دونالد ترمب لا يحضر شخصياً، وجاءت مشاركته عبر الفيديو خلال وقت متأخر قبل أن يوشك المنتدى الاقتصادي في دافوس على الانتهاء، على رغم ذلك فلا يزال الرئيس الأميركي يسيطر على أحاديث الجميع في دافوس.
سيطرة شخصية ترمب تتوزع بين معجبين مثل الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي يحتفلون، ومتحفزين إذ ينظر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى نظيره الأميركي الجديد بأمل، وعلى الجانب الآخر هناك مستهدفون حريصون على رؤوسهم منخفضة من بينهم المستشار الألماني أولاف شولتز.
وتقول وكالة “بلومبيرغ” لا تمر محادثة واحدة في هذا المنتجع الجبلي السويسري من دون أن تتناول تقييم خطط الرئيس الأميركي الجديد.
وقال الزعيم النقابي الليبرالي الذي يعد الأجنبي الأول الذي التقى ترمب بعد فوزه في الانتخابات الأرجنتيني ميلي “إذا فشلت في فهم ساحة اللعب التي يلعب عليها ترمب، سيكون من الصعب فهم رؤيته، فالإرشادات التي يضعها ستخلق عالماً أفضل بكثير”. ورأى أنه لا يوجد تعارض ما بين آرائه المؤيدة للتجارة الحرة وحب ترمب للرسوم الجمركية، قائلاً “ليس لأنه يعد حامياً للتجارة، بل لأنه يعرف دور الولايات المتحدة في العالم من ثم فإن سياستها التجارية جزء من استراتيجيتها الجيوسياسية”.
وبينما لم يكن جميع القادة متحمسين تماماً فإنهم أشاروا إلى استعدادهم للعب وفقاً لقواعد ترمب، إذ قال الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب في مقابلة “أستمع إلى ما يقوله ترمب وأتصرف وفقاً لذلك، فدولة مثل فنلندا ستفعل ذلك بالتأكيد”.
وكان هناك من كان هو أكثر مرحاً، مثلما قال رئيس وزراء فيتنام فام مينه تشينه “إذا كان لعب الغولف يمكن أن يساعد في جلب الفوائد لبلدي وشعبي، فيمكنني أن ألعب الغولف طوال اليوم” مما أثار ضحك الجمهور.
لقد تغير كثير خلال العام الماضي، ففي يناير (كانون الثاني) 2024 عندما سأل الصحافي فرانسين لاكوا من قناة “بلومبيرغ” التلفزيونية رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد عن إمكانية استعادة ترمب للبيت الأبيض، قالت مازحة إنها “تحتاج إلى كوب آخر من القهوة قبل الإجابة عن السؤال”، وضحك الحضور خلال ذلك الوقت، ولكن لا أحد يضحك الآن.
تجاوز الانتقادات من أجل التفاهم البناء
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز على شاشة “بلومبيرغ”، “يجب أن نتبنى نهجاً بناء في علاقاتنا مع الإدارة الجديدة”.
وخلال العام الماضي، حضر رئيس وزراء هولندا مارك روتي تجمع دافوس، بينما كان يتطلع إلى منصبه الحالي كأمين عام لحلف الـ”ناتو”، مشيداً بترمب لدفعه الأوروبيين لزيادة الإنفاق الدفاعي، فتلك الرؤية التي كانت مثار للجدل حينها أصبحت الآن مقبولة على نطاق واسع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترشون فقال خلال مقابلة مع “بلومبيرغ” “السياسة في الولايات المتحدة تُدار بصورة مختلفة مقارنة بالدول الأوروبية”.
حتى القادة الذين وجدوا أنفسهم مستهدفين من قبل إيلون ماسك، الذي ساعد دعمه المالي والاجتماعي الكبير لترمب في الحصول على مكان بدائرة الرئيس الداخلية، حاولوا أن يكونوا مهذبين.
دعم ماسك
وأجاب الزعيم الألماني شولتز عن سؤال حول دعم ماسك المتزايد للتيار اليميني في ألمانيا من دون أن يذكر أغنى رجل في العالم بالاسم، قائلاً “لدينا حرية التعبير في أوروبا، وفي ألمانيا يمكن للجميع قول ما يريدون حتى لو كانوا مليارديرات”.
أما وزيرة الخزانة البريطانية ريتشل ريفيز فقد ضحكت على “استفزازات” ماسك، على رغم أن حكومات الوسط اليساري مثل حكومتها تتراجع أمام ترمب وتحاول أن تكتشف ما إذا كان ينبغي تجاهل ماسك أو التفاعل معه.
وتساءل الحضور هذا الأسبوع عما إذا كان ترمب الذي وصل إلى دافوس عام 2018 على متن طائرة هليكوبتر قد يفاجئهم بالحضور شخصياً، وكان الرئيس البولندي المنتهية ولايته أندريه دودا أبدى اهتماماً بهذا الاحتمال.
وقال دودا في مقابلة مع “بلومبيرغ”، “ترمب دائماً يفكر خارج الصندوق”.
وقال وزير المالية القطري علي أحمد الكواري عندما سئل عن العلاقات الأميركية الصينية “نحن لا نحب خلط العلاقات عندما يتعلق الأمر بهذه القضايا”، مؤكداً أنه “لا يوجد اختيار للجانب”، مضيفاً “أنا أفهم دوافع وتحركات الولايات المتحدة”، مستدركاً “لكنني أعتقد أن التعريفات سلاح ذو حدين”.
أما رئيس أوكرانيا زيلينسكي فيحتاج إلى أنواع أخرى من الأسلحة في حربه ضد روسيا، فعندما سُئل عن احتمال وجود قوة لحفظ السلام إذا توصل إلى هدنة، كان زيلينسكي صريحاً في شأن محدودية قدرات أوروبا، إذ قال “لا يمكن أن يكون الأمر من دون الولايات المتحدة”، مضيفاً “حتى لو اعتقد بعض الأصدقاء الأوروبيين أنه يمكن فأنا أعتقد أنه لا يمكن، لا أحد سيتحمل المخاطرة من دون الولايات المتحدة”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية