انفجار هائل في السماء يطلق طاقة أكبر بمئات المرات من قنبلة هيروشيما… قد يبدو الأمر أشبه بقصص نهاية العالم، لكن كويكباً اكتشف حديثاً بحجم يناهز ملعب كرة قدم بات لديه احتمال يتخطى واحداً في المئة للاصطدام بالأرض في غضون ثمانية أعوام.
ولمثل هذا الاصطدام القدرة على تدمير مدن بأكملها، اعتماداً على المكان الذي يحدث فيه، ولم يصَب العلماء بالذعر من هذا الخطر بعد، لكنهم يراقبون الوضع عن كثب.
وقال كبير العلماء في “جمعية الكواكب” بروس بيتس “في هذه المرحلة، الأمر يتركز على ضرورة إيلاء كثير من الاهتمام، والحصول على أكبر قدر ممكن من الأصول لمراقبته”.
ورُصد الكويكب، المسمى (واي آر 4- 2024) للمرة الأولى في الـ27 من ديسمبر (كانون الأول) 2024 من جانب مرصد “إل سوس” في تشيلي. وبناء على سطوعه، يقدر علماء الفلك أن عرضه يراوح ما بين 40 و90 متراً.
مثير للقلق
وبحلول ليلة رأس السنة، حط ملف هذا الكويكب على مكتب الباحثة في مكتب الدفاع الكوكبي في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) كيلي فاست، بوصفه جسماً مثيراً للقلق.
وقالت فاست إنه في العادة “نرصد تحركات (للكويكبات)، قبل أن تُحجب عن الأنظار مرة أخرى. لكن هذا الكويكب بدا وكأنه قادر على البقاء”.
واستمر تقييم الأخطار في الارتفاع، والأربعاء الماضي، أصدرت “شبكة التحذير الدولية من الكويكبات”، وهي هيئة للتعاون العالمي في مجال الدفاع الكوكبي، مذكرة في الموضوع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب أحدث الحسابات من مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة “ناسا”، هناك احتمال 1.6 في المئة أن يضرب الكويكب الأرض في الـ22 من ديسمبر 2032.
وفي حال حدث هذا الأمر بالفعل، فإن مواقع الاصطدام المحتملة تشمل المناطق الواقعة فوق شرق المحيط الهادئ وشمال أميركا الجنوبية والمحيط الأطلسي وأفريقيا وبحر العرب وجنوب آسيا، وفق مذكرة شبكة التحذير الدولية.
ويتبع الكويكب مداراً بيضاوياً للغاية تستمر دورته الكاملة أربعة أعوام، ويتأرجح عبر الكواكب الداخلية قبل أن يمر عبر المريخ ويتجه نحو المشتري.
وفي الوقت الحالي، يبتعد من الأرض بسرعة، ولن يمر قرب كوكبنا مجدداً قبل عام 2028.
وقال بيتس “الاحتمالات جيدة جداً ألا يصطدم هذا (الكويكب) بالأرض فحسب، بل في مرحلة ما في الأشهر أو الأعوام المقبلة، سينخفض هذا الاحتمال إلى الصفر”.
سيناريو “أبوفيس”
وحدث سيناريو مماثل عام 2004 مع “أبوفيس”، وهو كويكب كان احتمال اصطدامه في بادئ الأمر بالأرض 2.7 في المئة عام 2029، لكن مع مرور الوقت قللت عمليات المراقبة الفلكية تدريجاً من احتمالات حدوث اصطدام.
وحدث أكثر اصطدام كويكب شهرة في العالم قبل 66 مليون عام، عندما تسببت صخرة فضائية بعرض يناهز 10 كيلومترات في حدوث شتاء عالمي، مما أدى إلى القضاء على الديناصورات و75 في المئة من جميع الأنواع الحية.
على النقيض من ذلك، يندرج الكويكب ضمن فئة تسمى “قاتل المدينة”، وقال بيتس “إذا وضعته فوق باريس أو لندن أو نيويورك، فإنك تمحو المدينة بأكملها وبعض المناطق المحيطة بها”.
وأفضل مقارنة حديثة هي حادثة تونغوسكا عام 1908، عندما انفجر كويكب أو شظية مذنب يبلغ قطرها ما بين 30 و50 متراً فوق سيبيريا، مما أدى إلى تدمير 80 مليون شجرة على مساحة 2000 كيلومتر مربع.
وعلى غرار ذلك الجسم المرتطم، من المتوقع أن ينفجر الكويكب المرصود أخيراً في السماء، بدلاً من ترك حفرة على الأرض.
وقال عالم الفلك الكوكبي في مختبر جونز هوبكنز للفيزياء التطبيقية أندرو ريفكين، “يمكننا حساب الطاقة… باستخدام الكتلة والسرعة”.
بالنسبة إلى هذا الكويكب، فإن الانفجار الناتج من تحطم جسم في الجو يعادل نحو ثمانية ميغا طن من مادة “تي أن تي”، أي أكثر من 500 ضعف قوة قنبلة هيروشيما.
وإذا انفجر الجسم فوق المحيط، فإن التأثير سيكون أقل إثارة للقلق، ما لم يحدث قرب خط ساحلي مما يؤدي إلى حدوث تسونامي.
والخبر السار، بحسب العلماء، هو أن لدينا متسعاً من الوقت للاستعداد.
وقاد ريفكين التحقيق في مهمة “ناسا” (دارت) لعام 2022 التي نجحت في دفع كويكب عن مساره باستخدام مركبة فضائية، وهي إستراتيجية تُعرف باسم “التأثير الحركي”.
ولم يكُن الكويكب المستهدف يشكل أي تهديد للأرض، مما جعله موضوع اختبار مثالي. وقال ريفكين “لا أرى سبباً لعدم نجاح ذلك” مجدداً. ويبقى السؤال الأكبر ما إذا كانت الدول الكبرى ستمول مثل هذه المهمة إذا لم تكُن أراضيها مهددة.
وثمة أيضاً أفكار أخرى قابلة للتجريب، ومن بينها يمكن لليزر أن يبخر جزءاً من الكويكب لخلق تأثير دفع، مما يدفعه عن مساره. كما طُرحت نظرية “جرار الجاذبية”، وهي مركبة فضائية كبيرة تسحب الكويكب ببطء بعيداً باستخدام جاذبيتها الخاصة.
وإذا فشلت كل الحلول الأخرى، فإن فترة التحذير الطويلة تعني أن السلطات قد تخلي منطقة الاصطدام المحتمل، وقالت فاست “لا ينبغي لأحد أن يخاف من هذا الأمر. يمكننا تحديد موقع هذه الأجسام وإجراء هذه التوقعات وامتلاك القدرة على التخطيط”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية