كشفت “اندبندنت” أن لجوء عصابات مقنعة لاستخدام دراجات كهربائية تصل سرعتها إلى 70 ميلاً في الساعة (113 كيلومتراً) أسهم في حصول طفرة في سرقات الهواتف المحمولة، مع تسجيل أكثر من 225 حادثة سطو يومياً في جميع أنحاء المملكة المتحدة.

وتظهر البيانات التي حصل عليها بموجب طلبات “حرية المعلومات” Freedom of Information عن تسجيل ما لا يقل عن 38900 حادثة سرقة هواتف خلال الأشهر الـ12 حتى يوليو (تموز) من العام الماضي، أي ما يقارب ضعف عدد الحوادث المسجلة في الفترة نفسها قبل خمسة أعوام، والذي كان يبلغ بحسب سجلات الشرطة 45800 حادثة.

وتعد العاصمة لندن بؤرة هذه الموجة المتصاعدة، إذ ارتفعت سرقات الهواتف فيها إلى 65600 حالة العام الماضي، أي أكثر من ضعف العدد المسجل قبل خمسة أعوام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكدت قوى الشرطة لـ”اندبندنت” أنها تخوض معركة مستمرة ضد شبكات الجريمة المنظمة، التي تستخدم راكبي الدراجات الإلكترونية لاستهداف المناطق المزدحمة بالمشاة، إذ يقوم هؤلاء بانتزاع هواتف محمولة قيمة الجهاز منها 1500 جنيه استرليني (1860 دولاراً أميركياً)، من ضحايا غير مدركين أنهم مستهدفون.

وفي سياق متصل، تعهدت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر برد صارم من خلال اتخاذ إجراءات حازمة لاستعادة السلامة العامة، وقالت إنه “من غير المقبول على الإطلاق أن يشعر الناس بعدم الأمان أثناء سيرهم في الشوارع”. وأعلنت الخميس الماضي عن إعطاء قوى الشرطة صلاحيات إضافية للتصدي للصوص الهواتف.

وتحدثت وزيرة الداخلية أثناء ترؤسها قمة حول سرقة الهواتف الذكية، عن وضع حكومتها خططاً لتكثيف عمليات إنفاذ القانون والجهود الموجهة لمعالجة هذه المسألة، داعية شركات التكنولوجيا العملاقة مثل “أبل” و”غوغل” و”سامسونغ”، إلى تعزيز ميزات الأمان في أجهزتها المحمولة.

وقالت “لقد ارتفعت سرقات الهواتف النقالة في الأعوام الأخيرة، وغالباً ما تقف وراءها جماعات الجريمة المنظمة، مما جعل شوارعنا تبدو أقل أماناً. إن هذا الوضع يجب أن يتغير”.

وتكشف بيانات حصلت عليها “اندبندنت” من 29 قوة لإنفاذ القانون في المملكة المتحدة، أن “شرطة العاصمة البريطانية” تعاملت مع أكثر من ثلاثة أرباع حوادث سرقات الهواتف المحمولة العام الماضي بواقع 64224 حالة، تلتها “شرطة كينت” Kent Police بواقع 1722 حادثة، بينما سجلت “شرطة ساوث يوركشير” South Yorkshire Police 1577 حادثة، و”شرطة لانكشير” Lancashire Police 1467 حادثة.

وأبلغت “شرطة إيسيكس” Essex Police عن 1833 سرقة، فيما أفادت “شرطة ويست يوركشير” عن تسجيل 1256 سرقة. أما “شرطة وسط لندن” City of London Police – التي تغطي وسط العاصمة البريطانية – فسجلت 1314 حادثة سرقة. وأفادت “شرطة نوتينغهامشير” Nottinghamshire Police عن 1115 حادثة، فيما ذكرت “شرطة بيدفوردشير” أن 1022 حادثة سرقة هواتف وقعت ضمن نطاق عملها.

الوضع في المناطق الريفية البريطانية مثل كامبريا وغلوسترشير على سبيل المثال، هو في الغالب أقل سوءاً بحسب ما أكدت قوى الشرطة فيها، التي ذكرت أنه سجل 210 حوادث و34 حادثة على التوالي.

وفي المقابل، سجلت “شرطة العاصمة البريطانية” و”شرطة وسط لندن” 12466 عملية سرقة متعلقة بالهواتف المحمولة مثل السطو، وذلك في فترة الـ12 شهراً المنتهية خلال يوليو 2024، أي بزيادة عن الرقم المسجل قبل خمسة أعوام والذي كان 11882 حادثة.

وفي حادثة وقعت صباح الخميس الماضي قبضت قوى الأمن داخل ضاحية سميثفيلد في لندن [وهي منطقة تاريخية فيها كنائس وقاعات للمناسبات وسوق لبيع اللحوم بالجملة] على لص مشتبه فيه كان يركب دراجة إلكترونية من طراز “صر رون” Sur-Ron، ليكتشف عناصرها أنه كان بحوزته ما لا يقل عن ثمانية هواتف محمولة قام بسرقتها.

وخلال العام الماضي تعرض كريستوفر براماه كالفيرت لسرقة هاتفه “آيفون 13” على يد لص كان يركب دراجة إلكترونية، وذلك خارج إحدى صالات الألعاب الرياضية في شارع “هاي هولبورن” وسط العاصمة البريطانية. وبعد فترة، تمكن كالفيرت الذي يعمل في منطقة المال والأعمال في لندن – وهو أحد الذين شاركوا تجاربهم في محاولة لرفع مستوى الوعي بهذه الظاهرة – من تتبع جهازه المسروق ليكتشف أنه أصبح في الصين. لكن السارق أرسل إليه فيديو هدده فيه، وطالبه بوقف عملية التتبع من طريق فصل الهاتف عن حساب “أبل” الخاص به.

من بين الضحايا الآخرين العضو في البرلمان عن حزب “العمال” كريس ويب الذي سرق هاتفه في عملية سطو أثناء عودته إلى شقته في لندن، وكذلك امرأة تمكنت من استعادة جهازها بعد تعقب اثنين من الأشخاص المشتبه فيهم في شمال لندن.

وكانت “شرطة العاصمة البريطانية” أعلنت الأربعاء الماضي عن ضبط ألف جهاز هاتف مسروق، واعتقال 230 فرداً في أسبوع واحد فحسب، وذلك إثر تكثيف جهودها لمكافحة “تجارة الهواتف المسروقة التي تبلغ قيمتها نحو 50 مليون جنيه استرليني (62 مليون دولار) سنوياً”. وعملت “شرطة مدينة لندن” من جانبها على نشر فرق من عناصر تابعة لها بملابس مدنية، لاعتقال المجرمين.

وفي حادثة بارزة العام الماضي، تمكنت “شرطة وسط لندن” من اعتقال أحد اللصوص الذي قام بسرقة 24 هاتفاً محمولاً في وسط لندن.

ولفت المفتش في الشرطة دان غرين إلى أن الاستخدام المتزايد للدراجات الإلكترونية بصورة غير قانونية (تمنع في بعض الشوارع والأحياء بموجب قيود محددة للسرعة) يعقد جهود قوى إنفاذ القانون. وقامت قوة “شرطة وسط لندن” بمصادرة أكثر من 400 دراجة إلكترونية خلال الأشهر الـ18 الماضية – في رقم هو الأعلى مقارنة بقوى الأمن الأخرى في أنحاء البلاد.

وقال غرين لـ”اندبندنت”، “يمكن للدراجات الإلكترونية أن تصل سرعتها إلى 50 أو 60 أو حتى 70 ميلاً (80 أو97 أو 113 كيلومتراً) في الساعة، على رغم أنها بحجم الدراجة الجبلية تقريباً. وهي تتمتع برشاقة عالية إلى حد أننا في بعض الأحيان لا نستطيع مطاردة بعضها واعتقال راكبيها”.

ويتابع المفتش غرين وصف حوادث السرقة قائلاً “يتم السطو على هاتف (الضحية) الذي تطغى عليه بضع لحظات من الارتباك – وتتساءل الضحية ’ماذا حدث للتو؟‘ – ويكون الجاني توارى عندها بسرعة عن الأنظار، وذلك في تحول واضح (لجهة السرعة والكفاءة) في طرق تنفيذ هذه السرقات”.

ويشير المسؤول في جهاز الشرطة إلى أن اللصوص يعملون ضمن مجموعات الجريمة المنظمة التي تستخدم فرقاً من راكبي الدراجات الإلكترونية لاستهداف وسط لندن، باعتباره “منطقة رئيسة” لسرقة كثير من الهواتف النقالة بصورة يومية.

ويضيف المفتش دان غرين “أينما ذهبت في لندن، سترى أناساً يستخدمون هواتفهم. وفي رأيي أن اللصوص يستغلون الفرص، فإذا ما تمكنوا من سلب ثلاثة أو أربعة هواتف، فهذا يعني كسب مبلغ كبير من المال”.

وأوضح الضابط المسؤول في “شرطة مدينة لندن” أن المجرمين يسعون في المقام الأول إلى استهداف الهواتف الذكية الحديثة مثل “آيفون 14” و”آيفون 16″، بينما يتخلصون بعد لحظات من عملية السطو من الأجهزة إذا تبين أنها قديمة.

ويشار إلى أنه لدى تعقب الهواتف المسروقة، لاحظت الشرطة البريطانية وصول تلك الأجهزة إلى مواقع بعيدة مثل شمال أفريقيا ودبي وشينجن في جنوب الصين. ويقول الخبراء إن الأجهزة المسلوبة ترسل في غالبيتها إلى هذه المدينة الصينية التي تعد موطن أكبر سوق للإلكترونيات في العالم، لتتم إما إعادة بيعها أو تفكيكها لاستخدام قطعها في أجهزة أخرى.

ويقول المفتش غرين إنه فيما يتعاون فريقه مع “شرطة العاصمة البريطانية” على مكافحة عصابات سرقة الهواتف، يتعين أيضاً على شركات التكنولوجيا اتخاذ خطوات فعلية من جانبها، كعرض رمز “الهوية الدولية للمعدات المتنقلة” (IMEI) International Mobile Equipment Identifier – الفريد والمكون من 15 رقماً – على شاشة الهاتف أثناء إقفاله، ما يساعد في تتبع الأجهزة وتحديد هوية مالكها.

وختم غرين بدعوة الأفراد أيضاً إلى توخي الحذر عند استخدام هواتفهم أثناء السير في وسط لندن. وقال “نحن نواجه تحدياً كبيراً في هذا الإطار، لكننا نأمل في أن نتمكن معاً – من خلال شراكات فعالة مع قوى الشرطة والدعم الذي يقدمه الجمهور – من تفكيك هذه العصابات والقضاء عليها”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية