أدى تبني إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الدعم القوي للعملات المشفرة وتشجيعها إلى موجة من “المضاربات المحمومة” التي يمكن أن تسبب “كارثة” عندما تنهار الأسعار، وفق ما جاء في مذكرة للمستثمرين من صندوق التحوط الشهير “إليوت مانغمنت”. ويدير الصندوق أصولاً استثمارية بأكثر من 70 مليار دولار، ويعد من الصناديق التي يخشاها الجميع حين التفاوض في الاستحواذ على شركات، بل وأحياناً تخشاه دول أيضاً.
وشنت المذكرة التي نشرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” فحواها هجوماً على الحكومة الأميركية الجديدة وعلى السياسيين الذين يدعمون العملات المشفرة والأصول الرقمية التي ارتفعت قيمتها بصورة هائلة “من دون أساس حقيقي” منذ تولي إدارة الرئيس ترمب. وانتقد صندوق التحوط السياسيين الذين يدعمون العملات المشفرة التي يمكن أن تمثل “منافساً حقيقياً” للعملة الأميركية، الدولار.
تضيف مذكرة الصندوق أنه “لم نشهد وضع السوق كما هي الآن من قبل”، في إشارة إلى زيادة مضاربات المستثمرين بصورة غير مسبوقة، والتي أصبحت طاغية على تعاملات الأسواق. وذكرت أن الذكاء الاصطناعي وارتفاع قيمة الأصول في السوق تعد علامة على أن المستثمرين أصبحوا “يتصرفون مثل المراهنين على نتائج المباريات الرياضية”.
يأتي التحذير في وقت ارتفعت فيه القيمة السوقية للعملات المشفرة إلى أكثر من 3 تريليونات دولار، بزيادة بنسبة أكثر من 85 في المئة عن عام مضى. وتشكل قيمة “بيتكوين” السوقية أكثر من نصف سوق المشفرات (بنسبة أكثر من 58 في المئة) وبما يقارب تريليوني دولار (1.86 تريليون دولار).
تحول خطر
ومع أن التحذيرات من تضخم العملات المشفرة وتأثير ذلك في النظام المالي العالمي ليست جديدة، وهي مصاحبة لنمو سوق المشفرات منذ سنوات، إلا أن ما جاء في مذكرة صندوق التحوط “إليوت مانغمنت” يدق ناقوس خطر في شأن موجة تضخم غير مسبوقة، فالحماسة غير المسبوقة من قبل الحكومة الأميركية ومشرعين في الكونغرس فازوا في الانتخابات الأخيرة لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أنتجت موجة تضخم هائلة، عدها صندوق التحوط الشهير “نفخ في فقاعة” المشفرات التي قد يؤدي انفجارها إلى أزمة في النظام المالي كله.
ورأت مذكرة الصندوق أن العملات المشفرة هي القاعدة الأكبر حالياً للمضاربات في الأسواق على كل الأصول، ليس بسبب حجم سوقها التي وصلت إليه فحسب، إنما بسبب “ما يعتقد من قربها من البيت الأبيض”. وتضيف المذكرة أن “الانهيار الحتمي” لفقاعة العملات المشفرة “يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات بصورة لا يمكن تخيلها الآن”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذا الانتقاد الحاد من الصندوق للعملات المشفرة قد يثير الاستغراب لأن مؤسس الصندوق بول سينغر من أكبر المانحين للحزب الجمهوري، حزب الرئيس ترمب، وتبرع بنحو 56 مليون دولار للمرشحين من الحزبين في انتخابات 2024، بحسب ما تكشف بيانات “أوبن سيكريتس”. صحيح أن سينغر من المعارضين للمشفرات، وكثيراً ما انتقد سياسات الرئيس دونالد ترمب الاقتصادية في السابق، لكنه تبرع في الحملة الانتخابية بمبلغ 5 ملايين دولار للجنة العمل السياسي “لنجعل أميركا عظيمة ثانياً” التي كانت تدعم حملة ترمب الانتخابية.
تحدٍّ للدولار
منذ فوز الرئيس دونالد ترمب في الانتخابات نهاية 2024 واصلت العملات المشفرة الارتفاع، لتقفز عملة “بيتكوين” من نحو 70 ألف دولار إلى ما فوق 100 ألف دولار قبل أن تعاود الاستقرار أخيراً عند 95 ألف دولار. كان ترمب وقع فور تنصيبه رسمياً أمراً تنفيذياً لتشجيع “ريادة الولايات المتحدة في مجال الأصول الرقمية والتكنولوجيا المالية مع حماية الحرية الاقتصادية”، وكلف مجموعة عمل تقييم عملية تكوين مخزون وطني من الأصول الرقمية، لكن مذكرة صندوق التحوط تشير إلى “الميزة الهائلة” التي يتمتع بها الدولار كعملة احتياط عالمية، وتتساءل بدهشة، كيف يمكن للحكومة الأميركية أن تشجع بدائل لعملتها الوطنية في وقت تسعى فيه بعض الدول إلى التخلي عن التعامل بالدولار. وتضيف المذكرة أن تشجيع أي مسؤول منتخب لأي عمل يؤدي إلى “تهميش الدولار” هو أمر “في غاية الخطورة”. وتشير المذكرة إلى ملايين الدولارات التي جرى التبرع بها في الحملة الانتخابية الأخيرة للدفع لسياسيين متحمسين للعملات المشفرة كي يفوزوا في الانتخابات.
وأنفقت لجنة العمل السياسي “فير شايك” نحو 173 مليون دولار في الحملة الانتخابية 2024 لدعم مرشحين للكونغرس من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي معروفين بدعمهم للعملات المشفرة.
نقلاً عن : اندبندنت عربية