قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في الذكرى الخامسة لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي إن “بريكست” كان له “بعض الفوائد”، وقد حرر البلاد من اللوائح الأوروبية ليجعلها مركزاً مالياً أكثر تنافسية، لكنه يريد جعله أكثر جدوى للبريطانيين إلى جانب تعزيز العلاقات مع التكتل ودوله الـ27.

أحيت لندن الذكرى الخامسة لـ”بريكست” من دون احتفالات أو خطاب لرئيس الوزراء، وعندما سُئل ستارمر عن السبب قال إن “حكومته تتطلع إلى الأمام بشدة”، وهو ما أوضحه متحدث باسمه بالقول إن “حكومة ’العمال‘ تبذل قصارى جهدها للاستفادة من الخروج مع الحرص على علاقة أكثر تعاوناً مع الاتحاد الأوروبي”.

الحكومة ترى الاتحاد الأوروبي “أكبر شريك تجاري وأقرب جار للمملكة المتحدة، وسيكون حاضراً دائماً في مساعدة البلاد على صد التهديدات المستمرة التي تواجه أمنها”، لهذا تعمل على تعزيز الشراكة مع دول التكتل.

من فوائد “بريكست” وفق التصور الرسمي، تحرر المملكة المتحدة من قواعد المشتريات التابعة للاتحاد الأوروبي، وهذا برأي الحكومة يشكل فائدة كبيرة للدولة، فضلاً عن حرية تكييف لوائح الخدمات المالية لجعلها أكثر ملاءمة لبيئة السوق المحلية وتعزيز القدرة التنافسية للندن كمركز مالي عالمي، على حد وصفها.

ستارمر صوت لمصلحة العضوية الأوروبية في استفتاء “بريكست” عام 2016، كما أيد بعدها إجراء استفتاء ثانٍ على المسألة، ولكن بعد وصوله إلى السلطة وعد بـ”إعادة ضبط” العلاقات مع بروكسل، وتأمين صفقة أفضل للخروج مقارنة بتلك التي وقعتها حكومة حزب المحافظين برئاسة بوريس جونسون في 2020.

أكد ستارمر بعدما أصبح رئيساً للوزراء أن المملكة المتحدة لن تنضم مرة أخرى إلى الاتحاد الأوروبي أو السوق الموحدة التي تمكن السلع والخدمات والأشخاص من التحرك بحرية بين الدول الأعضاء، لكن ضمن قواعد ومعايير مشتركة، كما تعهد أيضاً بعدم انضمام بلاده مجدداً إلى الاتحاد الجمركي للتكتل الأوروبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غادرت المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي رسمياً منتصف ليل الـ31 من يناير في 2020، ويرى “الديمقراطيين الليبراليين”، ثالث أكبر أحزاب البرلمان البريطاني اليوم، أن “بريكست” كان “كارثة مطلقة ولا بديل للبلاد عن علاقات وثيقة مع جيرانها إذا لم يكن خيار العضوية الأوروبية الكاملة متاحاً”.

على ضفة حزب المحافظين المعارض، الذي جلب “بريكست” عندما كان في السلطة بين 2010 ومنتصف 2024، فيعتبر محاولة الحكومة العمالية للموازنة بين أقصى فائدة للخروج وأفضل العلاقات بين لندن وبروكسل، هي مجرد “محاولة لإفشال ’بريكست‘ وإعادة المملكة المتحدة إلى قبضة الاتحاد الأوروبي”.

زعيمة “المحافظين” كيمي بادينوك وصفت خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بأنه “أعظم تصويت بالثقة في بلدنا، لكن هناك كثيراً الذي يتعين القيام به لإتمامه”، منوهة بأن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة الأميركية سيكون بمثابة “فرصة ’بريكست‘ التي يتعين على بريطانيا اغتنامها”.

اللافت كان تصريح النائب اليميني نايجل فاراج، وهو أبرز صقور الخروج وزعيم حزب “بريكست” الذي يسمى اليوم “ريفورم”، حين قال “إن طلاق لندن وبروكسل كان ناجحاً من الناحية الدستورية والسياسة الخارجية، لكن كثيراً ممن صوتوا له عام 2016 سيقولون اليوم إنهم أصيبوا بخيبة أمل كبيرة”.

ولفت فاراج إلى أن أعداداً كبيرة صوتت لمصلحة الخروج من أجل خفض الهجرة، لكن الأرقام ارتفعت بسبب الحكومة المحافظة السابقة، فالمشكلة في رأيه ليست في “بريكست” نفسه وإنما في تطبيقه الخاطئ من قبل الأشخاص الذين كانوا في السلطة، ولو كان مكانهم لجعل التنفيذ يتوافق مع الآمال، على حد تعبيره.

 

زعيم الحزب “الديمقراطي الليبرالي” إد ديفي، استغل الذكرى الخامسة لـ”بريكست” لتكرار دعوته إلى إبرام اتفاق اتحاد جمركي بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقال إنه “سيطلق العنان للنمو، ويظهر القيادة البريطانية ويعطي المملكة المتحدة أفضل ورقة للعب ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب”.

النائبة في حزب “الخضر” إيلي تشاونز، دعت أيضاً إلى الانضمام مجدداً إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي والموافقة على مطالب بروكسل بمنح شباب التكتل وبريطانيا حرية الحركة والعمل والدراسة بين دول القارة، لكن برأيها تبقى “العودة إلى العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي هي الخيار الأفضل للمملكة المتحدة”، وقالت إن حزبها سيتبنى “سياسة إعادة الانضمام إلى التكتل بمجرد توفر الإرادة السياسية”.

من جهته لا يجد زعيم الحزب “القومي الاسكتلندي” جون سويني، أي جدوى من الانتظار وتجاهل حقيقة فشل “بريكست”، فقد “حمل للمملكة المتحدة أعباء يراها القاصي والداني، لذا فإن المضي فيه يعكس مكابرة لا طائل منها، ويدفع الناس ثمنها عبر فواتير غذائهم وطاقتهم وتراجع النمو في المملكة المتحدة”.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “يوغوف” قبل أيام قليلة، أن نسبة 55 في المائة من البريطانيين يقولون إن المملكة المتحدة أخطأت في التصويت لصالح الخروج عام 2016، ونفس النسبة تؤيد العودة إلى العضوية الأوروبية، بينما يرى 11 في المائة فقط أن “بريكست” نجح بمحطات ومراحل كثيرة.   

نقلاً عن : اندبندنت عربية