“الحكومة ستبصر النور خلال 48 ساعة”، عبارة يسمعها اللبنانيون في الشارع كما في وسائل الإعلام كثيراً في الساعات الأخيرة، مع دخول عملية التشكيل أسبوعها الرابع وفي ظل ما يحكى عن تذليل 90 في المئة من العقبات التي حالت في الأسابيع القليلة الماضية دون تشكيلها وخروجها إلى العلن.

وفي جديد هذا الملف، تحدثت وسائل إعلام لبنانية في الساعات الماضية عن تشكيلة منجزة قد يحملها الرئيس المكلف نواف سلام إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون على أن تصدر بتوقيع الرئيسين في مرسوم مشترك خلال ساعات قليلة، بين مساء اليوم وغد الثلاثاء.

تذكر التقارير الإعلامية أن الطبخة الوزارية أصبحت ناضجة والحكومة ستشكل من 24 وزيراً، وفيها “حلت” عقدة “الثنائي الشيعي” الذي سيحصل على أربع وزارات، من ضمنها وزارة المال التي حسمت لياسين جابر، فيما تبقى الحقيبة الشيعية الخامسة بيد الرئيسين عون وسلام اللذين سيسميان اسم الوزير لتوليها، وهو ما وافق عليه “حزب الله” وحركة “أمل”. 

مشاركة القوات لم تحسم بعد

لناحية حزب القوات اللبنانية الذي لديه الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان مع 19 نائباً، فهنا تتضارب الأنباء بين من يتحدث عن توجه لدى الرئيس المكلف لموقف أكثر ليونة مع القوات وإعطائهم حقيبة “سيادية” وتحديداً وزارة الخارجية والمغتربين، انطلاقاً من إعطاء وزارة المالية للثنائي ومبدأ التعامل بالمثل، وبين من يؤكد أن احتمالية عدم مشاركة القوات في التركيبة الوزارية قائمة وغير مستبعدة، احتجاجاً على عدم اعتماد المساواة في توزيع الحقاب الوزارية إن أصر سلام على إعطائهم ثلاث حقائب خدماتية، غير سيادية بالمفهوم التقليدي للوزارات السيادية المتعارف عليه.

في السياق نفسه صدر بيان عن الدائرة الإعلامية في حزب القوات اللبنانية قبل ساعات قليلة، جاء فيه “يروج بعضهم لمقولة مفادها أن مشكلة القوات اللبنانية مع التشكيلة الحكومية تكمن في حصة أو حقيبة معينة، وهذه المقولة خطأ تماماً، لأنه لم تكن الحصص ولا نوعية معينة من الحقائب محط اهتمام القوات في أي يوم من الأيام”. ويتابع البيان أنه إذا كان مفهوماً الحظر في المرحلة السابقة على وجود “القوات” في الحكومة وعلى نيلها حقائب محددة تحديداً خشية من دورها السيادي والإصلاحي، فليس مفهوماً على الإطلاق استمرار هذا الحظر في المرحلة الجديدة التي يجب أن تكون سيادية وإصلاحية بامتياز. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي هذا السياق تقول مصادر سياسية إلى “اندبندنت عربية”، إن لقاء جمع موفد القوات بالرئيس المكلف، مساء أمس الأحد، لمحاولة تذليل العقبات الأخيرة حول مشاركتها في الحزب، فيما الأمور لم تحسم حتى اللحظة والنقاش يستكمل اليوم. 

مسيحياً أيضاً، يبدو أن التيار “الوطني الحر” لم يحسم بعد مشاركته في الحكومة، خصوصاً أن كل التسريبات تتحدث عن تمثيله بحقيبة غير سيادية ولا خدماتية كبيرة.

جملة أسماء ضمن تسريبات إعلامية

في الأثناء وردت جملة أسماء ضمن تسريبات إعلامية، لشخصيات قد تتولى الوزارات في الحكومة المقبلة، فيما لم يتم تأكيد أو نفي هذه التسريبات من قبل أوساط الرئيس المكلف نواف سلام.

ومن ضمن هذه الأسماء، ستذهب الحقائب السيادية الأربع إلى العميد المتقاعد في قوى الأمن الداخلي أحمد الحجار وزيراً للداخلية، واللواء المتقاعد في الجيش اللبناني ميشال منسى وزيراً للدفاع الوطني، النائب والوزير السابق ياسين جابر وزيراً للمالية، والسفير السابق ناجي أبوعاصي وزيراً للخارجية والمغتربين، إلا إذا أعطى سلام حزب القوات هذه الحقيبة، لضمان مشاركتها في الحكومة.

كذلك حضر اسم حنين السيد وزيرة للشؤون الاجتماعية، وريما كرامي وزيرة للتربية، وعامر البساط وزيراً للاقتصاد، وتمارا الزين وزيرة للبيئة، وركان نصر الدين وزيراً للصحة، وأمين الساحلي أو طلال عتريسي وزيراً للعمل.

درزياً، يبدو وفق مصادر “اندبندنت عربية” فإن الحزب التقدمي الاشتراكي يصر على تولي حقيبتين، رغم إصرار نواب مستقلين تغييريين ينتمون إلى الطائفة ومنهم النائب مارك ضو أن تذهب إحدى الحقيبتين للتغييريين، وهو ما لا يحسم بعد أيضاً حتى اللحظة.

ومن الحقائب التي حسم بصورة ما توليها من قبل “الاشتراكي” وزارة الأشغال العامة والنقل وقد تذهب لفايز رسامني وكذلك وزارة الزراعة التي قد يتولاها نزار هاني.

كذلك نقلت وسائل إعلام عربية، معلومات عن تولي الوزير السابق طارق متري نصب نائب رئيس الحكومة، الوزير السابق غسان سلامة وزيرة للثقافة، جو صدي وزيراً للطاقة، وكمال شحادة أو شارل الحاج وزيراً للاتصالات، والقاضي المتقاعد فادي عنيسي وزيراً للعدل.

فيما تبقى هذه الأسماء حتى اللحظة مجرد تسريبات إعلامية، من دون أي حسم أو تأكيد.

مقاربة واشنطن لتشكيل الحكومة

تكشف مصادر سياسية لبنانية مقربة من واشنطن لـ”اندبندنت عربية” عن وجود رأيين أميركيين مختلفين في مقاربة ما يحصل على صعيد تشكيل الحكومة في بيروت، فالسفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون ومعها جزء من الإدارة الأميركية يعدون أنه لا بد من السير بما سرب حتى اللحظة عن التشكيلة وعدم التأخير أكثر، وموقف آخر أكثر حدة في الإدارة الأميركية يرفض تماماً وجود أي مقرب من “الثنائي الشيعي” في الحكومة الجديدة.

في أكثر من مؤتمر صحافي من قصر بعبدا، كان أكد الرئيس المكلف نواف سلام أنه لن ينفذ “سوى قناعاته عند وضع التشكيلة النهائية للتركيبة الحكومية، بالتعاون مع رئيس الجمهورية جوزاف عون، بمعزل عما يروج هنا وهناك حول التوزيع المفترض للأسماء والحقائب”، فيما ستتجه الأنظار في المرحلة المقبلة إلى البيان الوزاري الذي ستخرج به الحكومة وما إذا كان سيتضمن ثلاثية “جيش شعب مقاومة”، والتي حضرت في البيانات الوزارية السابقة، وسط رفض كبير لذكرها اليوم.

هذا ولا تخفى على أحد الضغوط الدولية، العربية والغربية، باتجاه منع تشكيل حكومة تشبه سابقاتها في المحاصصة والتوزير، وهنا تؤكد غالبية المصادر أن حكومة مماثلة ستعني من دون شك عدم مساعدة لبنان في عملية الاستنهاض السياسي والاقتصادي وإعادة الإعمار، وخسارة البلاد الفرص المتاحة أمامها للإفادة من الدعم الدولي المتوافر أخيراً.

بدوره عد النائب غسان سكاف في حديث إعلامي أن الإعلان عن تشكيل الحكومة يتوقف على حلحلة العقدة المسيحية وشرط المعاملة بالمثل. وقال إنه طالما حصل الثنائي الشيعي على الحقائب التي يريدها ومن بينها حقيبة سيادية أصبح من حق “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” المطالبة بحصتهما انطلاقاً من وحدة المعايير التي حددها الرئيس المكلف.

نقلاً عن : اندبندنت عربية