رمى وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال السورية نذير القادري قنبلة في وجه عدد كبير من المعلمين، لكنهم أعادوا رميها باتجاهه، فعلى مدار أيام عدة عمت الساحل السوري في طرطوس واللاذقية تظاهرات للمعلمين وذويهم أمام مديريات التربية منددة بقرار الوزير القاضي بإنهاء تحديد مركز العمل، ومطالبة إياه بالتراجع عنه وبخاصة خلال هذا الوقت الحرج أمنياً واقتصادياً.

رفض القرار

أصدر القادري قراراً جاء فيه “إبلاغ جميع العاملين والمتقاعدين المحدد مركز عملهم بضرورة وضع أنفسهم تحت تصرف مديرياتهم الأصلية، بعد حصولهم على وثيقة قائم على رأس العمل من مديريات التربية وذلك بعد انتهاء اختبارات الفصل الأول للعام الدراسي الحالي، تحت طائلة اعتبارهم بحكم المستقيل وفسخ العقد في حال عدم الالتزام، ما عدا الحاصلين على موافقات لنقلهم وقرارات نقلهم قيد الإنجاز”.

ولتوضيح هذا القرار قالت المدرسة عفاف “خلال الأزمة السورية وقبلها بأعوام قليلة نقل عدد من المدرسين، الذين عُينوا سابقاً في محافظات مختلفة عن محافظاتهم، إلى محافظاتهم الأم بصورة غير رسمية وبطريقة تشبه الانتداب، وسميت آنذاك تحديد مركز عمل، على أن يكون المدرس أتم خمسة إلى سبعة أعوام من خدمته في تلك المحافظات، والآن تريدهم الوزارة أن يعودوا لتلك المراكز الأولى”.

وأتى هذا القرار خلال هذا الوقت كالصاعقة على رؤوس هذه الفئة من المدرسين وغالبيتهم من الساحل السوري في طرطوس وبانياس واللاذقية وجبلة، فما كان منهم إلا أن أجمعوا على التظاهر بأعداد كبيرة أمام مديريات تربيتهم لرفض هذا القرار الذي اعتبروه مجحفاً بحقهم.

اعتصام المدرسين في الساحل

وخلال الاعتصام قال المدرس رامز “ما ذنبنا إن كان إخوتنا في دمشق وريف دمشق وحلب لا يحبون الوظائف لنتشرد ونبتعد من أولادنا، لماذا يريدون إخلاء المدارس من المعلمين وتعريض التلاميذ للجهل، علماً أن رؤساء الدوائر ومشرفي المجمعات والموجهين أبلغوهم أن غالب المدارس ستصبح من دون مدرسين ومعلمين”. أما المدرسة آية فقالت “نناشد وزير التربية بإلغاء قرار إنهاء تحديد مركز العمل لعدم توافر الشواغر وبخاصة المالية في غالب المحافظات، والموافقة على طلبات النقل الموافق عليها وزارياً سابقاً”.

وبينما فقد عدد كبير من المدرسين الأمل كحال المدرسة نور التي عُينت في دمشق خلال بداية عملها عام 2019، فغادرت مدينتها اللاذقية لتستقر خمسة أعوام هناك عادت بعدها إلى اللاذقية تقول “أعتبر نفسي الآن من دون وظيفة فقد استغنيت عنها في ظل هذا القرار المجحف”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ظل هذا الوضع استجاب وزير التربية لمطالب المدرسين، ولكن بشرط وحيد هو إعادة تقديم طلب رسمي بالنقل من المراكز الأولى التي عينوا بها، فانطلق عدد كبير منهم لمعظم المحافظات لتقديم طلباتهم من هناك للعودة إلى محافظاتهم الأساس، ولكن على رغم هذا الإجراء فإن الوزارة تقبل طلب أحدهم وترفض الآخر.

“قرار إنقاذي”

ومن وزارة التربية إلى وزارة التعليم العالي التي أصدرت قرار السماح باستضافة الطلاب ضمن الجامعة الحكومية العامة وفروعها للعام الدراسي الحالي، أي يسمح لها باستضافة الطلاب من جامعة حكومية عامة وفروعها إلى جامعة حكومية عامة أخرى وفروعها وبالعكس، على أن تحقق بعض الشروط مثل أن تتطابق أسماء المقررات التي سيقدمها الطلاب في الكلية الأم بنسبة لا تقل عن 75 في المئة من تلك التي سيقدمها بالجامعة المستضاف فيها، مع تقديم الطالب للمقررات المتماثلة على أن يقدم غير المتماثلة في جامعته الأم وكل ذلك يتم بعد موافقة عميدي الكليتين.

وجاء هذا القرار من وزير التعليم العالي عبدالمنعم عبدالحافظ بعدما أعلن طلاب الجامعات إحجامهم عن تقديم اختباراتهم لهذا الفصل الدراسي، وذلك بسبب الوضع الأمني غير المستقر، والأهم ارتفاع أجور النقل التي تضاعفت بصورة كبيرة، إذ يوجد عدد كبير من الطلاب الذين يسافرون من محافظة إلى أخرى لتقديم اختبار ويعودون في اليوم نفسه إلى مدنهم وقراهم، مما يشكل عبئاً مادياً كبيراً على الطلاب وأهلهم الذين لا يستطيعون تحمل هذه الكلفة.

أجور مرتفعة تلغي الاختبار

وفي هذا السياق قال الطالب أحمد “لابد أن ينظر أحد ما بموضوعنا نحن طلاب الجامعات، إذ إن أجور المواصلات مرتفعة جداً، فالأجرة من حماة إلى حلب 75 ألف ليرة سورية (ما يعادل ثمانية دولارات) وإلى حمص 50 ألفاً (ما يعادل خمسة دولارات)، ومن اللاذقية إلى دمشق 135 ألفاً (نحو 14 دولاراً) من دون أن نحسب الطعام والشراب وثمن المحاضرات التي سنقوم بشرائها، فما حجة شركات النقل التي ترفع الأسعار خلال وقت تقل فيه أسعار المواد المحروقة؟”، وينوه أحمد إلى أن غالب الطلاب يعملون لتأمين متطلبات الدراسة، وهناك كثر ممن هم من المتفوقين الذين لن يستطيعوا السفر لتقديم اختباراتهم.

وعلى رغم قرار وزارة التعليم الذي جاء لمساعدة الطلاب فإن وقت تطبيقه كان قصيراً، فلم يستطع كثير من الطلاب الاستفادة منه وبقي عدد على قرارهم بعدم تقديم اختباراتهم لهذا الفصل الدراسي، على رغم أن عدداً من شركات النقل نشرت عروضاً تنافسية في ما بينها مقدمة للطلاب، فأعلنت إحدى الشركات أنه “تلبية لمناشدات طلاب الجامعات ومن منطلق مسؤوليتنا المجتمعية فقد قررنا خفض التعرفة”، وقد جاء هذا الخفض متبايناً حسب الشركة، وهذا ما وجد فيه بعض الطلبة خياراً لا بد منه في هذه الأوضاع التي تشهدها سوريا.

نقلاً عن : اندبندنت عربية