بالنسبة إلى وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، فإن العائد على الديون الحكومية لمدة 10 أعوام هو المقياس الرئيس لهدف الرئيس دونالد ترمب المتمثل في الحصول على أسعار فائدة أقل، لكن بعد مرور ثلاثة أسابيع على ولايته الثانية، لا توجد توقعات كبيرة بأن يتراجع أكثر في أي وقت قريب.
ارتفعت العائدات مرة أخرى الجمعة الماضي، بعدما أظهر تقرير الوظائف الشهري أن الشركات وسعت قوائم الرواتب في يناير (كانون الثاني) الماضي بوتيرة قوية، وارتفعت الأرباح بصورة أسرع من المتوقع، ويبدو أن الأميركيين يستعدون لرسوم ترمب الجمركية التي سترفع كلفة السلع، إذ يتوقع المستهلكون أن يقفز معدل التضخم إلى أكثر من أربعة في المئة على مدى العام المقبل، وفقاً لمسح جامعة “ميشيغان”، وهو أكثر من ضعف هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي.
ويتوقع متداولو السندات أن تظل العائدات مرتفعة – ومحدودة بالنطاق – حتى يتوفر قدر أكبر من الوضوح في شأن الاتجاه الذي يصبو إليه الاقتصاد، وفي مذكرة بحثية لـ”جيه بي مورغان” قالت مديرة محفظة إدارة الأصول بريا ميسرا “يشير تقرير الوظائف إلى سوق عمل مرنة، لذا لا يوجد ضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة. انخفض العائد القياسي لسندات الخزانة لمدة 10 أعوام – وهو خط الأساس الرئيس للقروض الاستهلاكية والشركات الذي يعتمد بصورة كبيرة على التوقعات الطويلة الأجل – من ذروته في أوائل يناير الماضي”.
مع ذلك لا يزال أعلى بنحو نقطة مئوية كاملة مما كان عليه في منتصف سبتمبر (أيلول) 2024، بعدما بدأ المتداولون في الاستعداد للرسوم الجمركية وتخفيضات الضرائب وارتفاع الدين الوطني للضغط على أسعار سندات الخزانة.
ومع استمرار ارتفاع التضخم بعناد واستمرار الاقتصاد في التباطؤ، أوقف بنك الاحتياطي الفيدرالي تخفيضات أسعار الفائدة الشهر الماضي، ويضع تجار العقود الآجلة في الحسبان أنه من المرجح أن يظل ثابتاً حتى سبتمبر المقبل.
وفي هذا الأسبوع سينتقل التركيز إلى المزادات الجديدة لسندات الخزانة الأميركية لأجل 10 و30 عاماً كمقياس للطلب في السوق، فضلاً عن شهادة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام الكونغرس الثلاثاء والأربعاء من هذا الأسبوع، وستصدر وزارة العمل قراءة مؤشر أسعار المستهلك الأربعاء، ومن المرجح أن تظهر البيانات الجديدة أن الأسعار ارتفعت بمعدل 2.9 في المئة في يناير الماضي مقارنة بالعام السابق.
فرص ترويض التضخم تتضاءل
في ظل حال عدم اليقين الاقتصادي بسبب التوترات الجيوسياسية والرسوم الجمركية التي يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرضها على كثير من الشركاء التجاريين لبلاده، عدل بنك “مورغان ستانلي” توقعاته لوتيرة خفض “الاحتياطي الفيدرالي” الفائدة هذا العام، وفي ظل حال عدم اليقين السائدة في شأن الرسوم الجمركية.
وتوقع بنك “مورغان ستانلي” خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط في 2025، بعدما كان يتوقع في السابق خفضها مرتين بالقدر نفسه في مارس (آذار) ويونيو (حزيران) المقبلين، وذلك لأن سياسة التعريفات الجمركية التي ينتهجها دونالد ترمب قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم وزيادة الضغط على البنك المركزي في ظل سعيه إلى السيطرة على الضغوط التضخمية المستمرة.
وأوضح محللو البنك أنه حتى إذا جرى تجنب التعريفات الجمركية، فإن حال عدم اليقين في شأن تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي ستظل مرتفعة، وبذلك ينضم “مورغان ستانلي” لكل من “ماكوراي” و”باركليز” في توقع خفض الفائدة 25 نقطة أساس فقط هذا العام، في حين لا يزال يتوقع كل من “غولدمان ساكس” و”ويلز فارغو” خفضها مرتين.
في السياق يرى البنك الاستثمار الأميركي أنه يتعين على المستثمرين التخارج من قطاع الأسهم التكنولوجية في آسيا وجني الأرباح في ظل الأخطار التجارية الحالية، وتصاعد تقييمات الشركات، وعدم وجود احتمالات على ارتفاع أرباحها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المحللون إن القطاع التكنولوجي في آسيا عرضة للانخفاض بنحو 20 في المئة على المدى القريب حال حدوث تصعيد جديد في الحرب التجارية، أو زيادة الرسوم الجمركية على رقائق الحاسوب.
ويرى المحللون أن التوقعات الحالية في شأن أرباح القطاع في آسيا مرتفعة للغاية، ويفضلون التعرض لأسهم قطاعي الإنترنت وأشباه الموصلات في الصين على الاستثمار في أسهم الرقائق العالمية.
سياسات ترمب تفاقم حال عدم اليقين
وفي تصريحات حديثة، قال رئيس بنك الاحتياط في شيكاغو أوستن جولسبي، إنه ينبغي على “الفيدرالي” توخي الحذر عند مواصلة خفض أسعار الفائدة بسبب تصاعد حال انعدام اليقين المرتبطة بسياسات إدارة دونالد ترمب.
وقال إنه بات واجباً على صناع السياسات أن يكونوا أكثر حذراً وحكمة في شأن وتيرة خفض الفائدة لأن هناك احتمالاً على أن التضخم على وشك الارتفاع مرة أخرى، وأكد أن تقييم “الفيدرالي” الآثار المتوقعة للتعريفات الجمركية لن يكون مهمة يسيرة، إذ سيكون من الصعب التفرقة بين ما إذا كان ارتفاع التضخم بسبب تسارع النشاط الاقتصادي أم لحدث عارض نتيجة تصعيد في الحرب التجارية.
وعزز بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا من توقعاته لنمو اقتصاد الولايات المتحدة خلال الربع الأول من عام 2025، مع ارتفاع توقعات نمو الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار الخاص، ورجح البنك في تقرير حديث نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المعدل موسمياً بنسبة 3.9 في المئة.
وأظهر التقرير أن المراجعة الصعودية لنمو اقتصاد الولايات المتحدة جاءت بعد تعديل توقعات نمو نفقات الاستهلاك الشخصي والاستثمار الخاص إلى زيادة بنسبة 4.1 في المئة و6.5 في المئة، من ثلاثة في المئة و4.8 في المئة على التوالي.
يأتي ذلك بعدما أظهرت بيانات معهد إدارة التوريد ارتفاع مؤشر مديري المشتريات الصناعي إلى 50.9 نقطة في يناير، من 49.2 نقطة في ديسمبر (كانون الأول) 2024، لينمو النشاط الاقتصادي في قطاع التصنيع بعد 26 شهراً متتالياً من الانكماش.
ويعد معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي يقيسه مكتب التحليل الاقتصادي الأميركي مقياساً رئيساً لوتيرة النشاط الاقتصادي، وهو أحد المتغيرات الأربعة المدرجة في التوقعات الاقتصادية لأعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
نقلاً عن : اندبندنت عربية