أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه يريد من أوكرانيا دفع ثمن الدعم المالي والعسكري الذي تتلقاه من خلال منح واشنطن حق الوصول إلى ثرواتها الهائلة من المعادن الأرضية النادرة، التي لم تستغل بعد.
وفي هذا الصدد، قال يوم الإثنين الماضي إنه يريد “تسوية” من أوكرانيا مقابل ما قدمته الولايات المتحدة من دعم يقدر بنحو 300 مليار دولار.
وأضاف ترمب “نقول لأوكرانيا إن لديها معادن نادرة قيمة للغاية… نحن نسعى إلى إبرام صفقة معها، يضمنون من خلالها قيمة ما نعطيهم إياه من خلال معادنهم الأرضية النادرة وغيرها من الموارد”.
وسارعت سلطات الكرملين في الرد على هذه التعليقات، مؤكدة أنها خير إثبات على أن الولايات المتحدة لم تعد مستعدة لتقديم مساعدات مجانية لكييف، قبل أن تضيف، وليس بالأمر المفاجئ، أنها تعترض تماماً على أية مساعدات من شأن ترمب أن يقدمها لأوكرانيا.
وفي ما يلي، سنستعرض أماكن وجود هذه الموارد داخل أوكرانيا، ولماذا واجهت كييف صعوبة في استخراجها.
تحوي أوكرانيا بعضاً من أكبر مخزونات المعادن الاستراتيجية داخل أوروبا، بما في ذلك الليثيوم والتيتانيوم، ولا يزال جزء كبير منها غير مستغل.
ومنذ أعوام، يسعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى تطوير هذه الموارد التي تثمن بأكثر من 12 تريليون جنيه استرليني (14.88 تريليون دولار أميركي)، وفق أرقام “فوربس أوكرانيا”.
وخلال عام 2021، قدم زيلينسكي إعفاءات ضريبية وحقوقاً استثمارية للمستثمرين الأجانب بهدف تشجيعهم على استخراج هذه المعادن، بيد أن جهوده توقفت مع انطلاق الغزو الشامل للبلاد خلال العام التالي.
وتوقع زيلينسكي أن يهتم ترمب بهذا الموضوع، نظراً إلى الشغف المعروف لهذا الأخير بالصفقات، فأدرج استخراج المعادن ضمن خطة النصر التي وضعها لأوكرانيا العام الماضي.
وتعد هذه المعادن أساساً لإنتاج السيارات الكهربائية ولجهود الطاقة النظيفة الأخرى، وكذلك في الصناعات الدفاعية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير تقديرات مستندة إلى وثائق حكومية إلى أن موارد أوكرانيا تتميز أيضاً بتنوعها الكبير. وفي سياق متصل، وجدت مجلة “فورين بوليسي” أن أوكرانيا لديها “مخزونات تجارية قابلة للاستغلال، تضم ما بين 117 و120 نوعاً من المعادن الصناعية الأكثر استخداماً، على امتداد أكثر من 8700 منجم كانت مشمولة في عمليات مسح”.
وضمن هذه المعادن يوجد نصف مليون طن من الليثيوم، لم يُستخرج أي جزء منها، مما يجعل أوكرانيا أكبر مصدر لمعدن الليثيوم في أوروبا.
ومن غير المفاجئ أن يبدي ترمب اهتماماً باستغلال هذه الموارد، لا سيما على ضوء الدور البارز الذي تؤديه الصين في مجال استخراج معادن مثل التيتانيوم.
بيد أن انعكاسات غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا لم تقتصر على تأخير خطط البلاد في مجال استخراج هذه المعادن، بل تجاوزت ذلك مع تدمير ثم احتلال جزء كبير من المناطق الثرية بهذه المعادن.
والحال أن موارد معدنية أوكرانية بقيمة تزيد على 6 تريليونات جنيه استرليني (7.44 تريليون دولار أميركي)، أي ما يعادل نحو 53 في المئة من إجمال موارد الثروات المعدنية في البلاد، تتمركز داخل أربع مناطق ضمها بوتين بطريقة غير مشروعة خلال سبتمبر (أيلول) 2022، والتي تحتل قواته حيزاً كبيراً منها.
ويشمل ذلك مناطق لوغانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون، علماً أن خيرسون تكاد تفتقر لأية أهمية في مجال استخراج المعادن.
كما أن شبه جزيرة القرم التي ضمها واحتلها جيش بوتين عام 2014، تحوي ما يعادل نحو 165 مليار جنيه استرليني من المعادن.
أما منطقة دنيبروبتروفسك التي تحد المناطق المحتلة بصورة كبيرة في دونيتسك وزابوريجيا، وتقع في مواجهة جيش روسي متقدم، فتحوي 2.8 تريليون جنيه استرليني إضافية من الموارد المعدنية.
ومن المرجح أن تعوق الصعوبات التي تواجهها روسيا في عملياتها العسكرية الكبرى أية محاولة جادة للسيطرة على المنطقة، ولكن عمليات التعدين في المنطقة ستكون محفوفة بالأخطار بسبب قرب جنود موسكو.
وفي الختام، لا بد من التذكير بأن مناجم أخرى تقع في أماكن خاضعة لسيطرة القوات الروسية، بما يشمل مثلاً منجم ليثيوم يقع على مشارف قريبة شيفشينكو في مقاطعة دونيتسك، على مسافة أقل من 10 أميال (نحو 16 كيلومتراً) من بلدة فيليكا نوفوسيلكا التي استولت عليها قوات بوتين منذ وقت ليس بعيداً.
نقلاً عن : اندبندنت عربية