حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك اليوم الجمعة من تفاقم الأزمة في شرق الكونغو، قائلاً إن الأسوأ ربما لم يأت بعد، وإنه يتوقع زيادة في العنف الجنسي بما يشمل الاغتصاب والاسترقاق الجنسي.
وأدلى تورك بتعليقاته خلال اجتماع طارئ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، دعت إليه الكونغو للتحقيق في انتهاكات جسيمة تلقي باللوم فيها على مسلحي حركة 23 مارس المدعومة من رواندا، والتي استولت على مدينة جوما.
وقال تورك في قاعة مكتظة بالدبلوماسيين وجماعات حقوق الإنسان في جنيف “إذا لم يتم فعل أي شيء، فالأسوأ لم يأت بعد بالنسبة إلى شعب شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأيضاً خارج حدود البلاد، يتعين على كل من لديه نفوذ أن يتحرك بصورة عاجلة لإنهاء هذا الوضع المأسوي”.
وأضاف تورك أنه “يشعر بالفزع” من تقارير متعددة عن وقوع اغتصاب واغتصاب جماعي واسترقاق جنسي. وقال “من المرجح أن يزداد الأمر سوءاً في الظروف الحالية”.
هجوم وشيك
ورفض مبعوث رواندا لدى الأمم المتحدة الاتهامات بمسؤولية بلاده، قائلاً إن لديه أدلة على أن الكونغو تخطط لهجوم وشيك واسع النطاق على رواندا.
وقال مبعوث كيجالي لدى الأمم المتحدة في جنيف جيمس نجانجو خلال اجتماع طارئ لمجلس حقوق الإنسان “نعارض بصورة قاطعة محاولات جمهورية الكونغو الديمقراطية تحميل رواندا المسؤولية عن عدم الاستقرار شرق الكونغو”.
وأضاف “لكن الواضح أن الوضع الحالي يشكل تهديداً وشيكاً لرواندا. بعد سقوط جوما، ظهرت أدلة جديدة في شأن هجوم وشيك واسع النطاق على رواندا”. وقال إن هناك كثيرً من الأسلحة حول مطار جوما.
ونددت عشرات الدول في الاجتماع بانتهاكات حقوق الإنسان في الكونغو، بما في ذلك عدد من الدول الأفريقية. وتركت واشنطن، التي كانت عضواً في مجلس حقوق الإنسان، مقعدها فارغاً بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترمب انسحاب الولايات المتحدة من المجلس.
وقدمت الكونغو الديمقراطية اقتراحاً يسعى إلى إنشاء بعثة تقصي حقائق تابعة للأمم المتحدة، تقدم تقريراً كاملاً عن الانتهاكات شرق البلاد بحلول سبتمبر (أيلول) 2025.
ووافق المجلس على الاقتراح بالإجماع اليوم. وأظهرت مذكرة داخلية للأمم المتحدة في شأن المفاوضات أن رواندا كانت الصوت المعارض الوحيد.
وفي حين أن المجلس ليس له سلطة ملزمة قانوناً، فإن مناقشاته لها ثقل سياسي ويمكن أن يؤدي التدقيق إلى زيادة الضغوط العالمية على الحكومات. وفي بعض الأحيان، يمكن أن تؤدي التحقيقات التي يفرضها المجلس إلى ملاحقات بتهم ارتكاب جرائم حرب في محاكم دولية.
قمة استثنائية
ومن المقرر أن يحضر الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي ونظيره الرواندي بول كاغامي قمة إقليمية استثنائية في دار السلام بتنزانيا غداً السبت، تجمع بين مجموعة شرق أفريقيا ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال وزير الخارجية الكيني موساليا مودافادي في بيان اليوم على هامش اجتماع على المستوى الوزاري في القمة “لدينا فرصة ذهبية، نحن مجموعة شرق أفريقيا ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي، لمساعدة شعب جمهورية الكونغو الديمقراطية”.
ودعا الوزير إلى دمج عمليتي السلام اللتين بدأتهما كينيا وأنغولا.
وشهد النزاع المستمر منذ أكثر من ثلاثة أعوام تطورات سريعة خلال الأسابيع الأخيرة، بلغت ذروتها مع سيطرة حركة إم 23 (23 مارس) مدعومة من قوات رواندية أخيراً على مدينة غوما عاصمة مقاطعة شمال كيفو.
وأصبحت مقاطعة جنوب كيفو المجاورة في مرمى نيران الحركة المسلحة المتمردة والقوات الرواندية التي تواجه الجيش الكونغولي المعروف بضعف تدريبه وتفشي الفساد في صفوفه.
اشتباكات ومخاوف
وذكرت مصادر أمنية ومحلية أن اشتباكات اندلعت اليوم على بعد أقل من 70 كيلومتراً من بوكافو عاصمة مقاطعة جنوب كيفو.
وفي بوكافو التي يقطنها مليون نسمة يتوجس السكان الخائفون من الهجوم، ويحاول بعضهم الفرار باتجاه الحدود الرواندية.
وقال مصدر محلي لوكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم كشف هويته “بدأنا نلاحظ حالاً من التوتر، تقوم بعض المتاجر الكبيرة بتحصين نفسها بلحم صفائح معدنية، وتعمل على إفراغ بضائعها ووضعها في مكان آمن” خوفاً من النهب.
وتابع “الحدود مع رواندا مفتوحة، ولكن من غير الممكن عبورها تقريباً، نظراً إلى عدد الأشخاص الذين يحاولون العبور”، مضيفاً “إنها فوضى عارمة”.
وظل البنك الرئيس في المدينة مغلقاً اليوم مما أدى إلى تدافع وتجمعات طوابير أمام فروع البنوك الأخرى. وأعلنت عدة مدارس وجامعات تعليق الدراسة اليوم “نظراً إلى الوضع الأمني السائد في محيط المدينة”.
وقالت إحدى سكان المدينة أليس بيكوبانغا باغارامبا لوكالة الصحافة الفرنسية “علمنا أن حركة إم 23 قد تصل إلى هنا اليوم، واضطررت إلى المجيء لتسلم طفلي بعد المدرسة والعودة به إلى المنزل”.
وتتهم كينشاسا كيغالي بالسعي إلى نهب الموارد الطبيعية شرق الكونغو الديمقراطية. وتنفي رواندا ذلك قائلة إنها تريد القضاء على جماعات مسلحة معارضة تنشط في البلد المجاور، ولا سيما تلك التي أسسها زعماء من الهوتو شاركوا في ارتكاب الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا عام 1994.
نقلاً عن : اندبندنت عربية