بعد مرور ثلاثة أعوام ونصف عام على عودة حركة “طالبان” للسلطة في أفغانستان، أصبح الصراع الداخلي بين فصيلي “حقاني” و”قندهار” بارزاً وعلنياً، إذ أكد المتحدث باسم “طالبان” ذبيح الله مجاهد هذه الخلافات ضمنياً في كلمة له بثت مباشرة على منصة “إكس” الإثنين الماضي.
وتأتي تصريحات مجاهد بعد أن ظهرت تقارير تتحدث عن مواجهات دارت بين فصيلي “حقاني” و”قندهار” في العاصمة كابول وعدد من المدن الأفغانية، فضلاً عن رحيل نائب وزير الخارجية عباس ستانكزي من أفغانستان بعد أن صدرت مذكرة اعتقال في حقه، وأقر المتحدث باسم “طالبان” في تصريحاته ضمنياً بوجود خلافات، لكنه قال إن “وجود الاختلافات لا يعني بالضرورة الحرب”.
وأعلن مجاهد أن الأخبار التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول إصابة الملا عبدالغني، شقيق نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في أفغانستان، غير صحيحة، وحض مجاهد المواطنين الأفغان على عدم القلق في شأن الخلافات بين قيادات الحركة.
وقبل أسبوع كان تعرض نائب وزير الخارجية في نظام “طالبان” عباس ستانكزي للتهديد بالاعتقال بعد إلقائه كلمة في مدرسة دينية في مدينة خوست (شرق أفغانستان)، إذ انتقد قرارات الملا هبة الله آخند زاده في شأن تعليم المرأة وتوظيفها في الإدارات الحكومية والخاصة. وذكرت التقارير أن ستانكزي الذي يعتبر حليفاً لشبكة “حقاني” لجأ إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بمساعدة مسؤولي الشبكة في حكومة “طالبان”، وهو موجود حالياً هناك.
وفي الوقت نفسه لم يعد زعيم شبكة “حقاني” ووزير الداخلية في نظام “طالبان” سراج الدين حقاني إلى أفغانستان على رغم مرور أسبوعين من سفره خارج البلاد، ولا يسمح لحقاني الذي ورد اسمه على قائمة مكتب التحقيقات الفدرالي” أف بي آي” والأمم المتحدة كأكثر المطلوبين بسبب تورطه في قتل مواطنين أميركيين واستهداف المدنيين في أفغانستان بالسفر إلى خارج أفغانستان من دون إذن رسمي، ورصدت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يأتي برأسه.
وأعلنت لجنة العقوبات بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي، أن حقاني حصل على تصريح مدته 10 أيام للسفر لأداء فريضة الحج.
وفي الـ21 من يناير (كانون الثاني) الماضي ذكرت وسائل إعلام تابعة لنظام “طالبان” أن سراج الدين حقاني ورئيس جهاز الاستخبارات في “طالبان” عبدالحق وثيق، التقيا رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وهذه الزيارة الثانية التي يقوم بها حقاني إلى السعودية والإمارات.
وعلى رغم أن بيان لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي ذكر أن تصريح السفر لسراج الدين حقاني كان بسبب مشاركته في أداء فريضة الحج، إلا أنه التقى في كلتا الرحلتين إلى السعودية أولاً بمسؤولين من الإمارات في إمارة الشارقة ثم ذهب إلى الحج، وبحسب بيان هذه اللجنة فإن تصريح سفر حقاني ساري المفعول حتى الإثنين الماضي الثالث من فبراير (شباط) الجاري.
وبدأ الخلاف بين “طالبان” لدى عودة الحركة للسلطة وتوزيع المناصب الحكومية، ثم إصدار القرارات في شأن تعليم المرأة وتواصلها مع المجتمع الدولي. وعلى رغم أن الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستاني الجنرال فيض حميد كان حاضراً في كابول أثناء تشكيل حكومة “طالبان” ومساعدتها في تشكيل الحكومة، فإن الخلافات بين الفصيلين الرئيسين ظلت قائمة.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وبعد إجراء مقابلة خاصة مع سراج الدين حقاني، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن زعيم شبكة “حقاني”، باعتباره أحد الشخصيات القوية في صفوف “طالبان” ولديه طموحات كبيرة لاتخاذ القرارات الرئيسة، يحاول إزاحة الملا هبة الله آخند زاده من خلال جذب الدعم الأجنبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” في تقريره أن حقاني يعمل على فتح المدارس والجامعات والإدارات أمام الفتيات والنساء الأفغانيات، وأنه يعارض قرارات الملا آخند زاده في هذا الخصوص.
وبطبيعة الحال لم يدعم سراج الدين حقاني علناً حق النساء والفتيات في التعليم والتوظيف، وأكد، في أكثر من مناسبة، ضرورة اتباع قرارات زعيم “طالبان”، لكن السبت الماضي نشر مقطع فيديو لنائب وزير الداخلية والشخصية الرئيسة في شبكة “حقاني” محمد نبي عمري في وسائل التواصل الاجتماعي، وكان يتحدث فيه عن ضرورة رفع القيود التعليمية عن الفتيات والنساء الأفغانيات. وقال عمري في هذا المقطع “الله يهدينا، وبما أن العلوم الدينية مجانية، فلا بد أن تكون العلوم الحديثة مجانية أيضاً”. وخلال حديثه عن ضرورة حرية التعليم، لم يتمالك نفسه وانفجر بالبكاء، وتوقف عن متابعة الحديث لبضع ثوان.
وقبل هذه الانقسامات، لم تكن هناك أية معارضة علنية لقرارات زعيم “طالبان”، إلا أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها كل من عباس ستانكزي ومحمد نبي عمري، سلطت الضوء على الانقسامات بين قادة الحركة.
وينتمي معظم قادة شبكة “حقاني” إلى قبيلة “زدران”، وهي فرع من قبيلة “البشتون” التي تشكل قاعدتها الاجتماعية ومجال نفوذها في المقاطعات ذات الغالبية “البشتونية” في شرق أفغانستان. وكان جلال الدين حقاني زعيماً “جهادياً” قاتل ضد الجيش السوفياتي في أفغانستان، وبعد تأسيس حركة “طالبان” أثناء الحرب الأهلية في أفغانستان، أعلن ولاءه للملا عمر وأصبح في ما بعد نائباً للحركة.
وأما جناح فصيل “قندهار” الذي ينتمي معظم قادته إلى قبيلة “دراني”، فيعتبرون أنفسهم المؤسسين الرئيسين لحركة “طالبان”، لأن الملا عمر مؤسس هذه الحركة من مواليد قندهار. كما أن الملا أختر محمد منصور الزعيم السابق، والملا هبة الله آخند زاده الزعيم الحالي للحركة، من مواليد إقليم قندهار.
نقلاً عن “اندبندنت فارسية”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية