كانت أسهم شركات صناعة السيارات المحرك الأهم لمؤشر بورصة طوكيو أمس الأربعاء، مع أنباء ترشيح  مجلس إدارة شركة “نيسان” الاندماج مع شركة “هوندا”.

ولكن مع أنباء اعتراض معظم أعضاء مجلس إدارة “نيسان” على العرض المقدم من “هوندا” الذي يصل إلى 58 مليار دولار، خصوصاً أن العرض الجديد يحمل بين بنوده استحواذ “هوندا” على شركتهم وليس اندماجاً، تراجعت على الفور أسهم “نيسان” أمس الأربعاء خمسة في المئة في الأقل، بينما ارتفعت أسهم “هوندا” ثمانية في المئة.

ما حدث أمس كان عكس ما حدث لدى أول إعلان للصفقة قبل نحو شهر، إذ ارتفع سعر سهم “نيسان” 30 في المئة بينما هبط سعر سهم “هوندا” خمسة في المئة.

هذا التطور جاء ببساطة لأن السوق والمستثمرين والمحللين يرون أن صفقة الاندماج ما بين الشركتين قد تكون محاولة إنقاذ لـ”نيسان”، على حساب وضع “هوندا” الجيد.

وعلى رغم ذلك لم يرفض العرض رسمياً، فبعد اجتماع أمس الأربعاء اتفق على تأجيل إنهاء الصفقة إلى منتصف فبراير (شباط) الجاري.

تعديل العرض

وبحسب الإعلان الأولي الشهر الماضي، كان عرض “هوندا” هو دمج الشركتين في كيان واحد مع الحفاظ على الماركتين الشهيرتين حتى تنافسا “تويوتا” أكبر منتج للسيارات في البايان.

وبحسب صحيفة الـ”فاينانشسال تايمز” التي كانت أول من كشف عن مفاوضات الاندماج قبل الإعلان الرسمي، فإن الاندماج يمكن أن يخرج “نيسان” من تعثرها المستمر منذ أزمة إدانة وهرب رئيسها السابق كارلوس غصن وخروجه من اليابان عام 2018.

أما السبب الذي نشرته وسائل الإعلام حول رفض غالبية مجلس إدارة “نيسان” الصفقة فهو ما ذكر عن تعديل “هوندا” لصورة العرض المقدم، إذ بدا وكأن “هوندا” تستهدف الاستحواذ على “نيسان” لتصبح إحدى شركاتها التابعة، وليس عرض اندماج يسمح للأخيرة بالتمثيل في مجلس إدارة الكيان الجديد على قدم المساواة.

وذكرت “فايننشال تايمز” أن مجلس إدارة “هوندا” يتعرض لضغوط من داخل الشركة منذ بدء مفاوضات الاندماج حتى تكون الصفقة استحواذ على “نيسان” وليس اندماجاً في كيان مشترك، حتى لو كانت “هوندا” تقود الكيان الجديد.

إلا أنه، ومنذ بدء المفاوضات الرسمية الأولية حول الصفقة قبل أكثر من شهرين، تسعى شركة “رينو” الفرنسية لصناعة السيارات إلى إقناع “نيسان” بعدم قبولها، إذ تملك “رينو” حصة 36 في المئة في “نيسان” حالياً، وإن كانت تعمل الأخيرة منذ فترة على خفض حصتها في الشركة اليابانية، بعد أن انهارت مع قضية غصن الشهيرة، إذ كان غصن أصلاً في “رينو” قبل أن يقود تحالفها مع “نيسان”.

موقف رينو

وكانت مفاوضات اندماج “هوندا” و”نيسان” بدأت، بتشجيع من الحكومة اليابانية، بعد محاولات اندماج أو استحواذ على “نيسان” من شركات خارج اليابان، وأهم تلك المحولات كانت من شركة “فوكسكون” التايوانية.

وحثت “رينو” نظيرتها “نيسان” الأسبوع الماضي على مطالبة “هوندا” بعرض أكبر للاندماج وسط خلاف حول تقييم أصول “نيسان” ونصيبها في الكيان الجديد، ودعتها أيضاً إلى عدم الاستمرار في المفاوضات لمدة أطول والتركيز على أكثر على تطوير أعمالها وتحسين وضعها المتراجع.

وأعادت “رينو” تأكيد موقفها من الصفقة، بعد أن أعلنت أن “المعلومات الأخيرة المتوفرة والمنشورة في وسائل الإعلام تشير إلى عدم اتخاذ أي قرار في شأن الصفقة بعد من الشركتين”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع أن الصفقة في البداية كانت تبدو صفقة اندماج، إلا أن تقرير الصحيفة أمس الأربعاء نقل عن مصادر في “رينو” أن الصفقة بوضعها الحالي ستعني استيلاء “هوندا” على “رينو”، وبسبب الحصة الكبيرة للشركة الفرنسية في “نيسان” فإنها تخشى أن تصبح خارج الصفقة عملياً، خصوصاً في التمثيل في مجلس إدارة كيان الاندماج أو في اتخاذ القرارات الاستراتيجية المستقبلية.

وكان رئيس “هوندا” توشيهيرو ميبي، ذكر في المؤتمر الصحافي للإعلان رسمياً عن مفاوضات صفقة الاندماج الشهر الماضي، أن تركيبة الكيان الموحد ستحافظ على ماركتين الشركتين وأن كانت “هوندا” ستتولى القيادة.

مشكلات “نيسان”

منذ بداية الحديث عن الصفقة نهاية العام الماضي، يتضح أنها مهمة لـ”نيسان” لإخراجها من مشكلاتها المتفاقمة في السنوات الأخيرة، التي بدأت حتى في ظل قيادة غصن لتحالف “رينو – نيسان” قبل اتهامه بقضايا فساد ومحاكمته.

إلى ذلك أجمع محللون في سوق صناعة السيارات على أن الصفقة مفيدة لـ”نيسان” وليس لـ”هوندا”، فالقدرات المالية للشركة الثانية تساوي تقريباً أربعة أضعاف قدرات الشركة الأولى المالية، كذلك مكانة “هوندا” في السوق مدعومة بمبيعاتها من السيارات الهجينة ومن موديلات الموتوسيكلات وغيرها.

أما “نيسان” فتقريباً أصبحت خارج المنافسة في سوق السيارات الكهربائية، على رغم أنها كانت أول من طرح سيارة كهربائية على نطاق واسع في عام 2010 وهي موديل “ليف”، لكن تلك الريادة اختفت مع توقف الشركة عن تطوير موديلات جديدة منافسة وتركيزها على سيارات تعمل بالوقود.

ومنذ عام 2018 هوت المبيعات العالمية لـ”نيسان” من 5.6 مليون سيارة إلى 3.4 مليون سيارة العام قبل الماضي 2023، على رغم محاولات مستمرة من الشركة لوقف التدهور وضبط دفاترها، إلا أنها أعلنت خفوض في الوظائف وإغلاق مصانع.

وكان أحدث تلك الإجراءات، الخطة التي أعلنتها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 تسريح 9 آلاف من العاملين فيها ومحاولة خفض الإنفاق بمليارات عدة من الدولارات، حتى أن الرئيس التنفيذي للشركة ماكوتو يوشيدا أعلن خفض راتبه، وعلى رغم كل تلك المشكلات التي تعانيها “نيسان”، إلا أنها حافظت على معدلات الاستثمار في التطوير والأبحاث، بما يمكن أن يفيد “هوندا” في حالة الاندماج، وتمتلك “نيسان” نسبة أكثر من 26 في المئة من شركة “ميتسوبيشي”، مما يعني إضافة أخرى إلى الكيان الجديد تجعله أكثر كفاءة ومنافسة.

نقلاً عن : اندبندنت عربية