرانياً.

وكانت شركة “ديستينوس” الأوروبية قد كشفت عن طائرة من دون طيار تسمى “روتا” بهيكل مطابق تقريباً للطائرات الصاروخية من دون طيار الجديدة الأخرى ومختومة بعلم أوكرانيا خلال مؤتمر للأسلحة في فرنسا هذا الصيف، ونشر مؤسس الشركة والرئيس التنفيذي لها ميخائيل كوكوريتش صوراً للطائرة خلال المؤتمر على موقع “لينكد إن” الخاص به، ومعظم المعلومات المتاحة عن “روتا” تسرد مزايا تجمع بين الكلفة المنخفضة وحجم الحمولة والسرعة، وتشمل مواصفات محرك توربيني نفاث منخفض الكلفة وخفيف الوزن.

ومن حيث المحرك فهذه الطائرة الصاروخية من دون طيار هي الأكثر تطوراً لأنها تحوي مدخل هواء مثبت في الأسفل ومشابه لصاروخ “توماهوك” الأميركي، كما تتمتع “روتا” بمزايا عندما يتعلق الأمر بالتخفي نظراً إلى وجود المحرك داخل هيكلها، فيما لا يوجد في هيكلها سوى مدخل هواء صغير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ما هي أهميتها؟

تكمن ميزة هذا السلاح الأوكراني الجديد في أنه على عكس الصواريخ طويلة المدى التي يوفرها الغرب مثل “ستورم شادو” أو “إم جي إم-140 أتاكمز”، يمكن إطلاقه على هدف عميق داخل روسيا من دون إذن أو أي قيود، وبحسب الخبراء العسكريين فإن هذه الطائرات من دون طيار تضع ما يصل إلى 20 قاعدة جوية روسية في متناول الضربات الأوكرانية، ويضمن المحرك التوربيني سرعة عالية، ومن المتوقع أن تكون القوة الرئيسة للصاروخ هي القدرة على إنتاجه بأعداد كبيرة.

وتشير بعض التحليلات العسكرية إلى أن إطلاق 30 طائرة منها على هدف يمكن أن يلحق ضرراً أكبر من صاروخ “إم جي إم -140 أتاكمز” باهظ الثمن، فيما تحتاج طائرة واحدة وحسب إلى اختراق الدفاعات الجوية لتدمير المقاتلات الروسية أو إشعال حريق في خزانات تخزين الوقود أو مخازن الأسلحة.

وتحمل هذه الطائرات شحنة متفجرة يقل وزنها كثيراً عن الصواريخ المجنحة التقليدية، فعلى سبيل المثال تحمل صواريخ “توماهوك” و”ستورم شادو” نحو 450 كيلوغراماً من الشحنة لكل منهما، أما الطائرات الأوكرانية الصاروخية من دون طيار الجديدة فتتميز في الغالب بحمولات تبلغ نحو 100 كيلوغرام.

وتتجسد نقطة الضعف الأكبر لهذه الطائرات الصاروخية بكونها أقل قدرة على التخفي وأكثر عرضة للتدخل الإلكتروني والملاحي من الصواريخ المجنحة الأكثر تقليدية، ولكنها في الوقت نفسه أقل كلفة إلى حد كبير من الصواريخ المجنحة التقليدية، إذ يبلغ سعر الواحدة منها 300 ألف دولار، مقارنة بصاروخ “ستورم شادو” الذي يكلف مليون دولار.

نقلاً عن : اندبندنت عربية