شهد النظام الضريبي في بريطانيا تعديلات مختلفة العام الماضي، يبدأ نفاذ معظمها هذا العام مع بداية السنة المالية مطلع أبريل (نيسان) المقبل.
جاءت التعديلات في آخر موازنة لحكومة حزب “المحافظين” السابقة، وأعلنها وزير الخزانة آنذاك جيريمي هنت، وفي أول موازنة لحكومة حزب “العمال” التي أعلنتها وزيرة الخزانة راتشيل ريفز نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2024.
هدف التعديلات هو زيادة الحصيلة الضريبية للخزانة العامة بزيادة نسب بعض الضرائب وإلغاء إعفاءات وتجميد سقف إعفاءات أخرى كي لا يزيد بمعدل التضخم السنوي.
من بين تلك الضرائب، ضريبة الإرث (التركات) التي تحصلها الدولة بنسبة 40 في المئة على تركة المتوفى المنقولة للورثة، ومنذ تعديلات وضع المقيمين في بريطانيا والمسجلين ضريبياً خارجها وإلغاء كل الإعفاءات المتعلقة بذلك الوضع أصبح الجميع في بريطانيا، مواطنين ومقيمين، عرضة لتحصيل الدولة ضريبة الإرث على ثروتهم بعد الوفاة، حتى بعض الثغرات التي كان الناس يلجأون إليها لتفادي الضريبة على التركة أو تقليلها أغلقتها التعديلات المتكررة في العام الأخير.
اعتماداً على المعلومات الرسمية على صفحة مصلحة الضرائب في الموقع الرسمي للحكومة البريطانية وبيانات الموازنة الأخيرة، فيما يلي إجابات مبسطة عن بعض الأسئلة المهمة حول ضريبة الإرث في بريطانيا:
ما ضريبة الإرث؟
ضريبة الإرث أو ضريبة التركات هي ضريبة تحصلها الحكومة على ثروة الشخص المتوفى، من عقار وأموال سائلة وممتلكات مختلفة مثل المجوهرات واللوحات الفنية العالية القيمة والأسهم والسندات وحتى ما في صندوق معاش التقاعد للمتوفى.
وتعفى ثروة المتوفى من ضريبة الإرث إذا كان إجمال قيمتها أقل من 325 ألف جنيه استرليني (396 ألف دولار)، وهو حد الإعفاء الضريبي من التركة حالياً، أو أن يترك المتوفى ما فوق هذا الحد للشريك (الزوجة أو الزوج) أو للجمعيات الخيرية أو نادٍ رياضي شعبي للهواة.
وحتى العام الماضي كانت هناك ثغرات كثيرة في نظام ضريبة الإرث، مما جعل خمسة في المئة فحسب تقريباً من التركات هي التي تخضع لضريبة الإرث في بريطانيا، لأن التركة قد تكون أقل من حد الإعفاء الضريبي أو أن صاحب التركة استغل الثغرات التي تعفي الورثة من دفع 40 في المئة ضريبة للحكومة.
كيف تُحصل؟
تخصم ضريبة التركة بنسبة 40 في المئة من إجمال الثروة قبل توزيعها على الورثة، وبما أنه بالنسبة إلى غالبية الحالات يكون البيت هو أعلى مكون في التركة، فإما يدفع الورثة قيمة الضريبة أو يباع البيت (إذا لم يكن هناك من الورثة من يريد الاحتفاظ به ودفع حقوق الآخرين وضريبة الإرث) وتحصل الحكومة الضريبة وتوزع البقية على الورثة.
بينما في حال الأموال في البنوك، فإنها تبلغ عنها مصلحة الضرائب بمجرد الإبلاغ عن وفاة صاحب الحسابات المصرفية، وإذا كانت الأموال فيها فوق حد الإعفاء، تحصل وزارة الخزانة الضريبة.
كذلك الحال بالنسبة إلى الأسهم والسندات والأوراق المالية الأخرى، أما المنقولات (كالمجوهرات والقطع الفنية القيمة) فيبلغ عنها الورثة مصلحة الضرائب وتقدر قيمتها وتحصل الضريبة عنها.
هل يمكن نقل التركة للورثة قبل الوفاة لتفادي الضريبة؟
بالطبع، يمكن نقل ملكية أي جزء من التركة، أو كلها للزوج أو الزوجة أو الأبناء أو أي من أفراد العائلة. ويعامل ما تنقل ملكيته (سواء كان العقار أو المنقولات أو غيرها) معاملة “الهدية”، ومن ثم لا يعفى ما ينقل من التركة لأي من الورثة إذا توفي صاحب التركة قبل سبعة أعوام تمر على عملية نقل الملكية.
واذا توفي صاحب التركة في غضون ثلاثة أعوام من نقل الملكية يعامل ما نقل على أنه جزء من التركة يخضع لنظام ضريبة الإرث، أما الوفاة بعد ثلاثة أعوام فتحسب نسبة ضريبة إرث متناقصة حتى الإعفاء للجزء المنقول ملكيته إذا مرت عليه سبعة أعوام قبل وفاة المورث.
ماذا عن المقيمين المسجلين ضريبياً في الخارج؟
ألغت حكومة “المحافظين” السابقة ميزات الإعفاء الضريبي للمسجلين ضريبياً في الخارج على رغم إقامتهم في بريطانيا، وبدءاً من السنة المالية الجديدة، أي من السادس من أبريل المقبل تعامل تركة المقيم المتوفى في الخارج معاملة تركته في بريطانيا، ومن ثم تخضع للضريبة بنسبة 40 في المئة في ما فوق حد الإعفاء الحالي.
تجري حكومة “العمال” الحالية مشاورات لإلغاء كل نظام المقيمين المسجلين ضريبياً في الخارج، ومن ضمنها مشاورات في شأن حساب ضريبة الإرث على الممتلكات في الخارج للمقيمين وحساب وضع الإقامة، ومن المتوقع أن تقر تلك التعديلات العام الحالي.
أي ضريبة على التركة خارج بريطانيا؟
وتحسب ممتلكات المتوفى خارج بريطانيا ضمن التركة بصورة عامة، وما يزيد على حد الإعفاء عند 325 ألف جنيه استرليني (396 ألف دولار) تحسب عليه ضريبة بنسبة 40 في المئة تحصلها الخزانة العامة، هذا ما لم يكن ما يملكه المتوفى في بلد لديه اتفاق عدم ازدواج ضريبي مع بريطانيا، ويمكن للورثة إثبات دفع ضريبة إرث على تلك الممتلكات في ذلك البلد، وذلك بعد إلغاء نظام الإقامة مع التسجيل الضريبي في الخارج.
ويبقى غير محسوم حتى الآن مسألة حساب “الإقامة” التي توجب الضريبة، بما فيها ضريبة الإرث، في العام الماضي، أعد الشريك في شركة المحاسبة القانونية والاستشارات الاستثمارية “كيه بي أم جي” غافين شو ورقة في شأن تعديلات ضريبة التركة المتوقعة على أصول المقيمين في بريطانيا الذين سيفقدون الميزة الضريبية بالتسجيل في الخارج، وجاء فيها “نتيجة الاحتساب على أساس وضع الإقامة ستكون الأصول خارج بريطانيا خاضعة لضريبة التركة، ما دام الشخص المتوفى مقيماً في بريطانيا لمدة 10 أعوام”. وستوضح المشاورات الحكومية إذا كانت 10 أعوام متصلة أو على فترات متقطعة، وستوضح المشاورات طريقة احتساب وضع الإقامة، وإذا كان النظام الحالي أم الجديد، وكذلك مسألة الازدواج الضريبي (إذا كانت الأصول الخارجية في دول لديها اتفاقات منع ازدواج ضريبي مع بريطانيا) أو لمزدوجي الجنسية وكذلك حساب السنة الضريبية ومدة الإقامة خلالها.
حسب النظام الحالي للإقامة الذي يجعل الشخص خاضعاً للضرائب، فهو قضاء أكثر من 16 يوماً في بريطانيا أو إذا كان مقيماً في الأعوام الثلاثة الأخيرة فقضاء أكثر من 46 يوماً.
أما بالنسبة إلى المواطنين والمقيمين الذين يعملون في الخارج فقضاء 91 يوماً في بريطانيا خلال السنة الضريبية المعنية.
أهمية الوصية في تقليل ضريبة الإرث؟
من طرق تقليل ضريبة الإرث، التي لم تطاولها التعديلات الحكومية حتى الآن، هي أن يترك المتوفى وصية بتركته يشرك فيها الزوجة/الزوج والأبناء، وبما أن قيمة البيت هي أكبر جزء في التركة فإن التوصية بانتقال البيت للشريك (الزوج/الزوجة) تعني عملياً إعفاء العقار من ضريبة التركة في معظم الحالات للعقارات المتوسطة السعر.
ويوصي الخبراء القانونيون بأن تكتب الوصية مبكراً حتى تمر عليها سبعة أعوام أو أكثر عند الوفاة، إذ إن الوصية إذا كتبت قبل ثلاثة أعوام من الوفاة فهي لا تعفي من ضريبة الإرث في معظم الأحوال، وعلى رغم وجود مواقع على الإنترنت توفر الوصية بأسعار قليلة، فإن المتخصصين ينصحون باستشارة محام/محاسب لكتابة الوصية بغرض تفادي الورثة القدر الأكبر من ضريبة الإرث.
ما ضريبة الهدايا للأهل من التركة؟
يمكن لصاحب التركة أن يوزع في حياته ما يريد من تركته في صورة “هدية” أو “هبة” لأفراد العائلة، لكن ليست كل تلك الهدايا والهبات معفاة من ضريبة الإرث، خصوصاً إذا تمت قبل الوفاة بفترة قصيرة.
وتعتمد ضريبة الإرث على الهدايا والهبات على من تقدم له الهدية وعلاقته بصاحب التركة (زوج/زوجة، أبناء، أحفاد، أصدقاء…) وقيمة الهدية وموعد تقديمها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هناك إعفاء على حد معين من الهدايا يمكن أن يقدمه الفرد سنوياً لمن يريد ولا يحسب ضمن التركة يبلغ 3 آلاف جنيه استرليني (3066 دولاراً)، إضافة إلى الهدايا التي تقل قيمتها عن 250 جنيهاً استرلينياً (305 دولارات) مثل هدايا المناسبات السنوية كأعياد الميلاد وغيرها، ويمكن تقديم مساعدات معفاة من ضريبة التركة في حالات الزواج، بمعدل 5 آلاف جنيه استرليني (6.1 ألف دولار) للابن/الابنة عند زواجه ومبلغ 2.5 ألف جنيه استرليني (3.05 ألف دولار) للحفيد/الحفيدة وألف جنيه استرليني (1.2 ألف دولار) لأي شخص آخر عند الزواج.
أما الهدايا والهبات غير ذلك فمعفاة من ضريبة الإرث إذا تمت قبل سبعة أعوام أو أكثر من الوفاة، وإذا كانت قبل ستة أعوام تفرض عليها ضريبة ثمانية في المئة، وقبل خمسة إلى ستة أعوام تكون نسبة ضريبة الإرث 16 في المئة وإذا كانت الهدية قبل أربعة إلى خمسة أعوام من الوفاة تكون ضريبة الإرث عليها 24 في المئة وما بين ثلاثة إلى أربعة أعوام تكون ضريبة الإرث على الهدية أو الهبة 32 في المئة، أما إذا قدمت الهدية قبل ثلاثة أعوام أو أقل من الوفاة فتكون الضريبة عليها كاملة 40 في المئة.
وضع التركة في صندوق وديعة
من الثغرات التي كانت موجودة في نظام ضريبة الإرث حتى العام الماضي، أن توضع التركة في صندوق وديعة “Trust” خصوصاً لمن لديهم أصول وأملاك في الخارج.
وكان ذلك يعفي الورثة من دفع ضريبة الإرث عليها، لكن التعديلات الأخيرة التي أعلنتها وزارة الخزانة سدت تلك الثغرة وأصبح وضع التركة في صندوق وديعة لا يعفيها تماماً من ضريبة الإرث.
مع ذلك ينصح بالرجوع إلى مستشار مال وخبير قوانين ضرائب لمعرفة إن كانت “ثغرة” الصناديق ما زالت متاحة بصورة أخرى، إذاً فإن ما هو متاح على الموقع الرسمي للحكومة وموقع مصلحة الضرائب لا يحسم هذا الأمر في ضوء التعديلات التي أعلنها وزير الخزانة السابق والتي أعلنتها وزيرة الخزانة الحالية الشهر الماضي.
ثغرات قانون ضريبة الإرث وتعديلاتها؟
تسعى حكومة حزب “العمال” إلى سد معظم ثغرات نظام ضريبة الإرث لزيادة حصيلة الخزانة العامة منها بمليارات عدة من الجنيهات، وفي هذا السياق جمدت سقف الإعفاء من الضريبة الذي كان يتوقع زيادته مع ارتفاع التضخم وزيادة أسعار العقارات، المكون الأهم في التركات، كذلك فإن إلغاء نظام الإقامة مع التسجيل الضريبي في الخارج سد معظم ثغرات دفع ضريبة الإرث على الممتلكات والأصول في الخارج، وألغت حكومة العمال معظم الإعفاءات المتعلقة بتركة الأراضي الزراعية والمنشآت الصناعية، وهو ما أثار غضب قطاعات واسعة من البريطانيين الذين لم يكونوا يدفعون ضريبة إرث وسيكون عليهم دفعها بدءاً من العام المالي المقبل في الربيع.
ماذا لو لم يدفع الورثة الضريبة؟
تخصم ضريبة الإرث من قيمة التركة قبل توزيعها على الورثة، أما الهدايا والهبات المستحق عليها ضريبة إرث فيدفعها من تلقوها. وفي حال عدم دفع الضريبة، أو التلاعب غير القانوني في حسابها، فإن ذلك يضع الورثة تحت طائلة القانون كمتهربين من الضريبة. وعقوبة ذلك الغرامة وربما السجن، وغير الغرامة يدفع المستحق وما ترتب عليه من فوائد مدة عدم الدفع.
نقلاً عن : اندبندنت عربية