ربما كان المنعطف الأخير الذي مر به أرسنال بمثابة عودة قوية له، فقد شهدت الفترة الأخيرة خروج أرسنال تقريباً من الكأسين المحليتين، لكن هذا ربما أعاد تنشيط قدرتهم للمنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، إذ انتهى أسوأ أسبوع في موسم المدرب الإسباني ميكيل أرتيتا حتى الآن بأفضل نتيجة ممكنة، وهي الفوز في ملعبه على توتنهام هوتسبير، أو ربما على نصف توتنهام باعتراف الجميع، نظراً إلى الإصابات التي تعرض لها فريق المدرب أنج بوستيكوغلو والتي قد تجعل حتى أرتيتا يتعاطف معه.

ومع ذلك لن يهتم الإسباني حقاً، نظراً إلى أن هذه العودة لتحقيق الفوز بنتيجة (2 – 1) كانت سبباً في تقليص فارق النقاط مع متصدر الترتيب ليفربول إلى أربع نقاط فحسب، وإن كان ذلك بعد لعب مباراة أكثر من “الريدز”.

أكد أرتيتا اعتقاده الذي لم يتزعزع أبداً، بأن سباق اللقب هذا لم ينته بعد، قائلاً “هناك كثير من المباريات التي يجب أن نلعبها، ونستطيع أن نرى مدى صعوبة فوز كل فريق”.

هذا صحيح بالتأكيد بالنسبة إلى توتنهام الذي باحتساب نتيجة هذا “الديربي” حقق فوزاً واحداً في تسع مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز، وهو الآن في المركز الـ13 وبفارق ثماني نقاط فقط عن منطقة الهبوط، مع احتمالية احتلالهم المركز الـ14 بحلول نهاية اليوم الخميس.

وقال بوستيكوغلو، “نحن لسنا كذلك”، ويمكنه بالتأكيد أن يقول ذلك عن التشكيلة التي تضم حالياً آخر الرجال، أو الأولاد حقاً، الصامدين وسط عدد من الإصابات.

كان هذا أول ديربي شمال لندن منذ 18 عاماً يضم شاباً يبلغ من العمر 18 سنة، بل كان هناك ثلاثة لاعبين بهذا العمر هم لوكاس بيرغفال وآرتشي غراي ومايلز لويس سكلي، وكانوا من بين أفضل اللاعبين على أرض الملعب.

لا يزال بوستيكوغلو غير راغب في الإشارة إلى إيجابيات ذلك، قائلاً، “أريد أن يشعروا بخيبة الأمل، فخسارة عديد من المباريات في موسم الدوري أمر غير مقبول”.

وأضاف، “يجب أن يتوقف هذا الأمر”، لكن من الصعب أن نرى كيف، فهو يحتاج في الأساس إلى مزيد من الأجسام والخبرة والطاقة، وأردف، “لا توجد وصفة سحرية”.

أرتيتا أيضاً يعرف هذا حيث كان على فريقه المحاصر أن يشق طريقه عبر هذه الفترة، وهذا هو السبب في عدم الثقة كثيراً في أرسنال.

كان الفريق محاطاً بالشكوك، خصوصاً بعد طريقة خسارته لمباراتي الكأسين أمام نيوكاسل ومانشستر يونايتد، إضافة إلى الإصابات، فقد كانت هذه أسوأ فترة عرفها أرتيتا منذ موسميه الأولين الصعبين في منصبه مدرباً لأرسنال.

لكن الأمور كان من الممكن أن تسوء أكثر لولا استعادة لياندرو تروسارد اكتشاف لمسته التهديفية، حتى لو كان أرسنال لا يزال لا يتمتع بلمسته التهديفية الشاملة، وفي ظل الحاجة إلى مهاجم، خصوصاً بعد المستوى المخيب للآمال للغاية من رحيم سترلينغ.

واعترف أرتيتا، “كان يجب أن ننهي المباراة في وقت أبكر بكثير، لكننا عانينا، كنا نود تسجيل الهدف الإضافي”.

ولكن فجأة ظهر منظور أوسع، خصوصاً الآن بعد خروج الفريق من كأس الاتحاد الإنجليزي، مما يمنحه أسبوعين إضافيين في الأقل للراحة والتنفس، وإذا تمكنوا من الجمع بين ذلك والانتهاء من دوري أبطال أوروبا ضمن أفضل ثمانية فرق إضافة إلى التعاقد مع لاعب جديد، فقد يبدو الأمر وكأنهم منتعشون قبل المرحلة النهائية، وقد يعود بوكايو ساكا في الوقت المناسب تماماً.

هذا إذا تمكنوا من تجاوز الأسبوع المقبل المفصلي في سباق اللقب، إذ تلعب السبت مباراتي ليفربول ضد برينتفورد، وأرسنال ضد أستون فيلا.

لقد وجدوا النغمة الصحيحة ببعض المرونة من الإحباط، وسط مباراة فوضوية مسلية، وقد خرجوا بأفضل طريقة ممكنة ولم يكن ذلك بسبب الطريقة التي هاجموا بها فقط.

ونظراً إلى الصعوبات والمناقشات التي دارت الأسبوع الماضي، كان من السهل على النادي الذي يمكن أن يحيط به التقلبات العاطفية أن يشعر بالأسف على نفسه، لكن كان الموقف العام لأرتيتا في مثل هذه الظروف هو بث شعور بالإيجابية، الذي قد يبدو سخيفاً في بعض الأحيان لمن هم خارج أرسنال لكن هذه هي النقطة المحورية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الفكرة هي جعل من هم في الداخل أقرب إلى بعضهم بعضاً، وبعد أسبوع صنع فيه أرسنال عدداً من الفرص ولم يتمكن من التسجيل، خرجوا وخلقوا فرصاً أكثر.

وكانت أول 20 دقيقة عبارة عن هجوم، حيث كان من الممكن لفريق أرتيتا بسهولة أن يسجل ثلاثة أهداف.

في البداية نجح توتنهام بصورة رائعة في التغلب على الحصار، إذ وقف حارس مرمى توتنهام أنتونين كينسكي وقفز بقوة في الركنيات بطريقة عاناها عدد من حراس المرمى الآخرين.

لقد جعل الهجوم وقلة الخبرة من الأمر أكثر إثارة للإعجاب، إذ إن توتنهام نجح في تجاوز الحصار وتقدم للهجوم، وظهرت بعض الخبرة عندما حول أحد كبار المحترفين في المباراة وهو سون هيونغ مين، الكرة العائدة إلى الوراء نحو مرمى الحارس ديفيد رايا بتسديدة وارتطام بأحد لاعبي أرسنال لتنحرف الكرة عن مسارها.

مرة أخرى كان من السهل على أرسنال أن يشعر بالأسف على نفسه، فقد كان هناك تحذير من كيف فعل توتنهام نفس السيناريو أمام ليفربول في كأس رابطة المحترفين “كاراباو”، الأسبوع الماضي.

وواصل أرسنال هجومه، ومن الممكن أن يزعم توتنهام أن أرسنال حصل على قرارات تحكيمية لصالحه، حتى وإن رفض بوستيكوغلو الحديث عن هذا الطرح بعد المباراة.

ولم يكن من المفترض أن تكون الركلة الركنية التي أدت إلى التعادل في الدقيقة الـ40 ركلة ركنية، بل كانت بمثابة استكمال لتحول حاسم في زخم اللعب.

وتأثرت ثقة كينسكي المبكرة في نفسه، وبدا أن هذا أثر في مستواه تدريجاً، وبحلول اللحظة التي أرسل فيها رايس الكرة من الركلة الركنية، كان حارس المرمى يرتجف، وكان غابرييل ينتظر عند القائم الخلفي لإجبار دومينيك سولانكي على تسجيل هدف بالخطأ في مرمى فريقه.

ومن الواضح أن توتنهام تأثر إذ لم يستغرق الأمر سوى أربع دقائق أخرى حتى عاقب أرسنال منافسه على الأخطاء غير الضرورية، وتمكن تروسارد من تسديد الكرة في المرمى، بعدما مرت من أمام رادو دراغوسين الذي لم يكن مبالياً، ثم مرت من بين يدي حارس المرمى كينسكي.

ولكن في مواجهة هذا النوع من عدم الدقة، ينبغي الإشادة بدقة مارتن أوديغارد، ورغم أن نصف ملعب توتنهام أصبح مفتوحاً، فإن صانع الألعاب مرر الكرة الصحيحة تماماً لتروسارد وهذه هي اللمسة التي افتقر إليها أرسنال أخيراً، كما عكست ما يمكن القول إنه أفضل أداء لأوديغارد منذ عودته من الإصابة.

إذا كان الشوط الأول قد تحول بطرق غير متوقعة، فإن الشوط الثاني لعب وفقاً لعدد من الأنماط المألوفة.

تخلص بوستيكوغلو من الحذر الأخير وأجرى تبديلين هجوميين للغاية في الشوط الثاني مع إدخال برينان جونسون وجيمس ماديسون، وهذا منح أرسنال مزيداً من الفرص ومزيداً من الفرص الضائعة، لذلك أصبح الافتقار إلى الهداف أكثر وضوحاً.

كاد الأمر يصل إلى مستوى السخرية عندما أهدر تروسارد الذي كان من المفترض أن يتذكر للتو لمسته التهديفية في الشوط الأول، الكرة تماماً في فرصة رائعة في الشوط الثاني، واستمر الأمر على هذا النحو.

ومع ذلك انتهت المباراة بأكثر العناصر المألوفة على الإطلاق وهو فوز أرسنال على أرضه في “ديربي” شمال لندن، وهو ما سيعزز هذا الإيمان بالفوز باللقب أيضاً للمرة الأولى منذ فترة، لدرجة أن أرتيتا كان على استعداد للذهاب بصراحة وقول ذلك إن السباق بدأ.

نقلاً عن : اندبندنت عربية