أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الإسلام تستند إلى التكامل والتعاون والتعاضد، حيث يحدد الدين طبيعة هذه العلاقة لتحقيق التوازن بين شؤون الدين والدنيا.

وفي حوار له مع الدكتور عاصم عبد القادر في برنامج “مع المفتي” الذي يُبث على قناة الناس، أشار مفتي الديار المصرية إلى أن هذه العلاقة متكاملة، مما يدل على أن الدين ليس بمعزل عن واقع الحياة أو شؤون الدنيا، موضحا أن الدين ينظم أطر العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبين الراعي والرعية.

وأضاف أن الحكم في الإسلام يُعتبر مسؤولية تتعلق بإدارة شؤون الدين والدنيا، حيث يسعى الحاكم لتحقيق التوازن بين الجانبين، مشيرا إلى أن أصحاب النبي ﷺ كانوا حريصين على الجمع بين هذين الجانبين، مستشهدًا بمقولة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “والذي نفسي بيده، لو عثرت دابة في بغداد، لخشيت أن أسأل عنها: لماذا لم تمهد لها الطريق؟”.

وتابع الدكتور عياد بأن العلاقة بين الحاكم والمحكوم هي علاقة تكامل وتعاون، حيث قال النبي ﷺ: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”، مما يدل على أن هذه العلاقة تتعلق بالتكليف والأمانة، مؤكدا على أهمية التزام الرعية بحقوقها وواجباتها، مشددًا على أن الاقتصار على الجانب الديني دون الدنيوي قد يؤدي إلى العزلة وعدم القيام بعمارة الأرض.

وأشار إلى أن التركيز على الجانب المادي فقط قد يؤدي إلى فساد القلب وموت الروح، مما ينتج عنه سلوكيات غير متوافقة مع الدين، لافتا إلى أن الدين هو الميزان الذي يقود الإنسان نحو التوازن والاعتدال، لتحقيق الخير للفرد والمجتمع.

ونوه إلى أن الإنسان في صراع دائم مع نفسه ومع الآخرين، وأن وجود دستور إلهي يحكم العلاقات بين الأفراد والمجتمعات هو أمر ضروري، مؤكدا أن القوانين الإلهية، إلى جانب الدساتير الوضعية، تضمن تحقيق العدالة والاستقرار.

وأوضح أن الدين هو المعاملة، ويظهر أثره في سلوك الأفراد، مشددًا على أن التدين الحقيقي يدفع الإنسان لتحمل المسؤولية تجاه أسرته ومجتمعه، مشيرا إلى أن العبادة في المساجد لا قيمة لها إذا لم تؤثر في سلوك الفرد، مستشهدًا بآيات من القرآن الكريم.

وأردف أن العلاقة في الإسلام واضحة، حيث يجب على المؤمن أن يجعل من عمله في الدنيا وسيلة لنيل رضا الله، وليس مجرد سعي مادي منفصل عن القيم الروحية.

 وأكد أن النبي ﷺ كان نموذجًا في تحقيق التوازن بين العبادات والعمل في الدنيا، بما يتماشى مع مفهوم الاستخلاف وإعمار الأرض وفق القيم والمبادئ التي تحافظ على التوازن بين الدنيا والآخرة.

ونوه إلى أن الإنسان في صراع دائم مع نفسه ومع أخيه الإنسان، بل ومع قوى الطبيعة، ما لم يكن هناك دستور إلهي يحكم العلاقة بين الأفراد والمجتمعات، مشيرًا إلى أن القوانين الإلهية، جنبًا إلى جنب مع الدساتير الوضعية، تضمن تحقيق العدالة والاستقرار، وإلا فإن البديل هو مجتمع الغاب، حيث تنهار القيم وتختفي المبادئ.  

وأوضح، أن الدين هو المعاملة، وهو الذي يُظهر أثره في سلوك الأفراد، سواء في أقوالهم أو أفعالهم أو في تجارتهم وأعمالهم، موضحًا أن التدين الحقيقي يدفع الإنسان إلى استشعار المسؤولية تجاه أسرته ومجتمعه، إذ أن التقصير في أداء الحقوق يؤدّي إلى ضياع الأسر وفساد المجتمعات.  

وأشار الدكتور نظير عياد، العبادة في المساجد لاقيمة لها دون أن يكون لها أثر في سلوك الفرد، مستشهدًا بقول الله تعالى: “قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون”، مؤكدًا أن الإسلام يربط بين الأمور الدينية والدنيوية، حيث يجب على المؤمن أن يجعل من عمله في الدنيا وسيلةً لنيل رضا الله، وليس مجرد سعي مادي منفصل عن القيم الروحية.  

وأردف: ” العلاقة في المنظور الإسلامي واضحة، فالمؤمن مطالب بأن يجعل من أمره الدنيوي أمرًا دينيًا، لأن الإسلام لا يفصل بينهما، بل يجعلهما متكاملين. ولهذا، ذمَّ الله تعالى من يطلب الدنيا فقط، فقالوَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۝ وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، ولهذا، كان النبي ﷺ حريصًا جدًا على تحقيق هذا التوازن، فكان النموذج الأمثل في الجمع بين العبادات وبين العمل والسعي في الدنيا، تحقيقًا لمفهوم الاستخلاف الذي يقوم على إعمار الأرض، وفق القيم والمبادئ التي تحفظ التوازن بين الدنيا والآخرة”.

نقلاً عن : الوفد