أعلن البيت الأبيض اليوم الجمعة أن الرئيس دونالد ترمب سينفذ غداً السبت وعيده بفرض رسوم جمركية كبيرة على الواردات الكندية والمكسيكية والصينية، ليشعل بذلك شرارة حرب تجارية مع هؤلاء الشركاء الأساسيين للولايات المتحدة.
وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية كارولاين ليفيت للصحافيين إن “الرئيس سيفرض غداً رسوماً جمركية بنسبة 25 في المئة على المكسيك، وبنسبة 25 في المئة على كندا، وبنسبة 10 في المئة على الصين بسبب الفنتانيل غير القانوني الذي ينتجونه ويسمحون بتوزيعه في بلادنا”.
وحتى اللحظة الأخيرة، كانت كندا والمكسيك اللتان تتمتعان نظرياً بحماية “اتفاق التجارة الحرة” الذي يربطهما بالولايات المتحدة، تأملان في تجنب مثل هذه النتيجة.
وحضر وزير الأمن العام الكندي ديفيد ماكغينتي إلى واشنطن أمس الخميس لعرض الخطوط العريضة لخطة تقضي بتعزيز أمن الحدود، بين بلاده والولايات المتحدة.
وعلى الجانب المكسيكي، أكدت الرئيسة كلوديا شينباوم اليوم أنها تباحثت “مع الحكومة الأميركية وحققت تقدماً في مواضيع مختلفة”. وأضافت “يتم التوصل إلى اتفاقات كل يوم”.

التصدي لعجز الجيران

وكان ترمب أعلن أن الرسوم الجمركية التي يعتزم فرضها تأتي رداً على عجز جارتي بلاده عن التصدي لتهريب المخدرات إليها، ولا سيما الفنتانيل (مادة أفيونية شديدة القوة)، وكذلك أيضاً لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين. وتطرق مرشحه لمنصب وزير التجارة هاورد لاتنك خلال جلسة استجوابه في الكونغرس للمصادقة على تعيينه الثلاثاء الماضي، إلى “تدبير سياسة داخلية” تهدف “بكل بساطة إلى الدفع نحو إغلاق الحدود”.
وقال لاتنك “أعرف أنهما (كندا والمكسيك) تتحركان بسرعة. وإذا قامتا باللازم، فلن تفرض رسوم جمركية” عليهما.
وتثير هذه التدابير قلق المحللين خلال وقت يتمتع فيه الاقتصاد الأميركي بحال جيدة، إذ سجل عام 2024 نسبة نمو بلغت 2.8 في المئة.
ورأى معهد “أكسفورد إيكونوميكس” أنه في حال طبقت هذه الرسوم، فستخسر الولايات المتحدة 1.2 نقطة مئوية من نموها وقد تعاني المكسيك ركوداً.

عناصر غير معروفة

لكن هناك عدداً من العناصر التي تظل غير معروفة، ما نطاق الرسوم الجمركية؟ هل ستكون محددة أم معممة؟ وما الأداة القانونية التي سيستخدمها ترمب لتبرير القرار؟
وقد يفتح هذا الإجراء الباب أمام اتخاذ إجراءات قانونية من جانب الدول المعنية أو الشركات الأميركية المتضررة من القرار، وكذلك من خلال إجراءات حل النزاعات المنصوص عليها في اتفاق التجارة الحرة المبرم بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك.
ويمكن أن يكون التأثير الاقتصادي لهذه التدابير كبيراً بالنسبة للدول الأربع.
وعدَّ الأستاذ المحاضر في جامعة كورنيل ويندونغ جانغ أن “التداعيات قد لا تكون شديدة على الولايات المتحدة، لكنها ستكون كذلك حتماً على جارتيها”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال “في سيناريو من هذا القبيل، من المرجح أن يتراجع إجمال الناتج المحلي داخل كندا والمكسيك بنسبة 3.6 في المئة واثنين في المئة على التوالي، في مقابل 0.3 في المئة للولايات المتحدة”، مشيراً إلى أن “التصعيد في الحرب التجارية سيرتد على الصين أيضاً، لكنها ستستفيد في المقابل من التوترات بين المكسيك وكندا من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى”.
وخلال الحملة الانتخابية، أعلن الملياردير الجمهوري نيته فرض رسوم جمركية تراوح بين 10 و20 في المئة على المنتجات المستوردة إلى الولايات المتحدة كافة، قد ترتفع نسبتها إلى ما بين 60 و100 في المئة بالنسبة إلى المنتجات الآتية من الصين.
وكان الهدف من هذه الزيادة التعويض عن خفض الضرائب الذي ينوي تطبيقه خلال ولايته الرئاسية الجديدة.

سلاح الرسوم الجمركية

لكن منذ انتخابه رئيساً، تبدل خطابه. فكما كانت الحال خلال ولايته الأولى، باتت الرسوم الجمركية سلاحاً يلوح به لفرض مفاوضات وانتزاع تسويات بدلاً من أن تكون أداة للتعويض عن انخفاض العائدات الضريبية.
لكن المخاوف ما زالت قائمة، لا سيما بالنسبة إلى القطاع الزراعي الذي يصدر كميات كبيرة من منتجاته إلى الولايات المتحدة.
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أقر خوان كورتينا رئيس المجلس الوطني للزراعة بأن “نحو 80 في المئة من صادراتنا تذهب إلى الولايات المتحدة. وفي كل الأحوال، كل ما من شأنه أن يُحدث صدمة يثير قلقنا”.
وعلى الجانب الكندي، كشف التهديد بفرض رسوم جمركية أزمة سياسية حادة كانت تهز أصلاً أركان حكومة رئيس الوزراء جاستن ترودو الذي قدم استقالته.
ويُذكِّر هذا الوضع بالتوترات التي تصاعدت نهاية الأسبوع الماضي بين واشنطن وكولومبيا، إثر رد الأخيرة طائرتين عسكريتين كانتا تقلان مهاجرين مرحلين من الولايات المتحدة.
وعلى الإثر فرض ترمب عقوبات على بوغوتا من بينها رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة ثم 50 في المئة، في خطوة رد عليها نظيره الكولومبي غوستافو بيترو قبل تسوية المسألة والاتفاق على ترتيبات إعادة المهاجرين المرحلين، والتراجع عن التهديدات.

نقلاً عن : اندبندنت عربية