قبل عامين، أخذ بيب غوارديولا جملة ما إلى بعد جديد أو عصر آخر، نظراً إلى أنها كانت تنبؤاً لعام 2050، إذ علق مدرب مانشستر سيتي على عبارة، “لن تهزم كايل ووكر أبداً” قائلاً “سيحتفظ بسرعته دائماً، سيكون كايل في سن الـ60 أسرع لاعب في هذه الغرفة”.
كان غوارديولا يشكر والدي الظهير على جيناته، وبدا الأمر وكأن ووكر غريباً فسيولوجياً، فبينما كان الآخرون يتباطأون، ومع ظهور أدلة في بعض الأحيان على أن أسلوب حياته لم يكن مثالياً، كان لا يزال الرجل المناسب لسباقات السرعة على أرض الملعب سواء مع فينيسيوس جونيور أو كيليان مبابي، أو أسرع مهاجم يمكن لأي شخص العثور عليه.
حتى اتضح أن اسم بودكاست ووكر أصبح غير مناسب على نحو متزايد، إذ لم يكن الأمر مجرد أن لاعبين عداءين مثل أداما تراوري وتيمو فيرنر يمكنهما التغلب فجأة على كايل ووكر، بل كان الأمر يتعلق بالسهولة التي تجاوزاه بها، والمسافة التي قطعاها في غمضة عين، والطريقة التي وجد بها الرياضيون الأقل شأناً أنفسهم في وضع غير عادي بعد تجاوزه، لدرجة بدا معها أن ووكر جرد من قوته الخارقة، مثل شمشون الذي قطع شعره.
ربما ذهبت ثقته في نفسه كذلك، وبالتأكيد أصبحت العيوب في بقية أسلوب لعبه أكثر وضوحاً، إذ لم يكن ووكر بحاجة أبداً إلى أن يكون بلا عيب في غالبية مواقف اللعب، إذ كان في ما مضى سريعاً جداً لدرجة أنه كان قادراً على التعامل مع أي خطأ يرتكبه في أي موقف، لكنه لم يعد قادراً على ذلك الآن، فقد تغلب عليه مورغان روجرز في الهدف الثاني لأستون فيلا في مباراة الخسارة بنتيجة (1 – 2) الشهر الماضي، وكان مسؤولاً عن هدفي كريستال بالاس في التعادل (2 – 2)، وكان عرضة للخطأ بصورة منتظمة، بل أصبح ظلاً للشخصية المتغطرسة التي كان يتمتع بها في ظل معرفته بقدرته على التفوق على أي شخص متى شاء، والآن أعيد إحياء مانشستر سيتي من دونه، بينما لم يفز الفريق بأية مباراة بدأها منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.
وبدلاً من ذلك أصبح ووكر، اللاعب الذي ربما بدأ الموسم وهو يتخيل أنه سينهيه حاملاً لقب الدوري الإنجليزي الممتاز أو دوري أبطال أوروبا، وجهاً للانحدار المفاجئ والمهين لمانشستر سيتي، وإذا سارت الأمور على ما يرام، فسينتهي موسمه في ناد آخر تماماً، فقد طلب استكشاف خيار الانتقال إلى الخارج.
ربما يبحث عن قسط من الراحة، إذ يبدو الدوري الإنجليزي الممتاز الآن أسرع مما ينبغي بالنسبة إلى ووكر، وفي الوقت نفسه اعترف غوارديولا متأخراً بأنه كان ينبغي أن يكون أكثر انشغالاً في سوق الانتقالات خلال الصيف الماضي، وربما كان ينبغي له أن يشتري ظهيراً أيمن.
لقد أغرت حياة الاحتراف الخارجي ووكر من قبل، إذ كان قريباً من الانضمام إلى بايرن ميونيخ الألماني في عام 2023، حتى أنه وصل إلى حد إخبار زملائه في الفريق أنه سيغادر، بخاصة أن تعقيدات حياته الخاصة وفرت له أسباباً إضافية للرحيل عن مانشستر، لكن بدلاً من ذلك أقنعه غوارديولا في جلسة عشاء بالبقاء ووقع على عقد جديد لمدة ثلاث سنوات.
وأثبت هذا الخيار الخطأ الذي حدث، وكاد أن يحدث مرة أخرى مع إلكاي غوندوغان الذي كان السيتي متردداً في منحه عقداً طويل الأجل، إذ أثبت اللاعبان كلاهما أنهما وصلا إلى أفضل نقطة في موسم (2023 – 2024)، الذي أمضاه الألماني في برشلونة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لقد أنهى ووكر موسم الثلاثية التاريخية (2022 – 2023) مع مانشستر سيتي بقسوة على مقاعد البدلاء في نهائي دوري أبطال أوروبا ضد انتر ميلان الإيطالي، وذلك بالنظر إلى مساهمته الهائلة خلال فترة وجوده في ملعب “الاتحاد”، ولكن نتيجة لدور جون ستونز الهجين في الدفاع والوسط لم يجد ووكر مكاناً.
لكن ووكر اتسم بسمات القيادة، إذ ألقى خطاباً قبل المباراة في غرفة الملابس، ودليلاً آخر على ذلك تولى مهمات القائد السابق غوندوغان، لكن هذا لا يعني أن ووكر كان يستحق الثناء، إذ كان يرجع ذلك جزئياً إلى رغبته في شارة القيادة والمكانة أكثر من كيفين دي بروين.
ولكن عندما فاز مانشستر سيتي بكأس السوبر الأوروبية، فوجئ ووكر بوضعه تحت ضغط شديد من غوارديولا، وسجل هدفاً لتأمين الكأس واستمر ليصبح قائداً فائزاً بالدوري الإنجليزي الممتاز.
لكن أهميته تتجاوز ذلك بكثير، إذ انضم ووكر إلى مانشستر سيتي في عام 2017 خلال صيف شهد إنفاق سيتي 50 مليون جنيه استرليني (61.02 مليون دولار) لضم لاعبين أظهرة، إلى جانب دانيلو وبنجامين ميندي، لكن واحد فقط أثبت نجاحه، وهو ووكر.
لقد تحسن ووكر بصورة كبيرة تحت قيادة مدربه السابق في توتنهام ماوريسيو بوتشيتينو، لكنه فعل ذلك مرة أخرى بعد إعادة اختراعه من غوارديولا، ولذلك كان تراجع ووكر مدمراً للغاية، ويبدو أنه لا يمكن تعويضه، لأن ضربة غوارديولا الرئيسة كانت استخدام سرعته لإعادة تشكيله من ظهير أيمن مهاجم إلى ظهير دفاعي.
كانت الهجمات المرتدة بمثابة “الكريبتونيت” (نقطة الضعف) لمانشستر سيتي، وأصبح ووكر وثيقة التأمين النهائية بالنسبة إليهم، إذ كان سريعاً جداً بحيث لا يمكن إطلاقه في الثلث الأخير من الملعب.
لقد مرر 96 تمريرة عرضية في الدوري الإنجليزي الممتاز في موسمه الأخير مع توتنهام، وأقل من 60 تمريرة عرضية في كل موسم له مع مانشستر سيتي.
ولكن من دون وثيقة التأمين هذه، كان القاسم المشترك في أسوأ فترة في مسيرة غوارديولا التدريبية هو عدد المرات التي وقع فيها مانشستر سيتي في فخ الهجمات المرتدة.
لقد أصبح غير قادر على استعادة الكرة بعد فقدانها في الملعب، وكان هذا هو النوع من السيناريوهات التي كانت تتطلب منذ فترة طويلة سرعة ووكر لمعالجة الأخطاء، وعلى مدار معظم السنوات السبع السابقة، كانت الصورة المميزة له هي الركض عائداً نحو مرماه والفوز بالسباق.
الآن يبدو أن سباقه انتهى، وربما كانت هناك تلميحات لذلك، إذ اختير بطريقة ما في تشكيلة إنجلترا المشاركة في بطولة “يورو 2024” لكن أداءه ضد سلوفاكيا في دور الـ16 كان مخيفاً، واستعار مدرب إنجلترا آنذاك غاريث ساوثغيت طريقة غوارديولا مستخدماً ووكر كظهير يمكنه تغطية قلبي الدفاع، وكان أحد نتائج تألقه في ذلك هو أن ترينت ألكسندر أرنولد بدأ عدداً قليلاً جداً من مباريات إنجلترا المهمة في مركزه المفضل تحت قيادة ساوثغيت، وإذا كان ألكسندر أرنولد ظهيراً أيمناً فريداً من نوعه، فإن ووكر كان كذلك بطريقة مختلفة تماماً.
الآن جلبت النهاية المحتملة لمسيرته في الدوري الإنجليزي الممتاز تلميحات بأنه أعظم لاعب في الدوري في مركزه، إذ حل محل غاري نيفيل في قائمة التشكيلة المثالية لأفضل 11 لاعباً عبر تاريخ المسابقة، وهي علامة على مدى جودة ووكر، بينما تكمن المشكلة بالنسبة إلى مانشستر سيتي في أن سرعة ووكر انخفضت بعدما وصل إلى سن الـ34، أي قبل 26 عاماً في الأقل مما توقعه غوارديولا، وعندما لم يكن هو ولا مديره الفني مستعدين لذلك.
نقلاً عن : اندبندنت عربية