قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه لا يزال يعتزم المضي قدماً في فرض تعريفات جمركية شاملة 25 في المئة على السلع المكسيكية والكندية، على رغم أنه قال إن هذه الرسوم ستدخل حيز التنفيذ في الأول من فبراير (شباط) المقبل بدلاً من تهديده السابق في اليوم الأول من عودته للبيت الأبيض.

لكن التعريفات الجمركية، إذا أُقرت فيمكن أن تضغط على جيوب الأميركيين، خصوصاً أن المكسيك وكندا من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الأميركية، وبصورة جماعية تشكل الدولتان  نحو 30 في المئة من قيمة جميع السلع التي استوردتها الولايات المتحدة العام الماضي، وفقاً لبيانات التجارة الفيدرالية.

وفي حين يزعم ترمب أن المصدرين الأجانب يدفعون الرسوم الجمركية، فإن المستهلكين الأميركيين يتحملون جزءاً من الفاتورة أيضاً، إذ من غير المرجح أن يتحمل تجار التجزئة الكلف الإضافية بالكامل.

واتخذ تجار التجزئة بعض الخطوات الاستباقية لتجنب ارتفاع الأسعار، بما في ذلك تخزين السلع وتحويل الإنتاج بعيداً من البلدان التي قد تتأثر بالرسوم الجمركية، لكن هذه التدابير قد لا تحمي المستهلكين لفترة طويلة، إضافة إلى ذلك، لا يمكن تخزين كثير من السلع أو إنتاجها في مكان آخر.

السيارات تتصدر قائمة السلع المتضررة

البيانات تشير إلى أن التعريفة الجمركية 25 في المئة على السلع المكسيكية والكندية، قد تهدد الأميركيين بشدة في بعض السلع مثل السيارات وأجزائها، إذ استوردت الولايات المتحدة مركبات بـ87 مليار دولار وأجزاء مركبات بـ64 مليار دولار من المكسيك خلال العام الماضي، من دون احتساب ديسمبر (كانون الأول) 2024، وهما أكبر سلعتين مستوردتين من هناك في ذلك العام، وفقاً لبيانات وزارة التجارة.

وكانت المركبات أيضاً ثاني أكبر سلعة استوردتها الولايات المتحدة من كندا العام الماضي حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 بإجمال 34 مليار دولار.

وفي مذكرة بحثية حديثة، قالت زميلة بارزة في معهد “بيترسون” للاقتصاد الدولي ماري لوفلي إن “قطاع السيارات من المرجح أن يصاب بالصدمة إزاء التعريفات الجمركية المحتملة الجديدة”.

وأوضحت أن “شركات السيارات الأميركية تمكنت من خفض كلف الإنتاج من خلال توظيف عمال بأجور أقل، خصوصاً في المكسيك، بعد أن انتقل جزء كبير من إنتاجها إليها خلال الأعوام الأخيرة”.

واستدركت “لكن هذا التوفير في الكلفة سيمحى بصورة أساسية إذا كانت هناك تعريفة 25 في المئة، ومن غير المرجح أن تنقل شركات تصنيع السيارات إنتاجها إلى مكان آخر، نظراً إلى أنها ضخت استثمارات كبيرة في مصانع قائمة في البلدين ومن الصعب الحصول على جميع المواد الخام لبناء السيارات وأجزائها من أماكن أخرى”.

توقعات بارتفاع أسعار الغاز للأميركيين

أيضاً، فإن الغاز يُعدّ من القطاعات المتضررة، بعد أن استوردت الولايات المتحدة 97 مليار دولار من النفط والغاز من كندا خلال العام الماضي. وأصبحت الولايات المتحدة أكثر اعتماداً على النفط الكندي منذ توسيع خط أنابيب “ترانس ماونتن” الكندي، وفقاً لبيانات من إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وساعد ذلك في توصيل مزيد من النفط لتكريره إلى معظم الساحل الغربي إضافة إلى الغرب الأوسط.

وعندما طرح ترمب في البداية التعريفات الجمركية 25 في المئة، قدّر رئيس تحليل البترول في “غاز بودي” باتريك دي هان أن ذلك سيرفع كلفة الغاز للأميركيين بما يتراوح ما بين 25 سنتاً و75 سنتاً للغالون الواحد، وتوقع أن يؤثر ذلك بصورة مباشرة في الأميركيين الموجودين حول البحيرات العظمى والغرب الأوسط وجبال روكي.

ومن بين القطاعات المتضررة تأتي الأغذية والمشروبات الكحولية، فخلال العام الماضي استوردت الولايات المتحدة 46 مليار دولار من المنتجات الزراعية من المكسيك، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة الأميركية، ويشمل ذلك 8.3 مليار دولار من الخضراوات الطازجة و5.9 مليار دولار من البيرة و5 مليارات دولار من المشروبات الروحية المقطرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال محلل الأسهم في “ويلز فارغو” كريس كاري من جانبه إن شركة “كونستليشن براندز” التي تستورد بيرة “موديلو” و”كورونا” وكذلك “تكيلا كاسا نوبل” من المكسيك، قد تشهد ارتفاع كلفها 16 في المئة بموجب التعريفات الجمركية التي اقترحها ترمب، ومن المرجح أن تضطر إلى رفع الأسعار بنحو 4.5 في المئة، لكن أكبر فئة من الواردات الزراعية من المكسيك العام الماضي كانت الفواكه الطازجة والتي استوردت منها الولايات المتحدة 9 مليارات دولار، إذ بلغت حصة الأفوكادو 3.1 مليار دولار من هذا الإجمالي.

وقال لوفلي إن هذه المنتجات ستكلف المستهلكين الآن أكثر، خصوصاً أن البقالين والمزارعين يميلون إلى العمل بهامش ربح منخفض للغاية مقارنة بالصناعات الأخرى، مما يمنحهم قليلاً من الحرية لامتصاص كلف التعريفات الجمركية الأعلى، وبدلاً من ذلك سينقلونها إلى المستهلكين.

تعريفات جديدة على المنتجات الصينية

وفي السياق، قال ترمب إن تعريفة جمركية جديدة 10 في المئة على السلع الصينية يمكن أن تُسن في أقرب وقت، تحديداً في الأول من فبراير المقبل وعلى عكس المكسيك وكندا اللتين تتجنبان إلى حد كبير التعريفات الجمركية على الصادرات إلى الولايات المتحدة بسبب اتفاق التجارة الحالي التي وقعه ترمب في ولايته الأولى، تواجه مجموعة واسعة من السلع الصينية حالياً تعريفات جمركية.

وهدد ترمب أيضاً بفرض تعريفات جمركية 25 في المئة على السلع المكسيكية والكندية اعتباراً من الأول من فبراير 2025.

وتخضع السلع الصينية حالياً لتعريفة جمركية 100 في المئة على المركبات الكهربائية وتعريفة جمركية 25 في المئة على منتجات الصلب والألمنيوم، لكن أُعفيت عناصر عدة من التعريفات الجمركية.

وتُعدّ الإلكترونيات الاستهلاكية من بين السلع الرئيسة التي استوردتها الولايات المتحدة من الصين العام الماضي، وفقاً لبيانات التجارة الفيدرالية، إذ شكلت معدات الاتصالات 12 في المئة، أو 47 مليار دولار، من إجمال 401 مليار دولار من السلع التي استوردتها الولايات المتحدة من الصين العام الماضي، من دون احتساب ديسمبر 2024، مما يجعلها الفئة الأولى من السلع التي استوردتها الولايات المتحدة من هناك.

معدات الاتصالات وأجهزة الهواتف في القائمة

وتشمل معدات الاتصالات كل شيء من الهواتف المحمولة إلى أجهزة التلفزيون إلى الأقمار الاصطناعية، وفقاً لنظام التصنيف الذي تستخدمه حكومة الولايات المتحدة، وبقيمة 39 مليار دولار، وكانت ثاني أكبر فئة من السلع التي استوردتها الولايات المتحدة من الصين العام الماضي هي معدات الكمبيوتر، ويشمل ذلك الأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والشاشات وجميع المكونات التي تعمل عليها، مثل رقائق أشباه الموصلات وبطاقات واجهة الشبكة.

ثم تأتي فئة السلع التي تبلغ قيمتها 37 مليار دولار والتي تعتبر “سلعاً مصنعة متنوعة” والتي استوردتها الولايات المتحدة من الصين العام الماضي، والألعاب والمجوهرات والفضيات والمعدات الرياضية.

وحتى لو نفذ ترمب تهديده وفرض تعريفة جمركية على جميع السلع الصينية في الأول من شباط المقبل، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى ترتفع جميع الأسعار التي يدفعها المستهلكون مقابل هذه السلع.

وقد يكون بعض تجار التجزئة قادرين على تحمل الكلف المرتفعة للرسوم الجمركية، خصوصاً إذا خزنوا مخزوناً إضافياً مسبقاً، ولكن قد لا يتمكن آخرون من تحمل ذلك، وفي هذه الحال يمكن للمستهلكين أن يتوقعوا رؤية زيادات أكثر فورية على الأسعار إذا زادت الرسوم الجمركية على السلع الصينية.

نقلاً عن : اندبندنت عربية